«قوس قزح» قصص قصيرة جدا صدرت السنة الماضية للقاص حسن برطال عن مطبعة أنفو بفاس. وتأتي في سياق هذه الدينامية التي يعرفها المشهد القصصي في المغرب. حيث أمست للقصة القصيرة جدا حضور نوعي وفاعل. رغم أن المواكبات النقدية لهذا المثن الإبداعي تظل محدودة قياسا مع حضور المنجز. المبدع حسن برطال يمثل أحد العلامات الفاعلة اليوم، والتي ضخت دماءا جديدة لجنس القصة القصيرة جدا ولتقعيدها النظري. «قوس قزح» هي باكورة إبداعية تسمح لنا بتلمس سمات خطابية لهذا النوع الإبداعي الذي أضحى يشكل حضوره اللافت والدينامي إحدى أهم ملامح السرد المغربي الحديث. تقع المجموعة في 60 صفحة، وتضم 144 نصا قصصيا قصيرا جدا، يطالبنا المبدع حسن برطال في عتبة أولية للمجموعة «كلما كنت قصيرا جدا..كلما كنت الأقرب الى الأرض» والأرض هنا تحمل مجازات متعددة لن تجيب عنها سوى النصوص التي تزين «قوس قزح». إذ أن طبيعة النص القصير جدا يتطلب التكثيف والإيجاز والمفارقة والتي غالبا ما تؤطر بشكل دائري بحيث نكون أمام قصة تبلغ حدثا بدون تكلفة لغوية، وفق بناء مدور محكوم بتمركز الفكرة أو الرؤية أو كلاهما. وحتى التنقيط والمساحات والبياض يقيد بالدلالات والتي غالبا ما تتمم أفق النص.. «حرب باردة» ، ص53 . «شن حربه على (النسيان).. ولما انتصر هزمته (الذاكرة)...» يحافظ المبدع حسن برطال في مجموعته «قوس قزح» على أبجديات كتابة القصة القصيرة جدا محاولا «مغربة» رؤاها وخصوصياتها الإبداعية، ويتعدى الأمر المضامين. إذ حتى في طبيعة النص القصصي القصير جدا في «قوس قزح» تخضع قاعدة أساسية تتحكم في 144 نصا على امتداد 60 صفحة فقط. «عقد تنازل» ، ص28 . «تنازلت المرأة عن جميع (العادات) لإرضاء زوجها .. ماعدا (العادة) الشهرية...» «منتجع» ، ص29 . «تراجعت عن الاصطياف في جسده..بسبب (برودة) قلبه..» «دو» «لا» «ري..» ، ص18 . «حمل آلته الموسيقية..صعد الحافلة للتسول ب (الفن)..» في قوس قزح استقصاء للمفارقة المسكونة بحالات مجتمعية ونفسية، محاولة لا تجد صدى نص قصصي قصير جدا يجيب على جزء من انكساراتها. وفي نفس الآن، هي نصوص وتنويعات في الكتابة القصيرة جدا، خصوصا أن صاحبها يمثل أحد دعامات المشهد القصصي القصير جدا في المغرب. ولو أن السؤال نفسه يتكرر كلما تعلق الأمر بهذا الجنس الإبداعي، فإلى أي حد يمكننا أن نتحدث عن خصائص وسمات خطابية للقصة القصيرة جدا؟؟، أم أن الأمر لا يغدو أن يكون تحويرا لجنس القصة القصيرة، كما حدث في مجالات أجناسية أخرى (الشعر نموذجا) ، وهل يمكن الحديث عن قصة قصيرة جدا بمحددات خطابية «مغربية»؟ أم الأمر سيان مادمنا أمام نص قصصي بمقوماته النصية والبنائية؟ الأكيد أن التراكم ومستوى المنجز النصي يطرح في «المغرب القصصي» الدينامي، العديد من الأسئلة، أكثر من «بطولات»..والأهم أن المنجز حين توازيه النصوص المثيرة لجزء من إشكالاته والمفكرة فيه، والضامنة لصيرورة التشكل، ستفيد أفق هذه النصوص وآل»قوس قزح».