جديدة يابوس (سوريا) (أ ف ب) – أفرج فجر الاثنين عن 13 راهبة وثلاث مساعدات لهن من دير مار تقلا في معلولا السورية، بعد احتجازهن لاشهر على ايدي مجموعة مسلحة شمال دمشق، وذلك بفضل وساطة قطرية-لبنانية شملت اطلاق اكثر من 150 معتقلة في السجون السورية. وبث ناشطون معارضون صباح الاثنين شريطا مصورا يظهر نقل راهبات دير مار تقلا، وهن لبنانياتوسوريات، من مكان احتجازهن الى جرود بلدة عرسال الحدودية في شرق لبنان، حيث تسلمهن الامن العام اللبناني. ووصلت الراهبات بعد منتصف الليل الى معبر جديدة يابوس الحدودي مع لبنان حيث أقيم لهن حفل استقبال قصير في صالون الشرف، وبدا عليهن الارهاق. وقال مراسل وكالة فرانس برس ان احداهن لم تستطع السير ما استدعى حملها لانزالها من السيارة. ودخلت الراهبات وسط جمع من الصحافيين والرسميين والمدير العام للامن العام اللبناني اللواء عباس ابراهيم. وصافحت الراهبات مستقبلينهن، وبدت الابتسامة على وجوههن، وارتدين اللباس الديني القاتم اللون، وعلقن صلبانا حول اعناقهن. وقالت رئيسة الدير الام بيلاجيا سياف للصحافيين "نشكر الله تعالى الذي يسر الامور وسيدنا (بطريرك الروم الارثوذكس لانطاكيا وسائر المشرق) يوحنا العاشر (…) والسيد الرئيس بشار الاسد وتواصله مع امير قطر (الشيخ تميم بن حمد آل ثاني) ومساعدتهما لنا… نشكرهما فوق الحدود". وشكرت "الوسيط الكبير (…) اللواء عباس ابراهيم" الذي قاد المفاوضات مع مدير المخابرات القطرية غانم الكبيسي الذي زار بيروت الاحد. واكدت الراهبة ان ايا من المفرج عنهن لم تتعرض لسوء خلال فترة احتجازهن منذ مطلع كانون الاول/ديسمبر الماضي. وقالت "جميعنا، الاشخاص ال16 الذين كنا هناك، لم نتعرض لاي مساس بنا او سوء". اضافت "المعاملة كانت جيدة، حسنة، حتى ان شخصا يدعى جورج حسواني (احد وجهاء يبرود) وضع في تصرفنا كل البناية" التي احتجزن فيها في يبرود، ابرز معاقل المعارضة في القلمون قرب الحدود اللبنانية. واصدرت البطريركية الارثوذكسية في دمشق الاثنين بيانا اعلنت فيه "أن المساعي الحميدة لإطلاق الأخوات الراهبات واليتامى قد أثمرت إلى عودتهن سالمات". وإذ شكرت "كل الجهود المبذولة من كل الأطراف" للافراج عن الراهبات، اكدت البطريركية انها "تعمل مع كل ذوي النيات الحسنة لإطلاق كل المخطوفين ومنهم المطرانان يوحنا (ابراهيم) وبولس (اليازجي) والآباء الكهنة، وتدعو إلى نبذ كل تكفير وإرهاب وعنف وخطف". وتقع معلولا على بعد 55 كلم شمال دمشق، وهي بلدة غالبية سكانها من المسيحيين معروفة بآثارها ومقدساتها وخصوصا دير مار تقلا، ويتقن سكانها الارامية لغة المسيح. ودخلها مقاتلون في ايلول/سبتمبر قبل ان تستعيدها القوات النظامية، الا انهم سيطروا عليها مجددا في كانون الاول/ديسمبر. وكان مصدر مقرب من ملف التفاوض افاد ان الراهبات كن محتجزات لدى مجموعة من جبهة النصرة يقودها شخص معروف باسم "أبو مالك الكويتي". وقالت سياف ان "الجبهة كانت معاملتها جيدة معنا (…) كانت توفر لنا كل طلباتنا". واضافت ردا على سؤال عن سبب عدم وضعهن الصلبان اثناء الاحتجاز، ان الخاطفين لم يطلبوا ذلك، بل ان الراهبات فضلن عدم وضعه لانهن رأين ان وضعه لم يكن مناسبا نظرا لظروف الاحتجاز. واكد ابراهيم ان ما جرى "عملية متكاملة"، مشيرا الى وجود "موقوفات وسجينات تم اطلاق سراحهن"، وان "العدد اكثر من 150". وشدد على انه "لم يتم دفع اي بدل مادي". وكانت عملية الافراج تأخرت ساعات طويلة. وقال ابراهيم ان "الخاطفين حاولوا في اللحظة الاخيرة التغيير وتحقيق مكتسبات اكبر، لكننا قلنا لهم اننا ننفذ ما اتفقنا عليه، والا نوقف العملية". ووصلت الراهبات الى جرود بلدة عرسال المقابلة لمدينة يبرود التي تشن القوات السورية منذ اسابيع حملة لتطويقها، بدعم من حزب الله اللبناني. وتسلم الامن العام اللبناني الراهبات في المنطقة الجردية، ونقلهن الى الاراضي اللبنانية، ومنها الى جديدة يابوس عبر نقطة المصنع الحدودية بين لبنانوسوريا. واظهر شريط بثه ناشطون على موقع "يوتيوب" عملية التبادل. وبدت الراهبات يغادرن منزلا في منطقة غير محددة. وقالت راهبة للمصور "هذا الشهر الرابع. لا ناقة لنا ولا جمل… معليش (لا بأس)، لا شيء يضيع عند الله". وسمع احد المقاتلين يقول لها "اذكرونا بالخير"، في حين بدا مسلح آخر ملثم يحمل راهبة غير قادرة على المشي، قبل ان يضعها في سيارة رباعية الدفع، وهي تقول له "الله يقويك (يمنحك القوة)". وصعدت الراهبات في سيارات رباعية الدفع يقودها ملثمون، رفع احدهم علم جبهة النصرة. واظهرت اللقطات السيارات وهي تعبر منطقة جردية وسط ظلام دامس، قبل الوصول الى نقطة الالتقاء تحت المطر الغزير. وسلم عناصر الامن العام المقاتلين سيدة وثلاثة اطفال، قبل ان يتسلموا الراهبات. وسمع المقاتلون يهتفون "الله اكبر" بعد التسليم والتسلم. وافاد الناشط هادي العبدالله الذي صور فيديو عملية التبادل، عن "وجود معلومات لدينا ان 141 سيدة تم الافراج عنهن. نقلوا على متن اربع حافلات صغيرة الى نقطة المصنع الحدودية، وعادت غالبيتهن الى سوريا لانهن يرغبن في البقاء مع عائلاتهن"، مشيرا الى ان الافراج عن غالبيتهن "تم في الامس، تزامنا مع الافراج عن الراهبات". ورأى ان عملية التبادل "كانت ناجحة لاننا (كمعارضة) انتصرنا فيها". واشار مصدر في المعارضة السورية الى ان "عددا قليلا من الرجال" تم الافراج عنه ايضا، من دون تحديد العدد. واوضح المرصد السوري لحقوق الانسان انه تم اولا الافراج عن المرأة واولادها وتسليمهم الى المقاتلين ك "عربون حسن نية"، مشيرا الى وجود "149 معتقلة اخرى في عهدة الامن العام اللبناني بعدما اطلق سراحهن من السجون السورية بموجب الصفقة". واشار الى ان بنود الصفقة تقضي بتسليم السجينات المفرج عنهن بعد الافراج عن الراهبات. الى ذلك، اتهمت منظمة العفو الدولية القوات النظامية السورية باستخدام الجوع ك"سلاح حرب" ولا سيما في حصارها لمخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في جنوبدمشق. وقالت المنظمة الحقوقية في تقرير بعنوان "خنق الحياة في اليرموك: جرائم حرب ضد مدنيين محاصرين"، ان نحو 200 شخص فارقوا الحياة في المخيم بسبب نقص الغذاء والدواء، بينهم 128 جوعا. وتفرض القوات النظامية منذ اشهر حصارا خانقا على المخيم. الى ذلك، قتل الصحافي الكندي علي مصطفى في قصف جوي استهدف احد احياء مدينة حلب في شمال سوريا، بحسب ما افاد ناشطون في المدينة. وقال مسؤول في المجلس المحلي للمدينة ان مصطفى، وهو صحافي مستقل كان يبيع صورا لوكالتي "سيبا" و"ايبا" توفي الاحد في حلب.