بات في حكم المؤكد أن قضية ما يسمى حاليا بخنيفرة بتطورات «الجمع العام للبنائين» قد عرفت المزيد من التصعيد القوي والتوتر العسير بين البنائين والأمانة الجديدة لحرفتهم من جهة وبينهم وبين السلطات المحلية والإقليمية من جهة أخرى، وذلك منذ يوم الثالث من دجنبر 2009 عندما تم استدعاء البنائين، وعددهم حوالي 1000 شخص، حضر جميعهم لانتخاب أمين حرفتهم وفوجئوا بعدد من رجال الأمن والمخازنية يقتحمون القاعة ويدفعون بهم إلى خارج هذه القاعة في ظروف لم يتوصل أحد منهم لحظتها لأي تفسير لما يجرى رغم أنهم حضروا الجمع العام، الذي انعقد بغرفة التجارة والصناعة والخدمات بخنيفرة، تلبية لاستدعاء من طرف اللجنة التحضيرية، وجميعهم من مزاولي ومحترفي المهنة بشكل رسمي ومثبت على بطاقاتهم الوطنية. المغادرون للقاعة تحت الإكراه والعنف صرحوا ل»الاتحاد الاشتراكي» أن القوات الأمنية تحركت بفعل جهات عرفت كيف تحتفظ بحوالي أربعين شخصا داخل القاعة، ومن هذه «الحفنة» تم تشكيل مكتب يتضمن أمينا للحرفة ونوابا له، وهو الأمر الذي حمل «المطرودين» إلى التظاهر خارج القاعة وترديد شعارات غاضبة ضد التصرف الغريب مع المطالبة بالإبقاء على الأمين السابق، ولم يفت مصادر من المحتجين وصف ما جرى ب»المهزلة» انطلاقا من «الطبخة الكاريكاتورية» ومن هوية «المكتب المطبوخ» الذي تتضمن تشكيلته عناصر لا علاقة لها لا بالحرفة ولا هي تقطن بالمدينة، وزادت ذات المصادر فعبرت لجريدتنا عن حجم قلقها في قولها بأن الأمين السابق، والمغضوب عليه من طرف السلطة، كان قد انتخب عام 1997 أمينا ب 384 صوتا فجاءت التعليمات اليوم ل»تصنع» أمينا جديدا في حضور نفر لا يتجاوز الأربعين شخصا تم اختيارهم بعناية مدروسة، علما أن الجهات صاحبة هذه التعليمات، تضيف مصادرنا، لها دراية تامة بهوية الأمين السابق الذي لم تسجل في حقه أية شكاية على مدى أكثر من عشر سنوات. وعلاقة بالموضوع، وتجنبا للاصطدام، قام المآت من البنائين المحتجين، في خطوة سلمية، بتحرير عرائض فردية وجماعية استنكروا خلالها الطريقة اللاقانونية واللامسؤولة التي تم بها انتخاب أمين الحرفة بخنيفرة، والتصرف العنيف الذي قامت به السلطة وحرمت من خلاله البنائين من اختيار أمين حرفتهم بالطرق الديمقراطية المتعارف عليها، عوض سياسة التعيين بتلك الطريقة الغامضة وفي غياب من يهمهم الأمر، وقد تم توجيه العرائض الاحتجاجية إلى عامل الإقليم تحت إشراف غرفة الصناعة التقليدية التي توجه إليها المحتجون، في اليوم الموالي، وقد حصلت «الاتحاد الاشتراكي» على نسخ من هذه العرائض التي طالب فيها موقعوها من عامل الإقليم التدخل الفوري لتسوية الوضع والسهر على تنظيم انتخاب ديمقراطي يحضره جميع ممتهني حرفة البناء. ومن تداعيات التصعيد قيام الأمين السابق برفع دعوى قضائية في الموضوع إلى المحكمة الإدارية بمكناس، هذه التي سجلت القضية تحت عدد 764/ 09 / 6 ش، وباشرت إجراءاتها بخصوص ملف هذه القضية، حيث عقدت جلستها الأولى يوم الخميس 17 دجنبر 2009، وقد تم الأمر بتبليغ رئيس اللجنة التحضيرية للجمع العام للبنائين، باشا المدينة، والي جهة مكناس تافيلالت، ووزير الداخلية، بتاريخ هذه الجلسة وبنسخة من المقال الافتتاحي المتعلق بالطعن المقدم من طرف المشتكي، وربما لم يكن متوقعا أن تحتل القضية صدارة اهتمامات ومتابعات الشارع المحلي. الأمين السابق رفع من درجة غضبه إلى حد توجيه رسالة مفتوحة إلى الرأي العام المحلي والوطني، انطلق فيها مما وصفه ب»مضايقات السلطة له وتحينها الفرصة للإيقاع به»، حسب قوله، وذلك بداية من اتهامه في دعوى قضائية تتهمه بتشجيع البناء العشوائي رغم أن لا علاقة له، كما يقول، بمصلحة التعمير، وأن المسؤول عن هذه المصلحة هو الذي يفعل ما يريد عبر «استغلاله لقرابة تربطه بمسؤول إقليمي»، وزاد الأمين السابق للبنائين فادعى «أن السلطات تستهدفه بسبب عدم قبوله بالتصويت على صهر هذا المسؤول أثناء ترشح هذا الأخير لمجلس المستشارين خلال انتخابات تجديد الثلث، كما لم يقبل بالتعليمات الصادرة لأجل التصويت العلني في هذه الانتخابات». وفي السياق ذاته أشار الأمين المخلوع بأصابع الاتهام لباشا المدينة بالضلوع في ما وصفه ب «مؤامرة الانقلاب به»، وانتخاب الأمين الجديد على حرفة البنائين، «إذ تم صنع لجنة تحضيرية رتبت لتعيين الأمين الجديد للحرفة باعتباره شقيق مسؤول بالمنطقة»، قبل أن يكتشف الجميع أن هذا الأخير مقاولا، حسبما هو مثبت على بطاقته الوطنية، وليس بناء، يقول الأمين السابق الذي لم تفته المطالبة بالتراجع الفوري عما أفرزته «ظروف الثالث من دجنبر»، وتمكين البنائين من حقهم في اختيار أمين حرفتهم بالطرق الديمقراطية المنصوص عليها في القوانين والأعراف المعمول بها في هذا الصدد.