ماهى حدود الحزن,ماهى حدود الوطن؟؟ من معتكفى أفكر,وفى الشوارع التى يتراكض فيها حفاة الأطفال والعجائز وهم يمدون أياديهم ليشحذوا:عايز ربع جنيه بس أجيب عشاء! ماهى حدود الحزن وأخبار الموت والإنتحار والغضب تملأ الصحف وشاشات التلفزيون والكومبيوتر,وبى بكاء داخلى ينهج لا ينطلق ولا يتوقف بل يمكث هناك غصة حزينة وغاضبة فى منصف القلب. وكنتم خير أمة-هل كنا فعلا كذلك؟كيف وتاريخنا الماضى والحاضر يحفل بالأوغاد وقسوة القلوب والسياط والقمع-كيف؟ وأين هى حدود الوطن فعلا؟ومالذى تعنيه كلمة وطن! يتدفق الشعر فى عروقى فلا أكتبه,وأرى فى الكلمات كلمات وما فوقها ومابينها وماخلفها فيتحول الصمت قصيدة تتأمل. كتلة من الحزن والغضب أمشى وأعتكف,ولا أجد ملاذا لوجدى وغضبى وحزنى. أتذكر شابا يافعا عمانيا قطع شرايين أورتدته فى زمن بعيد,كان يافعا وعلى فراش الموت سأله أحبته لماذا؟أجاب الدنيا مؤلمة ومخيفة ولا أجد فى عذابات البشر عالما أود أن أحياه لذلك أود مغادرتها.لم يكن فقيرا ولا مشردا ولكن نظرة حالمة جعلته لا يرى نفعا للحياة فقرر الموت. والموت هو الهدف الأخير للحياة بعد أن تتجلى بكل زخمها لأى بشر.لكن قبل كل موت يتمنى البشر الحياة بجمال وروعة وسلام ما قبل أن يصل القطار إلى محطته المنطلق إليها.يهرب الناس نحو الأمل والعمل والحب والعائلة إذا واتاهم الحظ,فيما الكثير لا يجد فتمتلىء الدنيا بأنصاف وأرباع ولا حياة. يدمع قلبى, حقا,وأنا أرقب ذلك اليأس والغضب المكبوت والمعلن لبشر لا يصل أنينهم وهم فى أرجاء ذلك الذى ندعوه الوطن.كم من البوءساء والمرضى والفقراء والمعدميين والمنسيين والمهمشين والضحايا يمشون فى الشوارع ذاتها التى تضج بإعلانات حفلات الفنادق والمغنين والرقاصات والشاليهات والقصور والخمور والرحلات والأجهزة الكهربائية وأزياء الماركات العالمية والساعات والسيارات ولا ينتبه أحد إلى الفارق الشاسع بين المعلن عنه والمعلن إليه لأنه ببساطة كأنه غير مرئى,كأنه غير موجود لذلك ربما تتساوى الحياة والعدم بالنسبة إليه فيختار الموت حرقا أو دهسا أو شنقا أو بمخدر رخيص أو طعنة سكين صدئة أو القفز من مكان شاهق إلى حضيض الشارع.سميه إنتحار,إختيارا,إختصار الرحلة التى لا يود ذلك الشخص الإستمرار فى تحمل ألمها.فما هى حدود الحزن وماهى حدود الوطن؟! جاء سيدنا عيسى برسالة الحب والمحبة لهذا العالم فصلبوه وأدموه وبقى صليبه معلقا على أعناق البشرية حتى بعد مرور ألفين عاما على رسالته.وجاء محمد بفكرة العدالة الإجتماعية والمساواة بين البشر فشرد أحفاده وقطعت أعناقهم ولم يتحقق من تلك العدالة ولا المساواة ما نعتز به فى دياره وديارنا,بل أنها اليوم وبعد كل تلك القرون أكثر الأماكن ملكية وطبقية وإسئثارا بشئوون شعوبها فى هذا العالم الحديث الذى ودع الملكية والإمارة منذ زمن بعيد وإستبدلها بدساتير وحريات ومساواة وإنتخابات ومحاسبة بينة لأولى أمر الشعوب فى الغرب الحديث ودول العالم المتحضر.وجاءت الدساتير والقوانين الدولية الجديدة والحريات فما أخذنا من الغرب إلا صور زنكوفونية شاحبة لصورة الجمهورية والمجالس النيابية وغرفنا بقدر المستطاع من أجهزته القمعية ومخابراته وأسلحته القديمة ووحشيته الرأسمالية كى نزرعها شامخة فى أوطاننا,ونتلاعب بألألفاظ والمسميات ضاحكين على ذقونه وذقون شعوبنا وذقوننا أحيانا عندما نسقط فى البئر العميقة التى ملأنها بالأفاعى السامة لغيرنا. ترى كيف رات الأم تيريزا حدود الوطن وهى تجمع الطوب لبناء محميات لمرضى الجذام ومعدمى وأطفال كالكتا فى الهند؟السيدة الأولى على من هى أولى يا ترى ونحن نرصد ثروات زوجة الرئيس التونسى المخلوع بن على؟أنديرا غاندى حكمت بهنديتها ولباسها التقليدى وأغتيلت ولم نرى عدد أحذيتها كما حدث مع أميلدا ماركوس زوجة رئيس الفلبين المخلوع.وغولدا مائير الصهيونية لم نرى أثرا ليد الكوافير على شعرها الشائب طوال فترة قيادتها للحروب ضد العرب,ولم نرى رئيسة الهند الحالية أو إمبراطورة اليابان وهى تتشمس بالمايوه القطعتين على شواطىء كان كما رأينا ملكة الأردن الحالية وغيرها.لقد نشأت فى الآونة الأخيرة صورة للسيدة الأولى فى العالم العربى تحاول التماهى مع نشرات فوربيس المالية وهيلو بمجتمعها المخملى وإحتشدت بالمدعوات السيدات الأوول فى دولنا العربية فيما مجتمعاتنا لاتزال ترزح تحت الحجاب والنقاب وقصص مذابح الشرف وأرامل الشئوون الإجتماعية.وفى بعض الدول صارت السيدة الأولى شبه مقدسة فصورها وترأسها للمؤتمرات وكلماتها وصفاتها ما لا تستطيع يد أن تنتقده أو تمسه.ربما صدور مذكرات تحية كاظم زوجة الرئيس عبدالناصر اليوم تلك التى لم ترتدى سوى ثياب خاطتها يد خياط مصرى ولم ترأس إجتماعات الليونز والروتارى والأمم المتحدة تجعل المقارنة فاصلة بين نموذجها ونماذج السيدات الأوول العربيات اليوم. يريدون الحكم والسلطة والمال ومؤسسات التعليم والصحافة والإعلام والمجوهرات وأزياء باريس وعمليات التجميل وأن يعبدوا فى أوطانهم وثنا وهم يشبهون بيرلسكونى أكثر من فاطمة وعائشة ومريم وتيريزا-فماهى حدود الحزن وماهى حدود الوطن؟! يكممون الأفواه,ويكسرون الأقلام,ويصادرون الفكر والحريات والكتب,ويدبجون الخطابات ويمدحهم شعراءهم ويدافع عنهم كتابهم ويحيطون حاشيتهم بالمفكرين والأكاديمين والمثقفين ويدفعون بلا حساب فهؤلاء هم دروعهم البشرية ومن لا يعرف كيف يلقى خطابا أو يكتب كلمة سوق يجد له الخادم المطيع الذى يتلاعب بالكلمات كساحر ماهر يستمد سحر عصاته من قوة مولاه,ويصفقون لهم حتى تسقط الكفوف من الكفوف وتخلع الوجوه من الوجوه ويعدونهم بحب وولاء للأبد-بحسب ما يمتد ذلك الأبد السقيم. لم ينصبوا اروقة العزاء للقتلى والشهداء فى بقاع هذه الأمة-وما أكثرهم-فموت أولئك يمر كخبر عادى بين الأخبار.لم يكفنوا اوطانا ماتت أو تمزقت-بل أخذوا قطعا صغيرة منها ووضعوها فى برواز سوفينير فى صالوناتهم كأى سائح يزور الشرق ويقتنى زجاجات الرمل الملون كتذكار.وكلما تدخلوا كان ذلك ليساندو معتديا على العرب بالأموال والأراضى والسلاح ولا بأس ببعض القوى من شباب ذلك الوطن فى قوى الأحلاف هنا وهناك.او يتدخلوا لمساندة طائفة هنا وهناك سنية أو شيعية أو مسيحية كتائبية أودرزية أو غيرها.يمنحون السلاح وقرارات أصدقائهم الدوليين ليحققوا أهدافهم هنا وهناك وكان الوطن قطعة قماش لا بد من تقطيعه لصناعة لحاف من المزق ليغطوا شعبه-فما هى حدود الوطن؟وبإسم التقدم الإقتصادى ولربح التجار وإستقطاب رأس المال العالمى يبيعون بيوتنا وأراضينا شبرا شبرا ويفقدوننا هويتنا لترتمى على أطراف الصحراء ويفقدون أطفالنا لغتهم وإنتماءهم بإسم العولمة والتقدم فيما صور المنتحرين من العمال والعاملات الآسيويات بلا إسم تملأ الصحف.يموت أولئك فى سقوط عمارة تبنى أو حريق مسكن عمال أو تحت شمس القيظ القاتلة أو منتحرين ولا يبالى بهم أحد-أولئك الذين يبنون جنة الوهم فى سراب صحراء تبيع نفسها ولا تبالى بمصير الغد حيث لا أحد يحاسب ولا أحد يسأل ولا أحد يملك أن يعترض.فما هى حدود الوطن. كنتم خير أمة فى العالمين,هل كنا كذلك؟هل نحن كذلك؟ ماهى حدود الحزن؟ ماهى حدود الوطن؟ القاهرة 21-1-2011