رجل في الخمسينات من العمر، يحمل تاريخا حافلا بالبطولات الرياضية، والألقاب الميدانية، من أوسمة وميداليات وجوائز وشهادات دولية، يحملها تتويجا لتاريخ حياته كما لو كانت نياشم على صدره تشعره بالفخر والاعتزاز، لكنه في مقابل ذلك، لايزال يئن في صمت تحت وطأة الإحساس بالظلم والإهمال، بالقهر والحرمان، بالإهمال والنسيان، بل وبنكران الجميل نتيجة ما تعرض له في مساره الرياضي من عوامل محبطة، وممارسات مجحفة. إنه البطل المغربي كرماوي عبد الحق الحائز على عدة ألقاب وطنية وقارية ودولية في ثلاثة أصناف رياضية: التايكواندو والكاراطي والملاكمة الفرنسية (الصافات) والتي يعتبر أول من أدخلها إلى المغرب سنة 1992 . وقد مثل في كل ذلك المغرب بشهامة وشرف، ورفع راية البلاد عاليا في محطات رياضية متعددة، ومن ذلك أنه حاز على العديد من الميداليات والألقاب وطنيا، قاريا وعربيا. في سنة 1990، تاريخ إجراء البطولة العربية للتايكواندو بالقاهرة، تعرض البطل المغربي كرماوي عبد الحق لكسر مزدوج في الساعد الأيسر، واستحق التتويج بالميدالية الفضية رغم الكسر الذي حرمه من لعب الدور النهائي. وعلى أثر ذلك الحدث، تقدم الوفد المصري المستضيف باقتراح إجراء العملية الجراحية التي نصح بها الأطباء المختصون بأحد مستشفيات القاهرة، إلا أن رئيس الوفد المغربي وقتها رفض العرض المصري بدعوى أن العملية ستتطلب إجراءات قد تطول مدتها، ولذلك فضل تأجيل العلاج إلى غاية العودة إلى المغرب، ورغم ما في هذا التأجيل من غرابة تبعث على الريبة، فإن رئيس الوفد المغربي ألح على ذلك مقدما كامل الضمانات المطمئنة للبطل المغربي المصاب حتى يقتنع بوجهة نظره فينطوي على نفسه كاتما أنفاس ألمه في انتظار العودة إلى بلده. ومباشرة بعد العودة، تلقى كرماوي ومن جديد وابلا من الوعود وعديدا من التطمينات من طرف رئيس الجامعة الملكية المغربية للتكواندو آنذاك، وكذا من نائبه. إلا أن لا شيء من ذلك تحقق، فسرعان ما تحولت الوعود إلى تسويفات، وتبخرت الضمانات وذابت التطمينات، وفي مقابل ذلك، ازداد الألم استفحالا في الساعد المصاب من اليد اليسرى، وتعاظم لديه الخوف على ما قد يؤول إليه مصير حياته من إعاقة قد تشل قدرته على مواصلة العمل سواء في الميدان الرياضي أو في الحياة العملية، وأمام طول الانتظار، لم يجد الرجل من بد سوى الشروع في طرق أبواب المسؤولين، وفي سعيه ذلك وقف على حقيقة صادمة، وفيها اكتشف أن اسمه لم يكن مدرجا ضمن اللائحة الخاصة بتأمين أعضاء الوفد المشارك في البطولة العربية بمصر، الشيء الذي يفسر رفض رئيس الوفد الرياضي إجراء العملية الجراحية بالقاهرة آن ذاك ! وهكذا فقد تطلب إجراء العملية الجراحية المصيرية لصحة وحياة السيد كرماوي قدرا من الصبر الجميل، ومدى من الانتظار الطويل الذي دام حوالي ثلاثة أشهر معدودة بأيامها ولياليها لما حفلت به من أوجاع وآلام مريرين، وقد كان لهذا التأخير أسوأ الأثر على العملية بحيث كاد الأمر ينتهي إلى بتر الساعد لولا الألطاف الإلهية وحنكة الطبيب الجراح. وبالفعل، إذا كانت عملية جبر الضرر قد شملت العديد من المواطنين الذين مروا بتجارب مؤلمة بسبب الاعتقال والتعذيب بالنسبة للسياسيين، أو النقابيين الذين تعرضوا للطرد أو التوقيف عن العمل: وقياسا على ذلك، ألا يستحق هذا البطل بالنظر لما تعرض إليه من تعسف وقهر وإجحاف ، وبالنظر لما أصابه من إعاقة في يده وهو داخل حلبة النزال باسم الوطن ودفاعا عن الراية المغربية وإعلاء لشأنها، ألا يستحق من المنظمات الحقوقية، ومن المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، ومن العدالة المغربية أيضا، الدفاع عنه من أجل إنصافه بالاستفادة من حقه في جبر الضرر، إحقاقا للحق، واعترافا بالجميل ؟؟