نادرا ما تحظى مباريات كرة القدم في الدوريات المحلية أو القارية أو الدولية بوصف "المباراة الحدث" و"المقابلة التاريخية".. والمباراة التي جمعت، أمس الاثنين، بين نادي الرجاء الرياضي و فريق هلال القدسالفلسطيني، كانت، بحسب المحللين، تاريخية بامتياز، ليس على المستوى الفني الذي كان متواضعا، وإنما على مستوى جماهير "الخضرة" الذين حولوا أنظار العالم، من الفرجة على رقعة الميدان إلى فرجة بحمولة احتفالية وسياسية في المدرجات. الذين تابعوا المباراة، سواء من "سطاد دونور" أو عبر الشاشات، استوعبوا فلسفة الاحتفال الخاص الذي قابل به جمهور الرجاء البيضاوي فريق هلال القدس وجمهوره، وشاركوا، من قريب أو بعيد، في ترويج الميساج السياسي الذي دوى صداه في أغلب استوديوهات التحليل العالمية، وانبهروا كما المقدسيين، بحمولة "التيفو" الرمزية، ذات البعض التضامني. الرجاويون يعيدون الحياة لناجي العلي من مرقده في رفوف النسيان، بعثت "ألترات" الرجاء، الثلاثي "الغرين بويز" و"الإيكلز" و"درب السلطان"، الحياة في "حنظلة"، ليظهر فجأة، برمزيته النضالية، في "فيراج المكَانة".. كان يتحرك بين ثنايا عبارة ثقيلة ودقيقة في الإيجاز، قالت كل شي: جماهير الرجاء تساند الفلسطينين، قلبا وقالبا "حتى النصر". ومع ترديد الرجاويين "فلسطين فلسطين فلسطين" بين الهتاف والأهازيج، ارتسم في "الفيراج" كاريكاتير حنظلة يتوسط عبارة "حتى النصر" في مواجهة حائط العار، أحيى في الأذهان فتوحات الكاريكاتيرست المغتال ناجي العلي.. لقد كان الميساج قويا وبليغا. حنظلة ما يزال مصرا على إخفاء وجهه، وترك ظهره ينوب عنه في تبليغ الرسالة. ورسالة الرجاوين أمس، من خلال "التيفو"، وصلت إلى العالم، وتحديدا إلى الأروقة الحاكمة في الجغرافية العربية، المشغولة بهمجية الاحتلال الصهيوني الذي يسعى الآن إلى فرض السيادة الإسرائيلية على جميع مناطق غور الأردن وشمال البحر الميت والمستوطنات بالضفة الغربية المحتلة، والأكثر من ذلك، وصلت الرسالة مباشرة إلى إسرائيل، مفادها أن المغاربة، سيبقون يعتبرون فلسطين قضيتهم الأولى، وألا تراجع عنها "حتى النصر". فلسفة "التبوريشة" في "فيراج" المكَانة بالأمس أيضا، ترددت عبارة "جماهير الرجاء الأحسن في العالم" في أكثر من استوديو تحليلي، وركزت أغلبها، فضلا عن حمولة "التيفو"، على الأناشيد التي عمت الأرجاء، وتردد صداها في أحياء المعاريف.. إذ فضلا عن الأغنية التي وصلت للعالمية "في بلادي ظلموني".. أنشد جمهور "المكانة": "يا اللي عليك القلب حزين، وهادي سنين تدمع العين، لحبيبة يا فلسطين، آه يا وين العرب نايمين، آه يا زينة البلدان، قاومي"، إذ بمجرد ما انطلقت هذه الأغنية المعنونة ب"رجاوي فلسطيني"، بصوت موحد، واهتزازات في المدرجات، حتى عمت "التبوريشة" الأبدان، لأن فلسطين ليست مجرد عنوان للنضال في مواجهة الاحتلال، وإنما هي انتماء وهوية يجريان في دماء المغاربة.