عبدو من مواليد 1945 بالدارالبيضاء وعندما نرصد تماوج وزحف الجيل الذي ولد في صلب المعركة من أجل الاستقلال والذي انسرح أطفالا بعد الحصول على الاستقلال تم شبابا في بناء الاستقلال... عندما نرصد حركية هذا الشباب نجدها ملتفعة في »النمط« الآخر نمط الأجنبي الذي أظهر لنا ساعتها مناحي كثيرة من التقدم الأوربي وخاصة في مجالات المسرح والسينما والموسيقى. وبقدر ما كان الكونسير فاطوار ينفتح موسيقيا ومسرحيا على بوابات الأحياء الشعبية بقدر ما كان المسرح البلدي يتخذ وبشكل قوي ومتسارع مجالا للتجريب إلى درجة التماهي مع الفنانين الأجانب الذين كانوا يؤتثون خشبته والتمثل الراقي والناضج لما يعرض عليها ومن تم »الخروج« إلى المجتمع المغربي المزدهي بنيل الاستقلال. التاريخ يحفظ لنا وبكل جلاء ووضوح جردا رائعا من المبدعين الذين حفروا بحضورهم الذاكرة الوطنية وهم ينتشرون عبر التراب الوطني وخارجه بأنماط ابداعاتهم فرادى ومجموعات تنبت هنا وهناك في الأحياء الشعبية البيضاوية: درب السلطان، المدينة القديمة، الحي المحمدي، عين الشق، المعاريف إلخ. شخوص تتلبس في لبوسها وهياكلها وسلوكاتها وأيضا في نعراتها الابداعية بما يمور به العالم الخارجي ويرخي ظلاله على المدينة المتروبول... الدارالبيضاء التي لم تتبرم ساكنتها المتفتحة من أوكيسرا »لوفيجيتيف« بقيادة شاب مبعثر الشعر ثاقب النظر مالك لأسرار الارغن العصري سنة 1963 وهو لما يتجاوز الثامنة عشرة من عمره. أفراد الأوكسترا الشامي، بصير... من نفس التراب والماء كل في تخصصه الآلاتي العصري وكلهم درسوا الصولفيج في الكونسير فاتوار وكلهم تشرإب رؤوسهم منفوشة الشعر إلى فضاء الطرب والغناء الغربي وعندما لا يجدون خارج محور الدارالبيضاء، المحمدية، الرباط، الجديدة، متنفسا لهم فإنهم كانوا »يدرحون« الجو بأنغام مغربية حديثة من الصنف أو الأصناف التي بادرت إلى ركوبها المجموعات التي ولدت من رحم هذا الزحم التحولي ما بين 1965 و 1985. عبدو العماري »لوفيجيتيف« انسل إلى آذان المعجبين به من خلال امتلاكه لأسرار هذه الآلة الجديدة الساحرة والتي تزود عازفها بفيض من الامكانيات الالكترونية المسموعة فإما وأن يمتطي صهوتها مبدعا كالعماري الذي دجنها ليحملها ما لم يستطع غيره من مجايليه من أنغام وأوزان عربية ومغربية وإما وأن يبتعد عنها لأنها إن لم تجد عازفها الأصيل تحولت إلى عويل وغوغاء. فكيف لا نعترف بأن الفن الموسيقي المغربي فقد أحد رواده الأماجد في شخص العماري رحمه الله.؟