حياة أخرى مرتبطة بالموت وبالعالم الآخر تخفيها أسوار مستودع الأموات «الرحمة» المجاور لمقبرة الرحمة بدار بوعزة، الذي رأى النور خلال شهر يونيو من سنة 2005، بعدما تم إخراجه من أوراق التصاميم التي تم إعدادها سنة 1993 إلى حيز الوجود، فصار بذلك بديلا عن مستودع عين الشق وأخذ رسميته في استقبال جثث الضحايا من الجنسين ذكورا وإناثا ومن مختلف الأعمار والشرائح الاجتماعية والجنسيات. جثث قضى أصحابها بالمستشفيات وتخلى أهلها/ذووها عنها، فلم تجد من يواريها التراب ليتكفل المستودع بذلك، إذ تحال من المستشفيات عليه على أن يتم تغسيلها وتكفينها انطلاقا من الميزانية التي يخصصها مجلس المدينة لهذه العملية والتي تقدر بحوالي 10 ملايين سنتيم سنويا. عملية الدفن هاته لاتقتصر على الجثث وإنما تشمل كذلك أطرافا بشرية لمرضى يعانون داء السكري وغيره، ممن اضطر الأطباء إلى بتر/استئصال بعض أعضائهم التي ترسل بدورها إلى مركز الطب الشرعي الرحمة لنفس الغاية. أشخاص لقوا حتفهم في ظروف غامضة فحامت شكوك حول ميتتهم ، وآخرون قضوا جراء الاختناق بالغاز أو بفعل حوادث السير، أو تسببت حوادث للشغل في وفاتهم، أو انتحروا ... مهما تعددت الأسباب وكانت النتيجة واحدة تتمثل في الوفاة، فإن مستودع الأموات الرحمة يكون قبلة لمعظمهم، سواء كانوا من مدينة الدارالبيضاء أو المحمدية وابن سليمان، وبرشيد، بل و من مدن أخرى تبعد عن العاصمة الاقتصادية بمئات الكيلومترات. بلغ عدد الجثث التي استقبلها المركز منذ الانطلاقة الفعلية للاشتغال به ما مجموعه 8494 جثة إلى متم سنة 2009، ففي سنة 2005 استقبل 1547 ، وفي 2006 تسلم 1616 وخلال 2007 بلغ عدد الجثث 1649 ثم في سنة 2008 ارتفع إلى 1811 إلى أن وصل خلال 2009 إلى 1874، تزايد/ارتفاع مرتبط بعامل التوسع العمراني والنمو الديمغرافي وعوامل أخرى مرتبطة بما هو سوسيواقتصادي واجتماعي. وخلال النصف الثاني من السنة الفارطة وتحديدا منذ 27 ماي وإلى غاية 31 دجنبر، أحيلت على المركز 1305 جثث من الدارالبيضاء، تلتها المحمدية ب 93 جثة، فبرشيد 47، والجديدة 36، ثم خريبكة 26، فسطات 19، تليها ابن سليمان 15 وابن احمد 12، فمكناس بجثثين ، وفاس وتازة بجثة لكل منهما.