في الذكرى 17 لتأسيسها.. المندوبية العامة لإدارة السجون تشيد بمسار الإصلاح وتكرّم جهود موظفيها    القيدوم مصطفى العلوي يُكرَّم في منتدى الصحراء للصحافة بكلمة مؤثرة تلامس القلوب    البنك الدولي يتوقع انخفاض أسعار السلع الأولية إلى مستويات ما قبل كورونا    استعادة التيار الكهربائي تنهي ساعات من العزلة والصمت في البرتغال    الأوقاف تدعو المواطنين إلى توخي الحذر بخصوص بعض الإعلانات المتداولة بشأن تأشيرة الحج    الأحمر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    "المغرب ينير الأندلس" ويتحول إلى فاعل طاقي وازن في الضفة الجنوبية    "النهج": الحوار الاجتماعي يقدم "الفتات" للأجراء مقابل مكاسب استراتيجية ل"الباطرونا"    خبر مفرح للمسافرين.. عودة الأمور إلى طبيعتها في مطارات المغرب بعد اضطرابات الأمس    ربط المغرب بآسيا.. اتفاقية استراتيجية بين المكتب الوطني للسياحة وطيران الإمارات    شراكة تجمع التعليم العالي و"هواوي"‬    "البيجيدي" يطالب بتوسيع "الانفراج الحقوقي" ويؤكد أن البناء الديمقراطي بالمغرب شهد تراجعات    دول الساحل تُشيد بمبادرة المغرب لتمكينها من الولوج إلى الأطلسي وتؤكد تسريع تفعيلها    كيف يمكن لشبكة كهرباء أن تنهار في خمس ثوان؟    كارني يحقق فوزا تاريخيا في الانتخابات الكندية ويعد بمواجهة تهديدات ترامب    أورنج تهدي مشتركيها يوما مجانيا من الإنترنت تعويضا عن الانقطاع    حريق مطعم يودي بحياة 22 في الصين    إسبانيا.. ظهور السفينة الحربية المغربية "أفانتي 1800" في مراحل متقدمة من البناء    المغرب يدين أكاذيب الجزائر بمجلس الأمن: هوس مرضي وتزييف الحقائق    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    الوزيرة بنعلي: جودة مياه الشواطئ المغربية ترتفع إلى 93 في المائة    كاميرات ذكية ومسرح في المدارس المغربية لمواجهة العنف    "المستشارين" يحتضن شبكة الأمناء العامين لمنتدى الحوار جنوب جنوب    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    اختبار بسيط للعين يكشف احتمالات الإصابة بانفصام الشخصية    دراسة: المضادات الحيوية تزيد مخاطر الحساسية والربو لدى الأطفال    يضرب اليوم موعدا مع تنزانيا في النهائي القاري .. المنتخب النسوي للفوتسال يحقق تأهل مزدوجا إلى نهائي كأس إفريقيا وبطولة العالم    أخبار الساحة    مشروع مستشفى بالقصر الصغير في طي النسيان منذ أكثر من عقد يثير تساؤلات في البرلمان    موكوينا يخلط أوراق الوداد الرياضي    هذا المساء في برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية: المؤرخ ابن خلدون … شاعرا    تنظيم ماراتون الدار البيضاء 2025 يسند إلى جمعية مدنية ذات خبرة    أزيد من 220 عاملًا بشركة "أتينتو Atento" بتطوان يواجهون الطرد الجماعي    نقابة الكونفدرالية بالمحمدية تطالب بعقد اجتماع عاجل مع السلطات الإقيليمية لإنقاذ عمال مجموعة "الكتبية"    خبير اقتصادي ل"رسالة 24″: القطار فائق السرعة القنيطرة مشروع استراتيجي يعزز رؤية 2035    البطولة.. أربعة فرق تحاول تجنب خوض مباراتي السد وفريقان يصارعان من أجل البقاء    أرسنال يستضيف باريس سان جرمان في أولى مواجهتي نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    مهرجان كان السينمائي.. لجنة تحكيم دولية برئاسة جولييت بينوش وعضوية ليلى سليماني    مؤسسة المقريزي تسدل الستار على الأسبوع الثقافي الرابع تحت شعار: "مواطنة تراث إبداع وتميّز"    شباب خنيفرة يسقط "الكوكب" ويحيي الصراع على الصعود    لقاء علمي بجامعة القاضي عياض بمراكش حول تاريخ النقود الموريتانية القديمة    عودة حمزة مون بيبي : فضيحة نصب تطيح بمؤثر شهير في بث مباشر وهمي    مراكش: تفاصيل توقيف أستاذ جامعي يشتغل سائق طاكسي أجرة بدون ترخيص    السايح مدرب المنتخب النسوي للفوتسال: "التأهل للنهائي إنجاز تاريخي ونعدكم بالتتويج بلقب الكان.. والفضل يعود لهشام الدكيك"    وهبي: تعديل القانون الجنائي سيشدد العقوبات على حيازة الأسلحة البيضاء    تمارة.. اعتقال أب وابنه متورطين في النصب والاحتيال بطريقة "السماوي    الصين: الحكومات المحلية تصدر سندات بحوالي 172 مليار دولار في الربع الأول    سانشيز يشيد بتعاون المغرب لإعادة الكهرباء    لماذا يستحق أخنوش ولاية ثانية على رأس الحكومة المغربية؟    ‪بنسعيد يشارك في قمة أبوظبي ‬    أزيد من 403 آلاف زائر… معرض الكتاب بالرباط يختتم دورته الثلاثين بنجاح لافت    دراسة: متلازمة التمثيل الغذائي ترفع خطر الإصابة بالخرف المبكر    اختيار نوع الولادة: حرية قرار أم ضغوط مخفية؟    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التطرف العنيف في المغرب: حصيلة تجربة
نشر في الدار يوم 29 - 11 - 2019

بدعوة كريمة من مركز "دراسات حقوق الإنسان" ومؤسسة "فريديريتش إيبرت" الألمانية، شاركنا يوم أمس الخميس 28 نونبر في ندوة حول "التطرف العنيف في المغرب: حصيلة تجربة وتحديات مرحلة"، من خلال مساهمة تطرقت إلى معالم تفاعل النخبة الفكرية والبحثية المغربية مع الظاهرة، موازاة مع مداخلات مشاركين من مجالات أخرى، من قبيل المداخلات التي تطرقت إلى أداء المؤسسة الأمنية ومؤسسة المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج وفعاليات أخرى.
أشرنا في خلاصات المداخلة إلى تواضع الاشتغال الكمي والنوعي على ظاهرة التطرف العنيف في أداء المراكز البحثية المغربية، بل إن العديد من المراكز، تابعة لمشاريع إسلامية حركية، ومن الصعب أن ننتظر منها الكد المعرفي الرصين، بمقتضى القواسم المشتركة في الجهاز المفاهيمي للحركات الإسلامية والدعوية والجهادية، ويمكن التأكد من هذا المعطى في الأعمال التي تصدر عن هذه المراكز البحثية.
ومن أسباب هذا التواضع، وجود عدة محددات نظرية، نذكر منها ثقل الاعتبار الإيديولوجي في قراءة الظاهرة، كما هو الحال مع تفاعل الإيديولوجيات الدينية والمادية مثلاً، أو الرغبة في الظفر بامتيازات مادية ورمزية، تقتضي عدم الخوض في الموضوع أساساً، على غرار عدم الخوض في القواسم المشتركة بين مُجمل الحركات الإسلامية، أو محدد ثالث، يرفع شعار "اذهب أنت وربك فقاتلا، إننا ها هنا قاعدون"، بمعنى أن هذه الفئة لا تريد الخوض في ملف قد يتسبب لها في مشاكل مع عدة جهات، بمقتضى بعض الحساسيات التي تميز الخوض النظري في الظاهرة.
لا نريد التوقف هنا عند مضامين هذه المداخلة وغيرها، بقدر ما يهمنا التوقف بعض خلاصات هذه الندوة التي تفرعت على جلستين، ومناقشات لاحقة.
مما أثار انتباهنا في ثنايا النقاشات، أن الخطاب التفاعلي للجمهور وجلهم من الفاعلين المتتبعين أو المعنيين بقراءة الظاهرة كان بعيداً عن خطاب الطمأنة، وبالتالي غلب خطاب النقد والسؤال والاستفسار، وهذا أمر متوقع في الواقع، ولكن ما يُثير الانتباه أكثر، أن هذه النبرة في النقد والتعامل مع هذا الملف بنسبية والابتعاد عن الإطلاقية في الأحكام، ميزت حتى المداخلات التي تطرقت لأداء المؤسسات سالفة الذكر، وخاصة مع المؤسسة الأمنية والمؤسسة السجنية، بحيث تمت الإشارة مثلاً، إلى أن هذا الملف مُركب وتتداخل فيه عدة معطيات ومُحددات، وبالتالي ما تقوم بهذه المؤسسة أو غيرها، يندرج في سياق تحمل مسؤوليتها، مع ما يُشبه الإشارة أو توجيه رسائل إلى باقي الفاعلين لكي يتحملون مسؤوليتهم في التفاعل مع الملف.
وهذا تحول هام يُميز التجربة المغربية في تدبير ظاهرة التطرف العنيف، أو العنف الديني الممارس به الدين، والدين براء من هذه الجهالات التي تستغله في سفك الدماء، وتشويه صورة العباد والبلاد (موازاة مع جهالات أخرى تتاجر بالدين في قطاعات أخرى، دعوية وسياسية، ولكن ليس هذا موضوعنا هنا).
وليس صدفة أن نعاين هذا الإقبال العربي والإفريقي والأوربي على الاستفادة من التجربة المغربية في تدبير الشأن الديني من جهة، رغم القلاقل التي تمر منها التجربة خلال العقود الأخيرة بسبب التشوه الذي طال التديّن المغربي؛ موازاة مع الرغبة العربية والإفريقية والأوربية في الاستفادة من التجربة المغربية في التعامل مع ظاهرة التطرف العنيف.
بمعنى آخر، رغم الملاحظات النقدية التي تصدر عن هذا التدبير، إلا إنه يبقى نقطة ضوء نوعية في المنطقة، مقارنة مع السائد، ومن أهم دروس لقاء أمس، أنه ينخرط في ما يُشبه تقييم وتقويم هذه التجربة، عبر إشراك جميع أو أغلب الفاعلين، إيماناً من المؤسسات المنظمة، كما أشرنا إلى ذلك في نص المداخلة، بأننا إزاء ظاهرة اجتماعية مركبة، وتتطلب بالضرورة، تناولاً مركباً، وليس تناولاً اختزالياً، كما عاينا عالمياً مباشرة بعد اعتداءات نيويورك وواشنطن مثلاً، حيث تمّ التركيز على البُعد الأمني في التفاعل مع الظاهرة، مقابل صرف النظر عن باقي الأبعاد، الدينية والاجتماعية والنفسية، وبسبب هذا الاختزال، زهقت الأرواح وتمت استباحة الدول والثقافات، مما ساهم في تغذية خطاب التطرف العنيف (ومن هنا، على سبيل المثال لا الحضر، نقرأ هذا الانتقال من ظاهرة تنظيم "القاعدة" مثلاً، نحو ظاهرة تنظيم "داعش").
مما يُحسبُ للقاء أمس أيضاً، انخراط أغلب المتدخلين، سواء باسم المؤسسات الرسمية أو الفاعلين الذين يشتغلون خارج هذه المؤسسات، فالأحرى المتدخلين أثناء فترة المناقشة، في تسليط الضوء على بعض أعطاب مشروع "المصالحة" الذي تشرف عليه المؤسسة السجنية بالتنسيق مع مجموعة مؤسسات أخرى، منها مؤسسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الرابطة المحمدية للعلماء، وغيرها بالطبع، بل إن شخصية حقوقية وازنة من طينة المحجوب الهيبة، بوزنه العلمي والمؤسساتي، المحلي والدولي، لم يتردد في الحديث عن تجربة لها ما لها وعليها ما عليها، وهذه إشارة نقدية مسؤولة ووازنة، تساهم في فتح أبواب النقد النافع، وليس النقد الإيديولوجي أو النقد العدمي.
وعاينا نفس للمعطى مع المتدخل الذي تحدث باسم مؤسسة المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، بحث استعرض الخطوط العريضة لهذا المشروع الهام، بالأرقام والمعطيات والتفاصيل، مع تأكيده أن المشروع لا زال في مرحلة البدايات، لأنه بالكاد انطلاق منذ 2017، وأنه يتطور شيئاً فشيئاً، وهذا تصريح نقدي مسؤول أيضاً، ويحسبُ للإدارة المعنية، لأنه يبتعد عن مأزق خطاب "العام زين"، كما أشار إلى ذلك ملك البلاد منذ شهرين تقريباً، عندما تحدث عن أعطاب النموذج التنموي المغربي، داعياً الفاعلين في شتى القطاعات، بما في ذلك الفاعلين المؤسساتيين، إلى الابتعاد عن تمرير هذا الخطاب وهذا ما عايناه بشكل أو بآخر في لقاء أمس، وهو ما تحتاج أن تنخرط فيه العديد من مؤسسات الدولة، سواء تعلق الأمر بالمؤسسات السياسية أو الاقتصادية أو الدينية أو الثقافية أو غيرها.
مؤكد أن لقاء أمس، درس نظري وعملي في التقييم والتقويم، لعل هذا الدرس تستفيد منه النخبة المغربية في شتى القطاعات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.