صارالفيلم الكوميدي الأمازيغي متعدد الموضوعات ، متعدد القوالب الفنية، وبذلك حقق تراكما يستحق النقد والدراسة والخلخلة قصد الوقوف على عناصر القوة وعناصر الضعف فيه ، والسينما الامازيغية من حيث التراجيديا والكوميديا رغم ذلك مازالت تحتاج إلى تحقيق تراكم فيلمي نوعي يمكنها من اختيارات فنية ترشحها وتمكنها من تسويق ثقافتها مع تبوئها منزلة متميزة في الريبرتوار السينمائي المغربي ، والعالمي حتى ولِمَ لا. و الأفلام الكوميدية الامازيغية تمتلك من الإمتاع بقدرما تمتلك من نقد وتوجيه لتصحيح الاعوجاج القيمي ، مع الإشارة إلى أن بعضها يسقط في إسفاف وإساءة النظرة نحو الإنسان الامازيغي المتحضر والمحافظ على قيم المروءة والشهامة وحسن الخلق . وما نقدمه في هذا المقال ما هو إلا قراءة أولية عابرة لفيلم " ءوماجوج ءبيقس " . هذا الفيلم كوميدي بامتياز، وقد انصَّبت ألأحداث المُشكِّلة لبنيته من بدايتها حتى النهاية على شخصيتي كل من "أوماجوج إبيقس " الأكول الشره و" إيدر" الكريم العطوف الصبور . والقصة محور الفيلم تتعلق باستضافة "إيدر" ل"أوماجوج إبيقس"بعد أن وجده مرميا في البحر جراء مطاردة أهل حي له بحجة مخالفاته السلوكية الكثيرة .وقد انتهى به الأمر إلى مطاردة ثانية تضم مستضيفه " إيدر " الذي نفد صبره فأصبح متذمرا هو الآخر من سلوكياته بعد معاشرته لمدة معينة ، وقد كان ذلك الحدث الذي انتهى به الفيلم . وكثيرة هي اللوحات الكوميدية التي تحرك أحداث الفيلم ، إلا أن سلوك الشرَهِ في ازدراد الطعام كان الطاغي على أحداث الفيلم في علاقة بالضيف الثقيل وهو المدعو " ءوماجوج ءبيقس " ، سلوك الشره كان في الفيلم سلوكا متنوعا متطورا من البسيط نحو المعقد ، وقد رافق تنامي هذا السلوك تنامي امتعاض واستنكار " إيدر " له . هذا التنامي للحدث الخاص ب"ءوماجوج ءبيقس" المسرف الذي لا يبدو أن لاشيء يسد جوعه الفريد، قدمه الفيلم كالتالي : "ءوماجوج ءبيقس " : يلتهم مرق وخضر وجبة غذائية ولم ينتظر إحضار إيدر للخبز . " إيدر" يتعجب من الواقعة ويذهب توا إحضار المزيد ليجد "ءوماجوج إيبيقس" قد التهم الخبز كله ، والقصة هذه معروفة في الحكايات المتمحورة حول نوادرجحا . "إيدر" يخلد إلى النوم ، و"ءوماجوج ءبيقس "يبحث عما يأكله ،وقد انتهى به الأمر إلى :أكل طائريْه المحبوبين المُسَكَّنَيْن في قفص جميل . شَيُّه (من الشواء) لكُليْب جارته سعاد واتخاذه وجبة غذائية يحاول سد جوعه بها . طرده لخادمة "إيدر" وانتزاعه لملابس عملها ، وقد حاول أن يقوم مقامها في مشهد مضحك. إعطابه لسيارة إيدر عند ادعائه أنه ميكانيكي خبير. اضطرابه وهو يحلم بما طرأ له من مطاردات وتوعدات من قبل خصومه الذين يسكنون الحي الذي استقر به مؤقتا . الفيلم برمته يقدم نوعا من أنواع الكوميدية الامازيغية المركزة على غرابة التصرف والسلوك الصادر من شخصية معينة . من الأحداث الثناوية التي تخللت الفيلم : محاولة " حسن" خطوبة الشابة المدعوة " سعاد" التي واجهنه بنظرات السخرية والرفض ، بل غنها اطلقت عليه كليبها الغريب اذي طره عبر لقطة مثيرة . شجب حسن لفضول التاجر الذي حاول أن يعرف سر ابتياعه لكثير من السكر على غير العادة وقد أفحمه بأجوبة صادمة ومثرة للتساؤل . هذه الأحداث كلها ترتبت ترتيبا فنيا اعتمادا على حسن التدرج في بناء السيناريو مع اتزان في الإخراج ، ورغم بساطة قصة الفيلم ، فإن تطور الحدث جعلته في مستوى الإثارة الفرجوية ، رغم أنه لا يحمل رسائل أكثر أهمية وأكثر عمقا اجتماعيا وتربويا . فالكوميديا ينبغي أن تحمل ما تراه كفيلا بتعميق الوعي بمجريات الواقع سلبا وإيجابا . خاتمة الفيلم هي مقدمته بشكل غير مباشر، فالبطل "ؤماجوج إبيقس " كان مطرودا ليرمي بنفسه إلى البحر، وقد نجم عن ذلك شعور بالخوف لازمه طيلة استضافته من قبل "إيدر" فقد كانت نوبات الاضطراب تهز كيانه كلما سمع أو تذكر احد المطاردين له .، إلى أن صار مطرودا بالفعل من قبل متهميه وقد صار صديقه ومكرمه "إيدر" فردا من المطاردين له بعد أن نفد صبره أمام سلوكاته المستفزة المضجرة . لقطات الفيلم بساطتها وجمالية تصويرها أعطت للفيلم تميزا ما ، علاوة على الشخصيات المديرة لأحداثه وأهمها شخصية " إيدر " التي كانت مجسدة من قبل الممثل المعروف " مصطفى الصغير " وشخصية "ؤماجو إبيقس " التي ادى دورها الكوميدي الامازيغي الذي أدى أدوارا كثيرة لفائدة السينما الأمازيغية مند بدايتها " أحمد ناصيح" . وفي نهاية الفيلم نكون بصدد عمل فني لا يخلو من متعة ومن تسليط الضوء على بعض العلاقات الاجتماعية الجارية في الوساط الأمازيغي والمغربي بصفة عامة ، وتبدو من خلال الأحداث الرئيسية ، والأحداث الثانوية المؤثثة للمشهدية في الفيلم . الفيلم يبرز كونه محبوكا بخطة لا تخلو من دقة تركيب اللوحات الحاملة لاحداثه علما أن سر نجاح أي فيلم يتمثل في متانة وإحكام التشييد لمؤثثاثه عبر نظرة فنية وفضاء مناسب . والفيلم الذي نحن بصدد قراءته يضجر المشاهد بالقدر الذي يثيره إذا اعتبرنا تعاطفنا يكون غالبا مع المعتدى عليه ومع المظلوم ، فكل ما صدر من "ؤماجوج بيقس " منغص ومثير لكثر من المتاعب إزاء مستضيفه الكريم الصبور " إيدر " ونشير إلى كون نمو الحدث وتطوره بشكل يوحد مكونات الفيلم يكشف ملمحا دراميا لا باس به عموما . هذا الفيلم الكوميدي يقوم على سيناريو لابأس به و ينم عن تروٍّ وعناية بدرجة ما في حبكه وصياغته ، ويظهر ذلك من خلال تمكنه من بناء الأحداث في إثارتها انطلاقا من موضوع نعتبره بسيطا دون نسيان مساهمة كل من المونطاج والتصوير في ذلك. إلى جانب الحوار الجاري بين الشخصيات علما بأن الحوار في السينما له خصائص تميزه عن غيره من حوارات القص والرواية والمسرح ، فهو العنصر المبين لموضح اللقطة إذا اعتبرنا أن أي فيلم ما هو إلا مجموعة من الصور التي تحمل وسائل تعبيرية من بينها الحوار. فالحوارات كانت مناسبة للشخصيات وفق تصرفاتها والشكل الذي ظهرت به من جراء أحداث الفيلم . على أن فكرة الفيلم لم تنخرط في إطار اللوحات الكوميدية ذات التوجه والأسلوب النقدي الهادف إلى الانتقاد الصارخ في وجه كثير من القيم السلبية والمساعدة على تخطيها نحو الأفيد والأنفع للفرد والمجتمع . والرسالة الوحيدة التي يحمله الفيلم في اعتقادنا هي أن من يقترف الكثير من المخالفات ضد الناس مصيره الإبعاد والإقصاء. ويبقى فيلم " ءوماجوج ءبيقس " فيلما كوميديا ينضاف إلى التراكم الفيلمي والإبداعي الأمازيغي ، هذا التراكم الذي سيفرز عطاءات أكثر نضجا اعتمادا على استفادتها مما سبقها من أعمال تحمل إيجابيات ينبغي تطويرها ، وسلبيات ينبغي تلافيها وتجاوزها . هامش : فيلم " ءوماجوج ءبيقس : " إخراج : يوبا أوبركا. سيناريو وحوار : محمد انفلوس . قلعة مكونة-لحسن ملواني ''الفوانيس السينمائية'' نرجو التفضل بذكر المصدر والكاتب عند الاستفادة