سنة بعد غيابه الجسدي في 16 مارس 2009 ، الذي ليس ولن يكون غيابا من الذاكرة الثقافية والفكرية المغربية، هو الذي وشمها وبصمها بعمق، يحتفي هذا العدد من «الاتحاد الثقافي» بالمفكر الكبير والمتعدد الذي صار أيقونة لا تضاهى في الحقل المعرفي، ليس مغربيا فقط بل عربيا وعالميا، السي عبد الكبير الخطيبي. في هذا الملف، اخترنا، مع سبق الإصرار والترصد، بتواطؤ جميل ومخصب مع المبدع مراد الخطيبي، ابن أخ الفقيد الشامخ، أن نسلط الأضواء الكاشفة عن عبد الكبير الإنسان عبر شهادات أفراد أسرته الصغيرة مرفقة بصور نادرة تنشر لأول مرة. جوابا عن سؤال حول تعدد مجالات اهتمامه من علم اجتماع، أنثروبولوجيا، إثنولوجيا، تحليل نفسي، فلسفة، تاريخ، سياسة، فن الخط العربي، تشكيل، تصوير فوتوغرافي، سيميائيات وأدب، سؤال ورد في أحد آخر حواراته وهو على قيد الحياة ، حوار كان لي شرف إجرائه معه بمعية الصديق مصطفى النحال، وقد نشرناه بعد فاجعة خبر الرحيل، صرح عبد الكبير الخطيبي أن «المشترك (في ظل هذا التعدد) هو أنا كإنسان أحب الحياة». وحب الحياة هذا ينبعث بقوة وجلاء من وفي كل الشهادات التي يتضمنها هذا الملف. مراد الخطيبي، وهو شاعر متميز أيضا، يستحضر في نصه الفقيد، عما وصديقا وأستاذا وإنسانا، عبر النبش في ذاكرة طفولته، وصولا إلى آخر لقاءاتهما وصاحب «من فوق الكتف» يصارع المرض في آخر أيامه، ومرورا بلحظات حميمية أخرى جمعتهما في مدينة الجديدة التي كان عبد الكبير الخطيبي مهووسا بها ودائم السؤال عن أحوالها وأحوال أصدقائه بها وأهل حيه، حي الصفاء. وبنفس الحميمية والحب والوفاء، يقدم كل من مونا مارتنسن، الزوجة الأولى للسي عبد الكبير الخطيبي، وهي أستاذة جامعية بالسويد (شعبة العلوم الاجتماعية)، ربيعة الخطيبي، ابنة أخيه، محمد فارس، صهره، وعزالدين الكتاني الإدريسي، أحد أصدقاء وزملاء الراحل، شهاداتهم المؤثرة. أما عبد الكريم الخطيبي، ففضل الشهادة حول عمه «عبد الكبير الخطيبي جسدا موشوما في الذاكرة المغربية» شعرا، بواسطة قصيدة وسمها ب «طقوس غياب»، وهي القصيدة التي سننشرها في عدد لاحق من الجريدة، ومعها شهادات أخرى. عفوا، هل توفي فعلا السي عبد الكبير، لاعب فتيان الدفاع الحسني الجديدي؟ لا نظن ذلك!