صدر للقاص سعيد أحباط مجموعة قصصية جديدة موسومة ب»لا أرى وجوها» ضمن سلسلة الكتاب الأول تحمل رقم 70 عن منشورات وزارة الثقافة. تقع المجموعة في 106 صفحة، وتضم 33 نصا قصصيا. المجموعة تزينها لوحة للفنان والشاعر عزيز أزغاي. «لا أرى وجوها» للقاص سعيد أحباط إضافة نوعية اليوم للمتن القصصي المغربي، والذي يعرف في السنوات الأخيرة دينامية خصبة بفعل المنجز، إضافة تؤكدها جماليات النصوص ال33 في المجموعة، وهو الرقم العددي الذي حضر بقصدية عند القاص تأريخا لأول نص قصصي استلهمه عشق القصة وعوالمها. و»لا أرى وجوها» هي المجموعة القصصية الثانية للقاص سعيد أحباط بعد «صباح سوريالي» مجموعته الأولى والتي صدرت في 2003، وفيها يواصل القاص سعيد أحباط تشبعه بالكتابة القصصية وأسئلتها مبتعدا على تنميط نصوصه، مجاورا متخيلا مشبعا بأسئلة الذات وافتنان بالعزلة. حيث صوت السارد الداخلي المسكون بالتفاصيل والملامح، ملامح الجسد والأشياء كما لم تتبدى من قبل. وتفاصيل عالم موبوء يفرض على شخوصه عزلة انفرادية حيث التقاط لأسئلة التشظي. تشظي الكائن يفرز عالما سوداويا على عوالم النصوص.. في مجموعة «لا أرى وجوها» لا يرى السارد إلا وجوه «الحكي» المسكونة بالانكسار، ثمة توظيف للغرائبي بشكل يعمق منحى هذا الاختيار، إذ تتكرر في النصوص (شيء من الغرابة، لا أرى وجوها، الصوت والمطرقة، مرآة، الوجه الآخر) موضوعة التشظي من خلال توظيف سمات ملامح الوجه المنكسرة التي تنأى عن التحديد، بل يذهب السارد بعيدا في جعل الوجه حضورا فانطاستيكيا بدون هوية. «الآن أدرك عزلتي وعزلة ذو المحبسين، أدرك منفاه أدرك حالته، أراه كما أراني وحيدا وليس أمامي غير الكتابة ولا شيء سوى الكتابة» (ص82 قصة «حوار سردي.). الكتابة عند السارد ملاذ روحي للخواء الذي يملأ «الواقع»، ملاذ يخلق توازنا نفسيا لطبيعة الشخصية المحورية بأقنعتها التي تظل تتكرر. وتتغير وفق مجريات السرد. نفس التركيبة السيكولوجية: انطوائية وانعزالية، مثالية وحالمة أحيانا. لكنها تعبر عن أوجه متعددة بتنوع القصص. ودائما ما تتلقى مصيرها بهدوء وكأنه قدري يتكرر هو أيضا بشكل متفاوت. لكن الكتابة تحميه وتجعله يلتجئ لعوالم الحكي الرحبة، لأنها منفاه الاختياري وغرفته السرية للبوح والحلول.. وداخلها أقانيم لتشكل تلك الشخصية «الفريدة» التي أرهقها الزمن وعرابوه.. في «لا أرى وجوها» نتبين سمات قصة قصيرة «تحاور سرديا» بناءها الداخلي، وتجعل رهانها الكتابة/السكن الروحي، ومن خلالها نتعرف على سارد يقرب المسافة مع القاص كي يجعلها على مرمى «نظر».