يبدو مضيق جبل طارق في طريقه للتخلص من عبء ثقيل متمثل في ناقلة نفط عملاقة تحمل أزيد من مليوني برميل من النفط الخام، بعد أن سرت أنباء متضاربة تتحدث عن مغادرتها المضيق قريبا، وأخرى تتحدث عن مفاوضات بين إيران وإنجلترا حول السبل القانونية "لفك الارتباط" بين ناقلة مضيق جبل طارق وناقلة مضيق هرمز. ويبدو أن الحكومة البريطانية تريد الخروج من هذه القضية عبر اعتبار أن ناقلة النفط الإيرانية توجد في قبضة سلطات جبل طارق، وذلك حتى تلقي بالكرة في مرمى الحكومة الإيرانية، التي تحتجز بدورها ناقلة نفط تحمل العلم البريطاني. أولى عملية لملمة هذه القضية الشائكة بدأت مع الحديث عن تحرك الناقلة الإيرانية "غريس1" من مكانها مساء الاثنين متوجهة نحو المياه المغربية، غير أن ذلك الخبر كان فقط مجرد رمي حصى في مياه راكدة، حيث أن الناقلة لم تتحرك من الأصل، كما أن توجهها نحو المغرب لا يبدو أنه يخفي أسرارا كبيرة، بالنظر إلى أن مضيق جبل طارق مياهه مقتسمة بين المغرب وإسبانيا، والخروج من المياه الإسبانية يقتضي بالضرورة دخول المياه المغربية. وفي ظل تضارب الأنباء حول الناقلة الإيرانية فإن ما يبدو شبه مؤكد حتى الآن هو أن الإفراج عنها لن يتم قبل مساء السبت المقبل، وقد يكون ذلك بشكل متزامن مع إصدار القضاء الإيراني، قرارا سياسيا أكثر مما هو قضائي، بالإفراج عن الناقلة البريطانية في مضيق هرمز. المراقبون يرون في استعداد الحكومة البريطانية للإفراج عن الناقلة البريطانية مرونة غير معتادة من دولة مرتبطة بشكل وثيق بالقرار الأمريكي، لكن حكومة لندن قد تكون رضخت لضغوط جيوسياسية أكثر من الضغوط السياسية، حيث أن مكوث ناقلة النفط العملاقة في مياه مضيق جبل طارق يعتبر لغما حقيقيا في مضيق ضيق ومليء بالحركة، وعلى مقربة، أيضا، من غواصات نووية عادة ما ترسو في الميناء الضيق لصخرة جبل طارق، وهو ما قد ينذر بكارثة. الحل النهائي للناقلتين، قد يكون بمثابة حل نهائي لاحتجاز ناقلات النفط، ليس في مضيق جبل طارق فقط، بل ،أيضا في منطقة الخليج، ومضيق هرمز على الخصوص، على اعتبار أن كل ناقلة نفط سيتم احتجازها من طرف ما، سيتم الرد عليه من الطرف الآخر، وقد يكون ذلك أسرع وسيلة لبدء حرب تعرف بدايتها، لكن نهايتها ستبقى في علم الغيب. ما هو مرجح حتى الآن، هو أن الإفراج عن الناقلة في مضيق جبل طارق لن يكون مجانا، وقد يمثل البداية الفعلية لحوار إيراني أمريكي مباشر.