يبحث مؤتمر إقليمي انطلقت أشغاله يوم أمس الثلاثاء بمراكش، أنجع السبل لإعمال خيار بدائل العقوبات السالبة للحرية وضمان نجاعته في الحد من الجريمة وحالات العود بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ويشكل هذا المؤتمر، المنظم من قبل وزارة العدل والحريات (مديرية الشؤون الجنائية والعفو) وإدارة السجون الدنماركية وسفارة مملكة الدنمارك بالمغرب على مدى ثلاثة أيام، مناسبة لتعزيز المعرفة حول بدائل العقوبات السالبة للحرية وتبادل التجارب والخبرات الدولية والممارسات الجيدة بين مختلف ممثلي الدول المشاركة. كما يعد المؤتمر، الذي يعرف مشاركة خبراء من المغرب والعالم العربي وافريقيا وأوروبا والولايات المتحدةالأمريكية، فرصة لاستعراض عدد من التجارب في مجال بدائل العقوبات السالبة للحرية من بينها تجارب الدنمارك والاتحاد الأوربي والأمريكية والإفريقية، والتجربة التونسية في هذا المجال بالنسبة للأحداث، إلى جانب تقديم مشاريع القوانين المغربية في هذا المجال. وأبرز وزير العدل والحريات مصطفى الرميد في كلمة تلاها بالنيابة عنه الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش، الحبيب أبو زيد، أنه على الرغم من أهمية العقوبات السالبة للحرية في تحقيق الردع فإن الممارسة العقابية أثبتت أن العقوبات الحبسية تفتقر للفعالية والنجاعة في تقويم السلوك المنحرف للجانحين، كما أن بناء السجون وتسييرها وصيانتها أصبح يشكل عبئا ثقيلا على المالية العمومية وأضحت كذلك فضاء لتعلم مختلف أنواع الجرائم. وقال في هذا السياق، إن هناك اجماعا لدى جميع الفاعلين الحكوميين وغير الحكوميين على أنه أضحى من الصعب اليوم استمرار المؤسسات السجنية على هذا الوضع سواء على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي، لافتا الانتباه إلى أن مجموع الاشكالات المرتبطة بالعقوبات السالبة للحرية تزداد تعقدا وعمقا عندما يتعلق الأمر بالطفل نظرا لصغر سنه وهشاشة تكوينه وحاجته إلى التربية داخل وسطه الطبيعي حيث يزداد الضرر جسامة بالنسبة له مما يكرس النزعة الاجرامية لديه ويوسع الهوة بينه وبين أسرته والمجتمع. كما أكد الوزير على استحضار توصيات ميثاق اصلاح منظومة العدالة المتعلقة بإقرار بدائل للعقوبات السالبة للحرية عند اعداد مسودة مشروع القانون الجنائي ومسودة قانون المسطرة الجنائية اللتين كان من أولوياتهما وضع منظور جديد للعقوبة يتوخى أساسا اصلاح مرتكب الجريمة وتكريس مبدأ أن سلب الحرية ليس هو الحل الوحيد للقعاب ولا يجب اللجوء إليه إلا عند الضرورة القصوى وبالنسبة للأفعال الخطيرة. من جهته، قال مدير مديرية الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بوزارة الخارجية الدنماركية يانس أوطو، إن اعتماد بدائل للعقوبات السالبة للحرية والذي يتطلب وقتا من خلال ما أبانت عنه التجربة الدنماركية الرائدة في هذا المجال، يعد أمرا مهما من شأنه الإسهام على نحو فعال في تحسين وضعية المؤسسات السجنية وأوضاع السجناء. وأشار، من جانب آخر ، إلى أن التعاون بين إدارة السجون الدنماركية والسلطات المغربية ساهم بشكل كبير في تعزيز ورفع الوعي لدى قضاة المملكة باللجوء إلى العقوبات البديلة، مؤكدا على دعم بلاده للمغرب من أجل الوصول إلى الإصلاح الذي ينشده في ظل دستور يعتبر أرضية ومنطلقا للإصلاح الديمقراطي. من جانبها، أبرزت مديرة إدارة السجون الدنماركية أنيت أيسدورف، أن المغرب الذي يبدي رغبة كبيرة في الاستفادة من التجربة الدنماركية في مجال إعمال العقوبات البديلة، قطع أشواطا هامة في سعيه إلى إقرار هذه العقوبات. ويأتي هذا المؤتمر في سياق أوراش الاصلاح التي فتحتها وزارة العدل والحريات من أجل تفعيل الميثاق الوطني لإصلاح منظومة العدالة والسعي لتحقيق النجاعة والفعالية والاستدامة المطلوبة لخدمات هذه المنظومة لاسيما ما يتعلق بالسياسة الجنائية عموما والسياسة العقابية على وجه الخصوص. وينكب المشاركون في هذا الحدث على مناقشة عدد من المواضيع تتناول التدابير المقيدة لبعض الحقوق، والتنسيق لإعمال بدائل العقوبات السالبة للحرية، والعمل للمنفعة العامة، وبدائل العقوبات السالبة للحرية بالنسبة للأحداث. الحدود