حذرت مجموعة من الإطارات المدنية بالجنوب الشرقي من مغبة إفراغ حفظ الذاكرة من مضمونها، كجزء لا يتجزأ من عملية جبر الأضرار الجماعية، وتحويلها إلى مجرد مشاريع ترميم معزولة عن سياقها ورمزيتها، وعن أهداف العدالة الانتقالية، ودعت إلى وجوب السهر على أن تكون برامج جبر الضرر الجماعي أداة لتعزيز التلاحم والتآزر بين الساكنة، وتفادي كل ما من شأنه أن يزرع بذور التشتت بينها، أو الإحساس بالحيف لدى بعضها، وإلى إشراك الضحايا في هذا المسار. جاء في ذلك في بيان صادر عن المنتدى الاجتماعي الموضوعاتي الأول حول برنامج جبر الضرر الجماعي بجهة الجنوب الشرقي، نظمه القطب الجمعوي للتنمية الديمقراطية بالجنوب الشرقي، أخيرا بالرشيدية، وشارك فيه حوالي 220 مشاركا ومشاركة من ممثلي الجمعيات والتعاونيات بالجنوب الشرقي. كما دعا المشاركون في هذا المنتدى إلى معالجة شمولية لملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، عبر تفعيل مستلزمات جبر الضرر المجتمعي الواردة في التقرير الختامي لهيئة الإنصاف والمصالحة، وخصوصا منها تلك المتعلقة بالمعالجة الشاملة والعادلة والمنظمة لملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بالمغرب، من خلال كشف حقيقتها، والمسؤولين عنها، ومساءلتهم، وإقرار تغيير دستوري وتشريعي ومؤسساتي وإداري وتربوي من شأنه ضمان عدم تكرار ما جرى، مع إرساء أسس دولة القانون، من خلال تفعيل مبدأ عدم الإفلات من العقاب، وتعميم برامج التربية على حقوق الإنسان، عبر تفعيل الأرضية المواطنة للنهوض بهذه الثقافة، والمصادقة على النظام الأساسي المحدث للمحكمة الجنائية الدولية، ورفع التحفظات والمصادقة على كافة المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، والعمل على إدماجها في القوانين الداخلية، مع إقرار مبدأ سمو الاتقاقيات الدولية على القوانين الداخلية في حالة التعارض... وبعد تثمينهم للمقاربة المعتمدة في جبر الضرر، التي تربط بين الأضرار الفردية والجماعية والمجتمعية، وثنائهم على برنامج جبر الضرر الجماعي بجهة الجنوب الشرقي، باعتبارها إحدى أهم المناطق المتضررة بشكل كبير من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، أكد المشاركون في هذا المنتدى على إيجابية الربط بين جبر الضرر الجماعي والحفاظ على الذاكرة، ودعوا إلى تعزيز قدرات الفاعلين المحليين، خاصة في مجال الحكامة المحلية والمواطنة ومقاربات التنمية، وتأهيل النسيج الجمعوي ليكون شريكا فاعلا في هذا المسلسل، من خلال إعمال مبادئ الحكامة الجيدة في تدبيره، والتحلي بروح المسؤولية والنزاهة والقيم النبيلة للعمل الجمعوي الهادف والمرتبط بالمصلحة العامة، مع ضمان انخراط كافة المصالح الخارجية للدولة والجماعات المحلية والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني والساكنة المحلية في هذا البرنامح، تحقيقا للالتقائية المجالية وفق مبادئ العدالة والإنصاف. كما لم يفت المشاركين الحث على وجوب تضافر جهود كل الفاعلين، من أجل استثمار برنامج جبر الضرر الجماعي كرافعة لعملية الانتقال الديمقراطي، واسترجاع ثقة المواطنين في الدولة وفي أنفسهم، وإنصاف الساكنة بمختلف فئاتها، وتوفير شروط مصالحة فعلية مع الماضي الأليم، مع تفعيل توصيات لقاء التقييم الوطني الداخلي لعمل التنسيقيات بخصوص جبر الضرر الجماعي حول الإطار المؤسساتي، والتخطيط الاستراتيجي والتواصل الداخلي والخارجي، وتقوية القدرات والشراكات وتنفيذ وتتبع وتقييم المشاريع، وإعمال المقاربات الحقوقية القائمة على حقوق الإنسان المرتكزة على احترام المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان، وتكريس قيم المواطنة، وضمان المشاركة الفعلية لكافة الأطراف المعنية في بلورة واتخاذ القرارات مع إيلاء أهمية خاصة للمشاركة الحقيقية للسكان المحليين، من خلال توظيف الآليات الكفيلة بضمان انخراطهم، وخصوصا الفئات الهشة منهم، مع أخذ الحاجيات الآنية والمصالح الاستراتيجية لمختلف الشرائح الاجتماعية، بعين الاعتبار، وخاصة منها النساء والطفلات وذوي الاحتياجات الخاصة والأشخاص في وضعية إعاقة والمسنين ذكورا وإناثا. وكل هذا، حسبهم، في أفق بناء دولة ديمقراطية حداثية وقوية متصالحة مع مجتمعها، تسير نحو مستقبل موحد ومشترك تسود فيه الديمقراطية وحقوق الإنسان.