«تحاليل الحمض النووي أكدت أن الجثة المتفحمة هي جثة أخيكم المختفي عبد الله مشركي، فالله يصبركم، وبإمكانكم الآن مباشرة إجراءات تسلم الجثة، ولا يمكننا استباق الأحداث للحسم في أسباب الوفاة لغياب تقرير عن الطب الشرعي أو أمر صادر عن وكيل جلالة الملك». هذا ملخص الخبر الذي حملته الدوائر الأمنية بالحاجب لأسرة الشاب المختفي ع .الله مشركي، و مباشرة بعد نشر جريدة الإتحاد الاشتراكي لمقال سلطت من خلاله الضوء على بعض الفصول الضائعة في حادث العثور على جثة متفحمة (مقال عدد 9404) كانت قد نقلت لمستودع الأموات بمستشفى محمد الخامس بمكناس صبيحة يوم 02_01_2010، حتى هنا الأمور عادية للغاية ولا احد يجادل في شرعية موقف الإدارة الأمنية استنادا للقانون الذي يعطي الحق فقط للوكيل العام للملك لتحريك مسطرة التحقيق أو المتابعة أو طلب تعميق البحث في أية واقعة بناء على حجج أو ما يدفع لذلك كتقرير الطب الشرعي مثلا أو شهود عيان... ،لكن ما ليس عاديا هو البرودة التي اكتنفت في بداية المطاف أطوار هذه الواقعة أو الذهاب لحد اعتبار أن الحادث ممكن أن يكون عرضيا رغم أن الأمر كان يحتاج ولو من باب الاحتياط الأمني لعمل أولي من شأنه تبديد الكثير من الشكوك التي كانت تحتاج لتفكيك سواء تعلق الأمر بوضع العين على أي مشتبه في أمره ،أو وضعية الجثة أو محيطها أو استنطاق بعض الوجوه التي أثثت هدا المحيط انطلاقا مما راكمته من سوابق (مشتبه فيه سبق أن اقترف جريمة قتل)، و كل هذه الظروف كان بالإمكان أن تتيح هامشا من الوقت والمناورة لكل مشتبه في أمره من الاختفاء عن الأنظار، و ربما الإقدام على مواقف قد تبعثر أوراق التحقيق فيما بعد، وتعقد مهام الإيقاع بالجناة، لكن حمدا لله لم يقع لا هذا ولا ذاك، إذ تم تدارك الأمر الذي تأخر بمبرر غياب ما يفيد حضور الفعل الجرمي، ولم يعد الرأي العام الحاجبي منذ يوم الإثنين 22-01 2010 ، يتحدث أولا عن جثة قرد أو «خزعبيلة» من هذا القبيل ، و أصبح يعلم جيدا من خلال المتابعة الإعلامية للقضية أن الجثة المتفحمة هي لأحد أبناء الحاجب حتى وإن لم تتح الفرصة للأهل بدفنها في مقبرة مدينته بعدما تدخلت السلطات الطبية واحتكاما لتأخر نتائج تحاليل الحمض النووي وتطبيق قانون منظم لمستودع الأموات بدفنه يوم 24 01 2010 ، ثانيا اهتداء الأمن إلى تعميق البحث بعد تحديد هوية الضحية إثر التوصل بنتائج تحاليل الحمض النووي ، و ثالثا التركيز أكثر على محيط الواقعة وظروفها من خلال توسيع دائرة الاستنطاقات لتشمل عدة أطراف كانت على مقربة من دائرة الحادث عبر الزمان والمكان ، وحملت شهاداتها معلومات جديدة أسقطت أحد المشتبه فيهم (صاحب عود) في الكثير من التناقضات، وهو المتهم الذي كان محط شكوك من لدن الجميع مند الإعلان عن اختفاء الضحية لكونه صاحب سوابق (تورط في جريمة قتل) من جهة و كان يتخذ من المكان مطرح الجثة مبيتا له من جهة أخرى، بل أكثر من ذلك كان آخر من رافق الضحية في حدود الساعة الثانية بعد منتصف ليلة وقوع الحادث كما أكد ذلك شهود إثبات وشهادته بدوره ، وهي التناقضات التي جعلت الضابطة القضائية تشك في تصريحاته التي جاءت مخالفة لما أدلى به سلفا خلال الشوط الأول من الاستماع إليه إثر العثور على الجثة و تقدمه بشكاية في شأن إضرام النار في أغراضه، ليتم تسريح سبيله دون إثارة أية شبهة لغياب أدلة المتابعة و تعذر تحديد هوية صاحب الجثة، ورغم تأخر التوصل بتقرير الطب الشرعي عن مستشفى محمد الخامس بمكناس لعدم التوصل بعد بنتائج تحاليل دقيقة تحدد طبيعة المادة المستعملة في الحريق ، فقد انتابت الدوائر الأمنية شكوك بخصوص وجود نية الفعل الجرمي من خلال التصريحات المتضاربة للمشتبه فيه مما دفعها إلى تعميق البحث والبدء من نقطة الصفر ،الأمر الذي أسفر عن اعتقال هذا المشتبه فيه وتقديمه للنيابة العامة بمكناس التي أحالته بدورها على قاضي التحقيق لتعميق البحث .