طنجة المدينةالعالية بجغرافيتها وتاريخها تستجمع قواها هذه الأيام كي تلم من جديد في رحلة هي السادسة من نوعها عشاق السينما/ قاطني حوض البحر الأبيض المتوسط، وطبعا عبر تظاهرة اصطلح على تسميتها ب : " مهرجان الفيلم القصير المتوسطي " نعم المتوسطي الذي يحوي تاريخ حوض كان له قصب السبق في تحرير الفكر التأملي وإبرازه للوجود، من المغرب والجزائر وتونس وليبيا ومصر وفلسطين ولبنان ... الشريط الجنوبي لحوض البحر، وسوريا وتركيا واليونان وصربيا وإيطاليا وفرنسا واسبانيا ... الشريط الشمالي للحوض، لكلا الشريطين الجنوبي والشمالي حكايات مع صنع تاريخ هذا الحوض المليء بالحبكة والحكمة والأحداث والتاريخ والفلسفة والطب ..... وأيضا السينما . ونحن إذ نتأمل الطبيعة الجغرافية التي حبا الله بها مدينة طنجة مستضيفة زوار هذا الحوض، نبقى حائرين في الموقع الجميل والذي تتمثل لنا فيه طنجة وكأنها عروس تتربع عرش هذا الحوض ، لما لا ؟ وهي التي لقبت بالمنطقة الحرة في أيامها، نعم الحرة لأنها الفضاء الوحيد الذي يسمح لكل من ولجه بأن يقول ما يشاء، وطبعا في السينما أيضا يحلو لنا أن نقول ما نشاء، الفكر التأملي أيضا يرفض أن يكون حبيس التفكير الضيق، ولذلك فكل من زار مدينة طنجة تبدو له هاته الأخيرة وكأنها مقيدة بالسلاسل والحبال، والحال أنها مهووسة ومشمولة بحرية جميلة تحترم حرية الآخرين، لأنها على علم بأن حريتها ستنتفي وستزول إن هي خنقت حريات الآخرين، فهي حذرة في كل شيء، بل إن تكوينها الجيو-إنساني ينطق بالحرية، لذلك فإن كل زوراها حينما تطأ أرجلهم أرضها يشعرون بالأمان، نعم الآمان الذي يضعهم في موقف الطليق الذي يخجل من أن يطلق العنان لنفسه هكذا، إنه يصبح حرا بالسليقة، بل يصبح سينمائيا بالمراس، ومن تم يحلو له أن يقول بسينماه الناطقة باسم بلده الذي هو في النهاية من الحوض وإليه، ولذلك فكل قاطني الحوض تجمعهم وحدة التفكير الإنساني والأخوة والحرية، كل سينما تمثل دور بلدها هي في نهاية المطاف جزء لا يتجزأ من هذا الحوض،- الذي لا قدر الله - إن بتر أحد أعضاءه فمن دون شك سيتداعى له سائر الحوض بالسهر والحمى . مدينة طنجة حيث مغارة هرقل، وحيث سحر الفضاء وتجدد الزمان، هاته المدينة التي تطمس في كل لحظة وحين هويات زوارها وتجعلهم يعيشون هوية واحدة هي هوية حوض البحر الأبيض المتوسط، تعود للمرة السادسة كي تقول لضيوفها - من خلال العشق المتبادل للصورة السينمائية الموشومة بالطابع التأملي - تقول وبأعلى صوت لها ومن أعلى بروجها : نحن هنا وإننا نراكم ونرعاكم، فهللتم أهلا وحللتم سهلا مرحبا بكم فأنتم الأحرار وأنتم الأبرار قولوا ما شئتم : فلنحب السينما ... ولنحب الحياة .