انتهى موسم الحج للعام الهجري 1430 الموافق للسنة الميلادية 2009 بإعلان خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز عن سعادته بالنجاح الذي تحقق على مستوى تنفيذ الخطط الأمنية والخدماتية والتنظيمية والوقائية. وقد كان من الواضح أن هذا الإعلان أملته خصوصيات الموسم التي أسفرت عن تقليص عدد الحجاج إلى 2 مليون و 312 ألفا و 278 حاجاً وعن تزامن موسم الحج مع نشوب الحرب مع الحوثيين على الحدود بين السعودية واليمن. فأمام ضخامة الحدث، فإن تسجيل العديد من النواقص والملاحظات لا يقلل بأي شكل من الأشكال من أهمية المشاريع التي أنجزت، كما أن المشاريع المبرمجة أو التي هي في طور الإنجاز تعد بالتحسن التدريجي لشروط أداء الحج، غير أن هذا التحسن لا يعفي بعثات الحجاج الوافدة من مختلف أنحاء العالم من مسؤولياتها لتعميم الاستفادة. أما بالنسبة للمغرب، الذي راكم تجارب العديد من مواسم الحج، فقد بات من المؤكد أن الخيارات والقرارات المتخذة على مستوى المركز تستحق التنويه، ولكن ترجمتها الى اجراءات عملية، يستفيد منها الحجاج أثناء إقامتهم بالديار السعودية، تحتاج إلى مراجعة شاملة وإلى تفادي كل العراقيل التي يترتب عنها بطلان الحج أو الحرمان من مجموعة من الحقوق الحيوية. بحلول منتصف دجنبر 2009، كانت مجموعة من العمارات السكنية الجديدة قد أصبحت جاهزة للإيجار. ومن المتوقع أن تشهد الأشهر المقبلة افتتاحات متتالية لمجموعات سكنية أخرى ومحلات تجارية، فالمملكة العربية السعودية التي تعي جيداً مخاطر الاكتظاظ داخل الغرف الفندقية تعمل جاهدة على رفع الطاقة الاستيعابية لفنادقها، وبالموازاة مع ذلك، تحرص على احترام معايير سلامة الحجاج وطمأنينتهم، سواء في قطاع السكن أو النقل أو الصحة والتموين. إن كل من يحرص فعلا على أن تكون سمعة المغرب محترمة في الديار المقدسة، و أن تكون راحة وطمأنينة الحجاج المغاربة هي أولوية الأولويات للبعثة المغربية، لابد له أن يشرع ابتداء من الآن في الإعداد لتدبير الموسم المقبل، وانطلاقاً من الهفوات التي تعرضنا لها في الحلقات السابقة يمكن أن نحدد الخطوط العريضة لشروط تنفيذ التعليمات الملكية والخيارات المعتمدة من طرف وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية في المستويات التالية: أ التمثيلية: إن تدبير أمور حوالي 30 ألف حاج مغربي في ظل ظرفية تتميز بتنقل حوالي 3 ملايين حاج عبر محطات معينة وخلال فترات زمنية محددة لن يحقق النجاعة المطلوبة، إلا إذا أسندت مهام التدبير والإنجاز لمن يتوفر على الحد الأدنى من الكفاءة المطلوبة، كل حسب مجال تدخله، ومادام أنه من الخطأ إصدار أحكام مسبقة على النوايا، فإن خيار المراقبة والمحاسبة يفرض نفسه بإلحاح لتفادي كل أشكال الانحراف عن الأهداف المراد تحقيقها. 2 التخطيط: إن كل من يقدر محدودية هامش حرية التصرف عند السلطات السعودية، لابد له أن ينطلق مما هو ممكن وأن يحدد الأولويات في كل ميدان من الميادين التي يكون لها تأثير على سلامة وراحة مجموع الحجاج المغاربة. 3 التنفيذ: إن المغرب الذي تربطه علاقات قوية بالسعودية ويتوفر على تجارب متعددة في مجال تنظيم مواسم الحج صار بإمكانه أن يصحح أخطاء الماضي، وأن يكون من المبادرين إلى اختيار الوقت الملائم لإبرام عقود مع المطوفين وأرباب النقل والفنادق، يتم بموجبها ضمان كرامة المغاربة وتوفير شروط مساعدتهم على أداء المناسك في شروط مقبولة. وفي هذا السياق، فإن الإصلاحات التي أدخلت على مطاري جدة والمدينة المنورة تساعد على التفاوض من أجل تفادي المتاعب التي يتحملها الحجاج أثناء العودة إلى المغرب لمجرد أن المغاربة مبرمجة من المطار البعيد. 4 الإخبار والتكوين: إن الإقرار بارتفاع نسبة الأميين والعجزة بين الحجاج المغاربة يفرض الرفع من مستوى تكوينهم قبل مغادرتهم للمغرب، كما يفرض إعطاءهم فرصة التعاون مع أعضاء البعثة من خلال تزويدهم بعناوين وأرقام هاتف ممثلي البعثة في مكة والمدينة وبوسائل توضيح تشمل الشعائر الدينية وبرنامج مختلف التنقلات، والمعدات التي يستحسن التوفر عليها، وأهم المزارات وما إلى ذلك. إننا إذ نأمل أن يحظى حجاج المواسم المقبلة بمعاملة تليق بشرف الإقامة بالديار المقدسة نعتقد أن احترام الإرادة الملكية وخيارات الوزارة الوصية قابل للتطبيق، كما نعتبر أن الإيمان القوي للحجاج كثيراً ما يحثهم على الصبر والتحمل وعلى تقديم العون للمحتاج، ومن توفر على كل هذه المؤهلات لا يمكنه إلا أن يفلح في مهامه، والله سبحانه وتعالى لا يضيع أجر من أحسن عملا. انتهى