اقترن اسم الممثل العالمي كيفن كوستنر بفيلم (الراقص مع الذئاب) الذي قام بإخراجه وتمثيله ووضع السيناريو له ليحصد سبع جوائز اوسكار، رغم ان التوقعات كانت تراهن على فشل هذا الفيلم لاعتماده على أفلام الوسترن التي تم هجرها منذ الخمسينيات من القرن الماضي في أفلام ( جون واين وآخرين)، لكن المشاعر تحولت باتجاه الفيلم بعد عرضه في دور السينما، ويقول ( نك يانغ)الذي وضع كتابا عن كوستنر تحت مسمى الراقص مع الذئاب إن كوستنر كشف في هذا الفيلم عن كونه ممثلا استثنائيا نجح بإخراج فيلم الراقص مع الذئاب بسهوله وان يحقق شهرته بسهولة خلافا ( لروبرت ريد فورد)الذي عانى من قضية الإخراج ليجدها شاقة بما تعنيه هذه الكلمة من سجل دلالي وكذلك ينطبق الامرعلى الممثل الشهير جاك نيكلسون. وبدل التوقعات حول فشل كوستنر وهو يستعيد تقاليد أفلام الوسترن ، فان مشاعر التخوف تبدلت إلى موقع آخر هو موقع الخوف على فشل كوستنر في أعمال أخرى لا ترقى إلى مستوى فيلم الراقص مع الذئاب الذي اقترنت شهرة كوستنر به ، وبالفعل فان كوستنر رغم انه قدم أعمالا رائعة بعد ذلك ومنها ( اللا مرتشي أو آل كابوني ) إلى جانب الرائع روبرت دي نيرو وشين كونري واندي كاسيا وكذلك فيلم المنتقم مع أنتوني كوين وساعي البريد المقاتل وأفلام أخرى كثيرة ومنها فيلمه الرائع حقل الرغبات إلا إن التوجه النقدي توقف عند حدود مقاربة فيلم الوسترن الراقص مع الذئاب ، وبالفعل فان الراقص مع الذئاب هو المحطة المشرقة في مسيرة كوستنر الفنية.بيد ان هذا لا يلغي إن كوستنر ظل يقدم بذات العمق الإنساني الذي حملته رسالة فيلم الراقص مع الذئاب العميقة بتجلياتها الإنسانية، خصوصا مع فيلم ساعي البريد المقاتل الذي يشتق زمنا افتراضيا هو زمن انهيار أميركا وإعادة تأسيسها في إطار من المفاهيم التي يخترعها كوستنر لتخليص القبائل الخاضعة لسيطرة الديكتاتوريات المنبعثة بشكل قبلي وإرهابي للسيطرة المطلقة.ان هذا الفيلم يختار الفنتازي للدخول الى عالم السياسة الذي لم يبدو مسليا لو انه لم يقعد في إطار هذه الخاصية الفنتازية ، إن شغف كوستنر بالفنتازي هو الذي كان مفتاحه للنجاح في فيلمه الرائع حقل الرغبات.
فنتازيا حقل الرغبات
كما كان الرهان على فشل الراقص مع الذئاب فان الرهان أيضا كان منصبا على فيلم ( أزواج آني) الذي مثل فيه إلى جانبه سوزان سارندن والمتألق تيم روبنز بطل الفيلم المهم ( السجن شاوشانيك) وهو ذات الرهان على فشل فيلم حقل الرغبات الذي عالج التيمة ذاته ، تيمة لعبة البيسبول ، إذ ما الذي سيقدمه فيلم يتحدث عن لعبة شعبية انتشرت في أميركا وكيف سيتعامل معها الاغيار وهي لعبة تحمل سجلها الدلالي والرمزي بالنسبة للمجتمع الأميركي ؟ هذا الأسئلة كانت مثارة عندما كان كوستنر يزمع تقديم فيلمين عن البيسبول وهي لعبته المفضلة كما يقول يانغ في كتابه المشاراليه. وبطبيعة الحال فان كوستنر وخلافا للتوقعات فانه وجد في مذكرات ري كينزيلا مادة فيلمية ناجحة مليئة بالمفاجآت والفنتازيا ، وقد تحمس المخرج ريل اولدن روبنسون لإخراج هذه المذكرات تحت مسمى حقل الرغبات الذي يدور حول لاعب بيسبول شهير اسمه جو جاكسون ربح بطولة الولاياتالمتحدة في العام 1919 عن طريق الرشوة لكنه ونتيجة ذلك يتم استبعاده مع ثمانية لاعبين آخرين بذات التهمة ، وبعد أعوام في سني الثمانينيات تظهر روحه لتهجس لري كينزيلا (كيفن كوستنر) المولع بلعبة البيسبول الذي ترك المدينة ليعمل في احد الحقول التابعة لزوج أخته، تهجس هذه الروح لكينزيلا بان يبني في هذا الحقل ملعبا للبيسبول لتحقق الأرواح المستبعدة رغبتها في اللعب الذي تم استبعادها عنه. تبدو الحالة جنونية بالنسبة لكنزيلا الذي يفاتح زوجته آني (أيمي ماديغن)، لكن تكرار النداء المنبعث من الحقل يشكل دافعا لتحريات كينزيلا عن جاكسون وتدفعه تحرياته بإيعاز من الأرواح للالتقاء بالقائد الزنجي تيرزمان الذي يستقبل كينزيلا ويخبره إن الأرواح زارته أيضا وأخبرته بهذه الزيارة ، ويبدأن سوية بتشييد الملعب إلى جانب زوجته التي تقتنع تماما بأهداف زوجها بعد لقاءها بتيرزمان ، لكن من جهة هناك اخو زوجته الذي يجد إن هذه المحاولة هي تدمير لمزرعته ويبدأ محاولاته لتدمير المشروع برمته بوصفه مالك الحقل إلا إن مسا روحيا يوجه قناعاته مع مبتغيات كينزيلا ، وما أن يتم تشييد الملعب حتى تخرج الأرواح من بين الحقول لتمارس اللعبة التي لم تنته بعد ، ويلتقي كينزيلا بابيه الميت الذي يخبره إن استبعادهم كان ظلما وعلى الرغبات أن تتحقق. يمارس جميع المستبعدين لعبتهم ، وبعد الانتهاء من اللعبة يضاء الملعب ليكشف عن جمهور كبير، يحمل مجموعة من الرغبات التي يتنمى تحقيقها على أرضية الملعب الذي شيد في حقل الرغبات. رصد يانغ مجموعة من الملاحظات التقويمية لهذا الفيلم الذي وصفته جريدة فيرتي بأنه الفيلم الذي يبحث عن إجابة لسؤال يتعلق بالسلم الروحاني ويستخدم لعبة البيسبول كاستعارة واشارت صحيفة ألمانية الفيلم سباحة في المتعة. الفيلم كان يمتلك قدرا من قوة السحر بانه قاد الجميع إلى مشاهدته وهم مستمتعون بالفنتازيا التي يقدمها ،انه سحر الفيلم وسحر كوستنر أسطورة هوليود المدوخة. حسن الكعبي ''الفوانيس السينمائية''