وأنا أتجول بل أتفسح في رحاب المعرض الأخير للفنان التشكيلي يوسف بن جلون المقام بالدارالبيضاء، من شهر فبراير إلى حدود شهر ماي 2010، كانت ذاكرتي تستحضر كل اللحظات التي عرفتها وعايشتها مع هذا الفنان، حيث حضرت بعض معارضه التي أقامها خلال مناسبات متنوعة بين سنة 2000 إلى اليوم وهي الفترة التي سأرسم من خلالها بعض الملامح من سيرة هذا الفنان المتنوع والمتعدد، تعرفت عليه سينوغرافيا في عمل مسرحي وشمه بأثر الفنان التشكيلي وكان هذا العمل موجها للأطفال الذين تجاوبوا بشكل كبير مع الفضاء الذي أبدعه والذي لامس عالمهم، ثم عشت معه فترة خلق مناسبات عدة حيت جمع في «لمة فنية» أكثر من 60 فنانا تشكيليا وخلق لهم معرضا مشتركا وهامشا من التواصل والعمل، كما فتح ورشة تعليمية إنخرطت فيها أمهات وخادمات وأطفال دوي الاحتياجات الخاصة، تم خلق معرضا ضم فنانات تشكيليات بمناسبة اليوم العالمي للمرأة وكان مهداة إلى روح الفنانة التشكيلية الشعيبية طلال، بل انفتح الرجل على الفضاءات المفتوحة وعرض لوحات لشباب تشكيلي يود الانفتاح على المتلقي واكتشاف ذاته الفنية، وذلك بمناسبة مهرجان محلي للجماعة الحضرية الصخور السوداء لأكثر من مرة، وجعل مقر جمعيته الاتحاد المغربي للفنون معرضا مفتوحا طيلة السنة في وجه كل الفنانين والجمهور نحو تربية فنية تشكيلية، هذا بالإضافة إلى معارض جماعية متعددة التيمات وفي جل فضاءات الدارالبيضاء من المركب الثقافي سيدي بليوط إلى المركب الثقافي المعاريف والمركب الثقافي كمال الزبدي، وداخل فضاءات متعددة كفضاء جمعية توأمة «شيكاكوا والدارالبيضاء» التي عرض فيها معرضا مختلفا حول الخط العربي ونظم هناك يوما هدية لهذه الجمعية بمناسبة افتتاح مقرها بسيدي مومن ومر اليوم بندوة محورية عن الخط العربي وورشات استفاد منها رواد الجمعية صحبة أفراد مكفوفين وتوج اليوم بلوحات أبدعها المتورشون، كما عشت وعاينت خلقه لفنانين تشكيليين بصموا دربهم وأصبح هذا المجال موردا لرزقهم، وهم الآن أسماء لها وزنها. منذ عرفت هذا الرجل خلال العشر سنوات وهو لصيق بمرسمه إما أن تلتقي معه وهو يرسم أو يساعد أو يوجه المتعليمن، أو يأتي عندك في مكان الموعد قادم من مرسمه وأثر ذلك على أصابعه وملابسه، بل حينما تتصل به ليلا تجده بمرسمه في البيت بل إن سيارته مرسم متنقل تحمل اللوحات والألوان وأدوات الرسم على اختلافها. من خلال هذا السرد المختصر لسيرة هذا الرجل مع اللوحة وباللوحة، أجد نفسي وأنا بين لوحات معرضه في خضم خمسة وأربعون عاما بالعد الضوئي سيما ومواضيعه المتعددة قادمة من الزمن النستالوجي المؤرخ لمرحلة الخمسينات والستينات بل والأربعينات، والثلاثينات، وتجد أن تلك المواضيع حاضرة بآلياتها كذاكرة وبألوانها كتقنية وبحرفها كمرجعية. فعلا إنه معرض كشريط سينمائي جميل من العار أن تفقد بهجة فرجته على المتلقي بفضح تأويل قرائي قد يفسد على المتفرج فرحة إكتشافه، لذا أعتبر مقالي هذا دعوة جمالية ستكشفون من خلالها ما لم أستطع البوح به أمام جمالية الطرح.