استجواب العميل السابق للاستخبارات الجزائرية كريم مولاي،لا يعني بالضرورة تبني تصريحاته في شأن حقيقة ما حدث بخصوص الاعتداء الإرهابي على فندق أطلس أسني سنة 1994،و إنما تطرح،اليوم،كفرضية جديدة،لا يمكن إلا للسلطات الأمنية و القضائية المغربية التأكد من صحتها،لأنها تصريحات خطيرة إن تأكدت حقيقتها فسوف تزيد من تعكير أجواء العلاقات المغربية الجزائرية،بل و في تعميق الأزمة أكثر بين البلدين. و كريم مولاي هذا تحدث لنا بذاكرة متيقظة،يستحضر في كل حالة حالة كل التواريخ التي أطرتها.و هذا الأمر يلمس على طول الاستجواب ما يعطي الانطباع أن كلامه قريب جدا من الحقيقة إن لم تكن الحقيقة بأم عينيها.فهو كشف للصباح عن سر التحاقه بالاستخبارات الجزائرية،و ممارساته بداخلها،و ما تعرض له عندما قرر يوما أن يطوي صفحتها،كما وقفت الصباح معه بشيء من التفصيل عند دوره الذي يعترف به في الاعتداء الإرهابي على أطلس أسني،و من خلاله تحركات الاستخبارات الجزائرية على التراب المغربي. -الجزء الثاني من الحوار- أي أنك كنت تتواجد خلف القضبان منذ البداية على خلفية تهمة معينة وهمية؟ نعم و هي تهمة النصب و الاحتيال هل حضرت أو شاركت في عمليات تعذيب أو اغتيال؟ لا،و لو لمرة واحدة لم أعذب و لم أشارك في أي عملية تعذيب،و أتحدى من يثبت ضدي العكس.لكنني عاينت عملية اغتيال عميد جامعة باب الزوار. كيف؟ صالح جبيلي الله يرحمه قدم استقالته من العمادة على رأس الجامعة،لأنه كان يرفض اقتحام الحرم الجامعي من طرف الأجهزة الأمنية،و رفض وزير التعليم العالي قبولها.كان متزوج من فرنسية،التي انتقل معها في وقت من الأوقات إلى فرنسا.وعند رجوعه إلى الجزائر في ماي 1994 لحضور جنازة والدته،بلغت عنه شخصيا مصالح الاستخبارات التي وجهت لي تعليمات بأن لا أرافقه أو أركب معه سيارته،لأنه كانت تربطنا علاقة ببعضنا منذ اشتغالي معه في الجامعة.و قاموا باغتياله رميا من الرصاص غير بعيد عني حيث كنت أتواجد على بعد 300 متر من العملية،عندما كان يهم بمغادرة الجامعة،كما قتل معه حارسه الشخصي. كيف تمكنت من الفرار نحو الخارج لتستقر في لندن؟ عندما غادرت السجن كان جوازي محجوزا بيد مسئولي المدعو ع القادر عباسي،وهو رجل الاستخبارات الذي أشرف على نقل ع الحق لعيايدة من المغرب إلى الجزائر،الذي أتاني يوما بجواز سفري وقال لي "حضر نفسك لمهمة بالخارج".زوجتي التي ارتبطت بها قبل أسابيع فقط لم تكن تعلم بحقيقة عملي,وكل ما قلت لها أننا سنذهب إلى ماليزيا لقضاء شهر العسل هناك،هدية من المسئولين في الوزارة التي اشتغل لحسابها أي وزارة التعليم العالي.سافرت إلى ماليزيا في دجنبر 2000 بقرار أني لم أعد مرة أخرى للجزائر.و عند التقائي بمسئول المخابرات الجزائرية هناك حدد لي مهمتي الجديدة في أن اغتال نجل عباس المدني الذي يحمل الجنسية الألمانية.وقال لي بالكلمة الواحدة "يجب أن يعود إلى الجزائر في ثابوت".زوجتي عادت إلى الجزائر في 16 يناير 2000،و أنا حملت حقائبي بعد أن رفضت اغتيال ابن عباس مدني و حجزت نحو بريطانيا حيث طلبت اللجوء السياسي. أطلقت تصريحات خطيرة تتهم فيها الاستخبارات الجزائرية على أنها كانت وراء الاعتداء الإرهابي على فندق أطلس أسني.لماذا هذه الخرجة الإعلامية حتى هذا الوقت بالذات؟ هذه ليست بخرجة إعلامية،هذه حقيقة يجب توضيحها للرأي العام المغربي و الفتاة المغربية التي لم يكتب لي الزواج منها،وهي من العدل و الإحسان،لإرضاء ضميري.فأنا أطلب السماح من جلالة الملك محمد السادس نصره الله،و من الشعب المغربي.أنا أحب المغرب وهو البلد الأقرب جدا إلى قلبي.و أقول لك أني سأموت و في الكثير من الحرمان و الغبن إن لم أزره مرة أخرى. ماهي نوعية التقارير التي كنت تنجزها لفائدة الاستخبارات الجزائرية انطلاقا من المغرب؟ دخلت إلى المغرب سبع مرات و في المرة الأخيرة دخلته باسم مستعار،ذلك قبيل عملية أطلس أسني،حيث كنت أنجز تقارير أمنية انطلاقا من مدن معينة هي الدارالبيضاء،الرباط،وجدة،قنيطرة،خنيفرة،الريش،فاس،مكناس،و الراشيدية. يمكن أن توضح لي أكثر مضامين هذه التقارير الأمنية؟ كنت أحدد مواقع مؤسسات الدولة في هذه المدن،أهم الشوارع الموجودة بها،و الأماكن المعروفة فيها،كما كانت لي مهمة تحديد انتشار الجزائريين على التراب المغربي،و ربط علاقات. كنت تلتقي بأشخاص داخل هذه المدن؟ نعم من هم؟ للأسف لا يمكن لي أن أكشف عنهم الآن. صرحت أنه كانت لك علاقة بمسؤول أمني بالراشيدية؟ تماما كيف تعرفت عليه؟ أرجو أن تعفيني من هذا السؤال. ماهي المساعدة التي كان يقدمها لك هذا المسؤول الأمني في عملك الاستخباراتي؟ حقيقة لقد ساعدني كثيرا،وهو من كان له الفضل في ربط علاقة لي مع مسئول مركز الاتصالات بمراكش،وكلاهما يوجدان اليوم خارج المغرب،الأول في ليبيا و الثاني في كندا. هل كان هذا المسئول الأمني يعرف طبيعة عملك؟ نعم،فهو كان صديق لي و عميل،و كان يتلقى مقابل تعاونه معي عمولات مهمة بالفرنك الفرنسي،كما أنه لم يكن يحب الحكم المغربي. و ماهي هذه الخدمات التي كان يقدمها لك العميلان المغربيان؟ بالنسبة للضابط،أولا كاد أن ينكشف أمري في الراشيدية إلا أنه تستر علي،وقال لمسؤوليه إنني ليس لي علاقة بالتجسس،كما أنه قدم لي أسماء جميع الجزائريين القاطنين بالمنطقة،أما مسئول الاتصالات في مراكش ساعدني من خلال بيانات الهاتف على التعرف على اتصالات جزائريين أو جزائريين يحملون الجنسية المغربية أو الفرنسية ثم على الاتصالات القائمة بين مغاربة و جزائريين داخل المغرب و اتصالاتهم بين المغرب و فرنسا.و لم يستقر قرار الاستخبارات الجزائرية على مراكش حتى أبريل 1994،و كنا نستغل مركز الاتصالات السلكية و اللاسلكية بتعاون مع المسئول نفسه. من هما هذان الشخصان أي المسئول الأمني و مسئول الاتصالات؟ كما قلت لك لا يمكن لي أن أشير لهما بالاسم،لأنني سأضع حياة أسرهما في خطر.و إن فتح تحقيق دولي أنا مستعد لتقديم كل المعلومات ولي صور معهما و مع جميع عملائي الذين تعاونوا معي في المغرب. و أين انتهت في الأخير هذه العمليات التجسسية على مكالمات الآخرين؟ حسب التعليمات أردنا تحديد شبكة من المغاربة و الجزائريين يحملون الجنسية الفرنسية على قائمة تضمنت ما بين 40 حتى 50 اسم،وبدأت تتقلص بتوجيه من مسئولي ع القادر عباسي حتى أصبحت تحمل حوالي 15 فرد. و ماذا بعد؟ نظمنا لهؤلاء سهرة بفندق فخم بمراكش غير بعيد عن عمالة المدينة. من حضر في هذه السهرة؟ المسئول الأمني ومسئول الاتصالات و عملاء جزائريين و مغاربة.حضرت فيها الخمرة و العاهرات وما إلى ذلك. لكن ماذا قيل في هذه السهرة و من حضرها بغض النظر عن القائمة التي حددتها؟ في المجموع حضرها حوالي 50 شخص،لكن لا أعرف الآخرين،لأنه لم يكن من حقي أن أستفسر في أي شيء.تحدث فيها ضابط في الاستخبارات الجزائرية و قال أمورا معادية للمغرب لا أقل و لا أكثر.