تمر الفيدرالية الفرنسية لكرة القدم من مرحلة حساسة،بعد أن توجهت إليها الأنظار،بسبب الضجة الإعلامية التي أثارها موقع "ميديا بار" عند نشره لمعلومات،تفيد أن الإدارة التقنية لهذه المؤسسة،التي تسير الكرة الفرنسية،تحضر فيها سياسة "الميز العنصري" تجاه المتدربين في اللعبة،المنحدرين من أصول عربية أو إفريقية. باريس بوعلام غبشي هي ورطة حقيقية وقعت فيها الفيدرالية الفرنسية لكرة القدم بعد أن كشف الموقع الفرنسي المعروف،الذي يديره مدير لموند السابق،إدفي بلونيل،لحديث دار خلال أحد اجتماعات اللجنة التقنية للفيدرالية يخالف بالمرة القيم التي تؤمن بها الجمهورية الفرنسية. و تضمن هذا الحديث عبارات تضرب ما يعرف بمبدأ تساوي الفرص الذي يضمن لكل فرنسي مهما كانت أصوله أو انتماءاته العرقية الحق في التنافس من أجل شغل جميع المناصب،و بالتالي الترقي الاجتماعي كما هو شأن باقي الفرنسيين الأصليين. و جاء ضمن هذا الحديث أن الجهاز التقني للفيدرالية الفرنسية يتوخى حصر عدد المتدربين من الأطفال و المراهقين ذوي الأصول المغاربية و الإفريقية في نسبة 30 بالمائة لا أكثر،نظرا لكون هذه الفئة من اللاعبين،بحسب تبريراته،لا تلعب في غالبيتها للمنتخب الفرنسي و تختار في الكبر اللعب لمنتخبات بلدان والديها. و تبين بعد أيام من هذه الفضيحة الكروية للفيدرالية الفرنسية،التي عراها موقع ميديابار،أنه كان بالإمكان أن تبقى حبيسة هذه المؤسسة لو بادر أحد مستشاري رئيس الفيدرالية بفتح تحقيق في الموضوع،بعد أن تلقى تسجيلا بهذا الخصوص من يدي محمد بلقاسمي أحد تقنيي الفيدرالية. و محمد بلقاسمي هذا،كشف عن هويته لوسائل الإعلام الفرنسية عقب تساؤلات عدة حول من سرب هذه المعلومات إلى الصحيفة الإلكترونية الفرنسية المذكورة،و لم يعبر عن أي ندم حول ما ما قام به،بل أكد على رفضه القاطع لهذه الممارسات في الرياضة الفرنسية. ازدواجية الجنسية في كرة القدم الفرنسية هذه الخطوة لا يمكن إلا أن يصفق لها الممارسون للعبة في مراكز التكوين و معهم أباؤهم،و إن كانوا لم يستشعروا أي تغيير في الأسلوب المتعارف عليه في هذه المراكز،بل هناك من اعتبرها مجرد زوبعة إعلامية لا يمكن لها أن تؤثر على السير المألوف لديها. ادريس خ،و هو من أصل مغربي،له ابن يمارس هذه الرياضة في مركز لتكوين لاعبي كرة القدم،له نفس الرأي،و لا يعبأ بما يدور في وسائل الإعلام من جدل حول هذه القضية،و إن كان يعتبرها "خطيرة"،و لا يمكن أن لها تخدم "المبادئ السامية التي عرفت بها الرياضة عموما و كرة القدم على الخصوص". هذا التوجه،الذي حاولت أن تتبناه الفيدرالية الفرنسية في انتقاء اللاعبين الذين هم في طور التكوين في مدارسها الكروية،طرحه،بحسب ما كشف عنه موقع ميديا بار،"مشكل ازدواجية الجنسية عند اللاعبين المنحدرين من المنطقة المغاربية و إفريقيا". هؤلاء اللاعبون يختارون بنسب عالية اللعب إلى منتخبات البلدان التي ينحدرون منها،ما لم يرق الإدارة التقنية في الفيدرالية الفرنسية،لكون غايتها الأولى من هذه المدارس هو تحضير لاعبين للمستقبل يستفيد من عطاء اتهم منتخب الديكة. و الإشكال أن الأمر أثير،بحسب ما نشر في وسائل الفرنسية،بالأرقام في دهاليز الفيدرالية الفرنسية لكرة القدم،ما دعا وزيرة الرياضة شونطال جوانو إلى فتح تحقيق في هذه القضية بموازاة مع تحقيق ثاني من داخل الفيدرالية،بعد أن تم إقالة،و بشكل مؤقت،الشخص الذي كان على رأس الإدارة التقنية. "بلاك ابلون بور" يوجد لورون ابلون،مدرب المنتخب الفرنسي،في قلب هذه العاصفة الإعلامية التي قد تغير مجموعة من الأشياء في الفيدرالية الفرنسية،إلا أنه رفض جميع الاتهامات التي وجهت له بهذا الشأن،كما أن بعض رفاقه في منتخب 98،و على رأسهم ليليون تورام طالبوه بالتنحي عن منصبه. و أصحاب هذا الرأي،أي المناديين بتغيير شبه جدري،في الفيدرالية الفرنسية لكرة القدم و معها العريضة التقنية للمنتخب الفرنسي،يطالبون بذلك دفاعا عن الشعار الخالد للنخبة الفرنسية لسنة 1998،و الذي عكس التعدد الثقافي و العرقي فرنسيا. فهذه التشكيلة الخالدة التي حقق بفضلها الزرق إنجازا تاريخيا بفوزهم بكأس العالم،أعطت روحا و نفسا حقيقيا لشعار بالألوان في الظاهر إلا أنه يعني ما يعنيه من تعدد في النسيج المجتمعي الفرنسي،سر غنى و ثروة فرنسا بشريا. و يقول هذا الشعار "بلاك ابلون بور"،في إيحاء إلى تنوع سحنات اللاعبين الذين شاركوا في هذا الإنجاز،و يجمعهم جميعا الانتماء الفرنسي،هؤلاء الذين توجوا الألوان الفرنسية بكأس العالم ستبقى للتاريخ،العديد منهم قدموا من بعيد و أصبحوا فرنسيين كباقي الفرنسيين. المتضرر الأول من هذه السياسة هم الصغار من أصل مغاربي السؤال الذي يطرح اليوم،هل لم يعد هذا الشعار يطرب في الوقت الحالي فئة معينة من المسيرين،فقط لأنها تخشى أن يسرق منها لاعبوها الذي سهرت على تكوينهم منتخبات أخرى؟،و هو تبرير يرفضه العديد من المنتقدين لمن سطروا لسياسة الكوطا في انتقاء اللاعبين الصغار في مدارس التكوين بناء على لون البشرة و انتماء الآباء. "لا يمكن أن نحرم صغار من ولوج مدارس تدريب كرة القدم..."،يقول مختص في اللعبة،فقط لأننا نتخوف من أن يختاروا في المستقبل اللعب لمنتخبات البلدان التي ينحدر منها آباؤهم،و الطفل أو المراهق،يعشق الكرة كلعبة قبل أن يفكر في اللعب لهذا المنتخب أو ذاك"،بحسب رأيه. و إلى ذلك،سيكون أول متضرر من سياسة من هذا النوع،لو لم تلاق الإدانة من أوساط مختلفة،اللاعبين الصغار من أصول مغاربية كما هو شأن نظرائهم من أصول إفريقية،و لا يمكن لها بذلك إلا أن تلقى الرفض و التنديد من هؤلاء الذين مروا من مراكز تكوين فرنسية،من أمثال اللاعب الجزائري رياض بودبوز،الذي قال "إنه منذ الصغر وهو يحلم أن يلعب لمنتخب بلاده" أي الجزائر. و للإشارة،فإن الأسماء التي لها أصول مغاربية و لمعت في سماء الكرة الفرنسية كثيرة،و لا يمكن حصر عددها،و هناك من اختار الدفاع عن الألوان الفرنسية و أحبته الجماهير الفرنسية مهما كانت أصولها ومعها الجماهير المغاربية من قبيل زين الدين زيدان و كريم بنزيمة،و اللائحة طويلة. كما أن لا عبين آخرين مروا من مدارس تكوين فرنسية و فضلوا اللعب لمنتخب بلدهم الثاني كحجي و الشماخ و غيرهم،و تعلقت بهم الجماهير الرياضية الفرنسية كما هو شأن المغاربية.