منذ انطلاق الثورة الاجتماعية و السياسية بتونس. تحرك السينمائيون و النقاد لمواكبة الحدث بكتابة التاريخ أو بقراءته. توجهت كاميرات الى منزل البوعزيزي و اخرى دونت الحدث . سينمائيون اخرون توجهوا الى مهرجان كان للتعريف بالثورة و الاتجاه نحو الديمقراطية . وكشف حقائق التغيرات كما فعل المخرج نوري بوزيد وغيره في سبيل الوطن. هذا الوطن الذي افرز عددا كبيرا من السينمائيين يعشقون بلادهم . وبهذا العشق يصورون همومه ومشاكله التي دخلت بعضها الى البرلمان كما كان الحال مع فيلم "حلفاوين" لفريد بوغدير بالإضافة الى فيلم "صفايح دهب" للمخرج نوري بوزيد . لم تخرج مجلة "الفن السابع" السينمائية التونسية ذات التاريخ العريق عن هذا النسق. وذلك تحت قيادة الناقد السينمائي مصطفى نقبو. فقد اهتمت المجلة في عددها 124 و 125 بالثورة التونسية وبكل ما له علاقة بها. شمل ذلك مجموعة من المقالات منها الافتتاحية التي كتب فيها مدير المجلة فكرة اولية لسيناريو واخراج البوعزيزي في العدد 124 لشهري مارس وابريل 2011 . والعنوان هو"القضية1/14" على وزن "القضية 68" للمخرج المصري المرحوم صلاح ابو سيف ويتعرض لتلك العمارة التي تحتاج الى اصلاح او بناء وهدم كما في لغة السياسة الاصلاح او الثورة. وهو الموضوع نفسة في العدد الموالي حيث يسترجع الناقد مصطفى نقبو ذكريات التاريخ والثورات التي عرفها العالم منها ثورة اكتوبر 1917 و الثورات العربية واصفا الثورة بالتسونامي وربطه بالسينما. الامر الذي يؤكد لا محالة على ان التاريخ يصنع السينما كما تصنع السينما التاريخ الى جانب وسائل اعلام اخرى على سبيل الفيسبوك واليوتوب و التلفزيون و الهواتف النقالة .. وفي نفس السياق طرح العدد 125 الصادر في يوليوز 2011 سؤال "هل تنبأت السينما التونسية بثورة الياسمين؟" . السؤال الذي برز بشكل كبير على صفحة الغلاف وكانه نابع من تلك الجماهير الغفيرة التي غطت هذ الغلاف بأكمله مزينة بالأعلام التونسية و اللون الاحمر رمز الثورة العارمة . وتناول هذا الموضوع بالتحليل الناقد السينمائي التونسي عمر المدني. وعلى مقربة من الموضوع اشتغل العددان على الفيلم الجديد للسينمائي عبد اللطيف بنعمار تحت عنوان "النخيل الجريح" الذي يدعو من خلاله الشباب التونسي الى اعادة قراءة التاريخ الذي يزوره بعض المثقفين. كما يشير الى الدور الكبير للشباب في صناعة التاريخ من خلال الشابة شامة التي تغامر من اجل البحث عن حقيقة والدها الذي قتل في احدات بنزرت سنة 1961 وهو يدافع عن وطنه ضد المستعمر الفرنسي. يقارب العددين كذلك مجموعة من الافلام الوثائقية و الروائية من مصر وفلسطين والجزائر لتنقل معانات الساكنة التونسية في الجنوب او الشباب في مصر من خلال فيلم"ميكروفون" حيث العزلة و البطالة و الابداع و الحركية كتحدي لهذا الواقع. ثم فيلم "سفر الى الجزائر" للمخرج الجزائري عبد الكريم بهلول ويحكي عن تجربة المرأة بعد الثورة نضالها من العيش الكريم امام جيوب الاستعمار. ولعل ما تعرفه الساحة التونسية اليوم من تغيرات سياسية اجتماعية وسينمائية ناتج عن تجارب سابقة في السينما منها تجربة الناقد السينمائي المرحوم الطاهر شريعة وما تركه من انتاجات اهمها الاندية السينمائية و مهرجان قرطاج و التنظير السينمائي و التاطير الثقافي من خلال السينما في مواجهة السينما الغربية. لا يسعنا في هذا الصدد إلا أن نقول للناقد مصطفى نقبو هنيئا لك على هذا الفعل السينمائي النقدي . صدور المجلة التي استطاعت الصمود لعشرات السنين امام مشكل التمويل خصوصا اذا علمنا ان عددا من المجلات السينمائية العربية توقفت سواء ذات تمويل ذاتي أو مؤسساتي من الدولة كمجلة "الفن" المصرية و "الحياة السينمائية" السورية ومجلة "دراسات سينمائية" و"سينما" المغربيتان. وإلى جانب ذلك مشكل سؤال السينما: أي ماذا نتناول كمواضيع تتلاءم والساحة الثقافية السينمائية التونسية والعربية و العالمية. وبذكائه وحنكته وصبره أمام الانتقادات القادمة من هنا وهناك. لتحيا مجلة "الفن السابع" ولتحيا معها السينما وثقافتها المبثوثة من خلال عينة من النقاد التونسيين والعرب. حسن وهبي خاص ب: ''الفوانيس السينمائية'' نرجو التفضل بذكر المصدر والكاتب عند الاستفادة