ترصد الأعمال السينمائية العربية التي تتنافس على جوائز المسابقة العربية ل"مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول المتوسط" في نسخته ال35 (من 8 إلى 13 أكتوبر 2019)، حكايا وقصصاً تدور أحداثها ووقائعها حول معان إنسانية مختلفة تختزل تجليات الحب والحرب والمقاومة. كما تعالج، ومن زوايا إخراجية مختلفة، ظواهر إجتماعية معقدة، من قبيل العلاقات المستحيلة وأزمات الهوية والإنتماء والصراع من أجل الحياة… ففي فيلم "التمرد الأخير" للمخرج المغربي جيلالي فرحاتي، يرصد هذا الأخير بلغة سينمائية لافتة، كنه علاقة إنسانية عميقة، تأخذ في لحظات معينة طابع الصراع، لكنه صراع جيل مع جيل بحثاً عن حب مفقود مثقل بالشجن. والشريط يحكي قصة أيمن، وهو فنان نحات يبلغ من العمر 60 سنة، يلتقي بوفاء، وهي شابة في الخامسة والعشرين من عمرها تبحث عن شقيقها المفقود. لكن أيمن سيصبح ممزقاً بين حبه المستحيل لهذه الشابة وعلاقته القوية بزوجته سهى التي تعيش في دار للعجزة فاقدة للذاكرة إثر إصابتها بحالة نفسية كئيبة بسبب غرق ابنها في البحر. هي في الواقع، قصة حب بين أيمن ووفاء تنسج خيوطها تدريجياً، لتوقظ آلاماً من الماضي الدفين، لكنها ستبقى لحظة عابرة مليئة بالإحساس وبالأمل. والشريط من بطولة حكيم نوري وكنزة صلاح الدين وفلورنس رومان الرايس ويونس بنشاقور وفريد الركراكي وخديجة علوش. وفي شريط "يافا.. أم الغريب" للمخرج الفلسطيني رائد دزدار وهو عمل توثيقي، يرصد واقع هذه المدينة الفلسطينية قبل حلول نكبة 1948، حيث ولد وعاش شخوص الشريط، إذ يحكي كل واحد منهم تجارب معاناته وذكرياته الراسخة ويتقاسم مع مواطنيه الآخرين جوانب حياتية صعبة عاشوها بمرارة، وهو الأمر الذي اضطرهم لإتخاذ قرار مرير، لكنه ملاذ الخلاص نحو أفق جديد يتمثل في الرحيل عن حاضرتهم التي أستأنسوا بفضاءاتها إلى غير رجعة. وتحضر ماهية الإجبار على الرحيل القسري، أيضا وبإلحاح في فيلم "درب السما" للمخرج السوري جود حسن، والذي شخص بطولته أيمن زيدان ومحمد الأحمد وصفاء سلطان وجابر جوخدار. وتدور أحداث هذا الشريط حول قصة زياد، أستاذ اللغة العربية، الذي يعيش وحيداً في مواجهة الحرب التي تجبره هو وعائلته على النزوح واحداً تلو الآخر. وما بين الموت والمعاناة، يكمن الأمل في بزوع يوم حالم بالحياة، حيث تتطلع شخوص الشريط إلى معانقة غد رحب يعيد لهم الإحساس برغد العيش في بيئة آمنة ومطمئنة. وفي شريط "الإعتراف" للمخرج السوري باسل الخطيب، والذي مثل فيه غسان مسعود ومحمود نصر وديما قندلفت وكندا حنة، والذي تدور أحداثه في سوريا بين عامي 1980 و2017، تبرز تجليات المعاناة من خلال قصة "تيما" السيدة التي تحاول الكشف عن أسرار الماضي المتعلق بأمها التي هربت في الماضي خوفاً من موت محدق على يد جماعة إرهابية، لتواجه نفس مصير أمها مع ابن الرجل نفسه الذي أنقذ أمها سابقاً في لحظة مريرة وقاسية. أما شريط "صباح الليل" للمخرج الأردني ناجي سلامة، فيرصد فكرة الصراع بين الخير والشر والإنتقام، حيث تحكي أحداثه فصول صراع حاد بين عصابات خطيرة تتاجر بأعضاء الأطفال والمخدرات. ويقوم ببطولة الفيلم، غسان سلامة وجمال مرعي ووسام بريهي ومعتصم فهماوي وهيا رشيد وضياء الحيحي وصوفي الأسير. صراعات أخرى، لكن بتمثلات فنية مختلفة، وخاصة بين رصد الماضي والحاضر، تبرز بحدة مغايرة في شريط "تورن" للمخرج العراقي نوزاد شيخاني والذي تدور وقائعه حول "تورن" الإبن الذي يبلغ من العمر 26 سنة، وهو رسام موهوب يعاني في دواخله صراعاً بين الماضي القاسي حين هرب جده إلى جورجيا خوفاً من إبادة جماعية لشعبه، وبين حاضره المثقل بالأحزان والمتمثل في معاناته من مرض قاتل إلى حين تعرفه على الطبيبة "إيكا". لكن حين تقرر عائلته العودة إلى موطن أبائه، تحدث مفاجآت غير سارة تغير حياة بطل الشريط رأساً على عقب. والشريط من بطولة إيميدا أرابولي وكريستينا تشيشينادرا. أما فيلم "ورقة جمعية" للمخرج المصري أحمد البابلي، فتدور أحداثه في العصر الحالي وذلك على مدار ثلاثة أيام في حارة شعبية مصرية حيث يرتبط أهل الحارة من خلال جمعية تؤسسها "أم عبد الله"، وهي سيدة في العقد السادس من عمرها، يرتبط بها الجميع من خلال جلوسها الدائم أمام شباك منزلها، لمساعدة سكان الحارة في مشاكلهم، سواء بالنصيحة، أو من خلال الجلسات التي تعقدها لأجلهم. غير أن المفاجأة ستحدث حينما تموت "أم عبد الله" التي تترك وراءها مشاكل أهل الحارة الكثيرة بدون حل. والشريط الذي تقوم ببطولته الممثلة المصرية لوسي، يناقش قضية ما يفعله فقدان قيمة "كبير العائلة"؛ وهنا “كبيرة الحارة”، من فوضى وظهور لأزمات ما كانت لتظهر في وجودها. تيمة "المقاومة" أيضا حاضرة في عدد من أفلام المسابقة العربية، ومنها الشريط التونسي "بنت القمرة" للمخرجة هبة ضوادي وتمثيل لاميا حكيم وآية جنوني وسهام حمزاوي، والذي تدور أحداثه حول لمياء وآية وسهام اللائي يعانين من مرض خطير يدعى "جفاف الجلد المصطبغ" وهو مرض وراثي يتميز بعدم تحمل أشعة الشمس فوق البنفسجية لتفادي تطور مرض السرطان. والفيلم يكشف عن الحياة اليومية الرتيبة لهذه الشخصيات الثلاث والمختلفة من حيث تقبلهن للمرض والطريقة التي اختارتها كل واحدة لتحدي واقعن المرير. أما شريط "زيانة" للمخرج العماني خالد الزدجالي، فيختزل في مشاهده الهروب من الماضي الطافح بقسوته والحافل بالأحزان. وتدور مشاهد الشريط، حول قصة زيانة التي تتعرض لحادثة مروعة في حياتها، مما يضطر عائلتها إلى التزام الصمت خوفاً من انتشار الفضيحة والعار بين صفوف أهل الحارة. وترأس لجنة تحكيم هذه المسابقة والتي تحمل إسم "نور الشريف"، الممثلة المصرية لبلبة، وتضم في عضويتها الممثلة المغربية فاطمة خير، والمنتج التونسي علي الزعيم، والمخرج العراقي جمال أمين الحسني، والممثلة السورية ليلى جبر، والناقدة البحرينية منصورة الجمري، والمخرجة السودانية سارة جاد الله جبارة. وتشارك في مسابقات المهرجان في دورته ال35 خمسة أفلام مغربية أخرى. ويتعلق الأمر بشريط "رحل" وهو إنتاج مغربي/فرنسي للمخرج أوليفير كوزيماك الذي يتنافس على جوائز مسابقة "الأفلام الروائية الطويلة"، وشريطا "أسيا" و"ظل الحيط" على التوالي للمخرجة مليكة زايري والمخرج عبد الحفيظ عيساوي (مسابقة الأفلام الروائية القصيرة)، إلى جانب شريطي "إملشيل قريتي الجميلة" للمخرج عمر مولديورا، و"الرجل العجوز والجبل" للمخرج محمد رضا جوزناي (مسابقة الأفلام التسجيلية القصيرة). *صحافي (مكتب القاهرة. وكالة المغرب العربي للأنباء)