يهدف المخطط الأخضرالذي يروم تطويرقطاع الفلاحة وتحسين الإنتاج من ناحية الكم والجودة، مما يهدف إليه كذلك محاولة تجميع الفلاحين الصغارفي شكل تعاونيات حتى يستطيعوا المنافسة واقتحام الأسواق الكبرى والمتاجرالتجارية العصرية، بيد أن عدة مشاكل متداخلة حالت دون تحقيق هذا الطموح بمناطق عديدة بسوس والحوزوغيرهما. وحسب عبدالهادي الزكراوي ، المتتبع للشأن الفلاحي بمنطقة لالة تكركوست ، فأهم معضلة تتخبط فيها الفلاحة بهذه المناطق تتمثل أساسا في الطابع الموسمي للبرنامج الفلاحي المسطرمن قبل الدولة فيما يتعلق بالتوجيه والمتابعة والإستفادة، مما حال دون إيجاد فلاحة بمقومات تؤهل الفلاح لكي يتجاوزالأسلوب التقليدي في الإنتاج. إضافة إلي وجود أراض غيرمؤهلة لممارسة نشاط فلاحي ماعدا التقليدي المعتمد على الأمطار والسقي بخزانات جماعية. ورغم كثرة الأشجارالمثمرة ، يضيف الزكراوي، كالبرقوق،المشماش،وخاصة الزيتون، فإن الملاحظ هو غياب الوسائل والتقنيات الحديثة. كما أن هناك شبه انعزال بين إدارة الفلاحة وبقية الفلاحين الصغار. ويثير الزكراوي إشكالية غياب الفكرالتعاوني لدى الكثيرمن الفلاحين، وبالتالي يبقى الإنتاج مكلفا، ومع ذلك لا يتعدى الأسواق لأسبوعية المجاورة مثل:أحد البراج، ثلاثاء أمزميز،ثلاثاء تحناوت،جمعة تمصلوحت، الإثنين وريكة، وسبت مولاي إبراهيم.. مسجلا في هذا السياق قلة حملات التوعية والتحسيس ببرامج الدولة في مجال الفلاحة، وطغيان الخوف من المغامرة و من القروض المخصصة لتحسين الإنتاج. وينضاف إلى هذه المشاكل عدم توفرمراكزالتلفيف بعين المكان،حتى يسهل الرفع من التسويق، وكذا عدم توفرمركز لولوج الفلاحين لتلقي مختلف المعلومات الخاصة بالفلاحة رغم وجود مركزبسيط بأمزميز. وهو ما أدى إلى غياب ثقافة إدخال وسائل عصرية بدعوى أنها مكلفة، ولا تتماشى مع مدخول الفلاحين الصغار رغم أن الدولة خصصت دعما للفلاحين فيما يخص عصرنة الوسائل وتحسين الإنتاج وتطويرالسقي. غير أن تعقيد الإجراءات الإدارية وارتفاع تكلفة حفرالآبار تحد من تجاوب الفلاحين مع برامج الدولة ، ويزيد من هذه العزلة غياب الأطرالتقنية المتخصصة في الفلاحة بعين المكان عكس منطقة سوس، والجهل ببرامج الدولة، وعدم التنسيق مع المراكزالفلاحية التكوينية باستثناء المدرسة الفلاحية بالسويهلة. هذا، وفي المقابل نجد الفلاحين الكبارسواء بسوس والحوز،قد شهدوا طفرة نوعية في السنين الأخيرة سواء من ناحية تطويرالإنتاج وتحسينه أوالإمكانيات والآليات المستعملة وخاصة في السقي الذي تمت عقلنته وتنظيمه...مما جعلها تدخل في تنافسية شديدة سواء بالسوق الداخلية أو الخارجية. في حين بقي الكثيرمن الضيعات الصغرى بمنأى عن هذا التطور،لكن انخراط الفلاحين الشباب خريجي الكليات والمعاهد، في برامج الدولة مكنهم من خوض تجارب جديدة في الإنتاج الفلاحي وتربية المواشي ويمكن أن نعطي مثالا فقط عن ذلك، بضيعة أجباض الصغيرة بلاتكركوست بإقليم الحوز، كنموذج لهذه المقاولة الفلاحية الصغيرة الطامحة إلى تطويرالآليات والتقنيات والزيادة في الإنتاج وتسويقه داخليا وخارجيا مستقبلا. وقد تجلت رغبة هذا الفلاح الصغير، في التطورمن خلال اقتحامه تجربة عصرية تعتمدعلى السقي بالتنقيط،كأول تجربة بالمنطقة،بعد تجهيزدام خمس ،سنوات،حيث مكنه ذلك من إنتاج الفواكه والخضراوات وإنتاج الزيتون بعد تشجيرما يفوق 1500شجرة،هذا فضلا عن تخصصه في تربية المواشي والقطيع الذي يتماشى مع حالة الطقس السائدة بالمنطقة. وبخصوص هذه التجربة الفتية، أكد صاحب الضيعة الصغرى عبد الهادي الزكَراوي،أن نجاح هذه التجارب الفلاحية بالمنطقة، سيشجع مستقبلا على إنتاج المنتوجات المعدة للتصدير،وخاصة الفواكه المسماة «كانتالو»،وذلك وفق برامج الدولة في المجال الفلاحي،وعبر الإستعانة بكل التسهيلات والمساعدات في مجال المقاولة الفلاحية. وفي هذا الإطارستستفيد الضيعة من برنامج»تأهيل الفلاح»الذي هو بمثابة أرضية لتأسيس تعاونيات بالمنطقة وخاصة في إنتاج الزيتون لتحسين الإنتاج والمردودية وتقليص أعباء وتكاليف الإنتاج،لإخراج الفلاحين الصغاروالمتوسطين من دائرة الإنتاج الذاتي إلى العمل التعاوني المنتج والمدرللدخل،من خلال تأسيس أول تعاونية للزيتون بالمنطقة.