في تطور لافت يعكس تحوّلاً في مواقف بعض مراكز التفكير والنفوذ بالولايات المتحدةالأمريكية تجاه قضية الصحراء المغربية، دعا مايكل روبين، الباحث البارز في معهد "أمريكان إنتربرايز" (AEI)، إلى إعادة النظر بشكل جذري في التعاطي الدولي مع جبهة "البوليساريو"، التي وصفها بأنها "مجرد أداة بيد النظام الجزائري" ولا تمثل حقيقة سكان الأقاليم الصحراوية. وجاءت هذه التصريحات بعد دعوة مماثلة من "المجلس الأطلسي" لإعادة تقييم دور بعثة "المينورسو" الأممية، في وقت تزداد فيه الانتقادات الموجهة لهذه الأخيرة بشأن فعاليتها المحدودة وتكلفتها الباهظة. وأكد روبين أن البوليساريو فقدت ما تبقى من مشروعيتها بسبب تورطها المتكرر في فضائح تتعلق بالفساد وسوء استخدام المساعدات الإنسانية الدولية، ناهيك عن الانتهاكات الحقوقية المرتكبة في مخيمات تندوف جنوبالجزائر، حيث يعاني المدنيون الصحراويون من وضع إنساني مأساوي في ظل غياب الشفافية والمحاسبة. وفي هذا السياق، اعتبر روبين أن الوقت قد حان لأن تتوقف الأممالمتحدة والمجتمع الدولي عن "التغاضي عن هذه الخدعة" المتمثلة في تقديم البوليساريو كطرف شرعي في النزاع، داعيًا إلى اعتماد "حركة صحراوية بديلة أكثر واقعية وسلمية"، في إشارة إلى "حركة صحراويون من أجل السلام"، التي يرى فيها بديلاً يمثل صوت جزء متزايد من الصحراويين الباحثين عن حل تفاوضي حقيقي للنزاع، بعيدًا عن لغة الانفصال والعسكرة. ودعا روبين إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب — والتي أبدت خلال ولايتها مواقف حاسمة تجاه القضية — إلى ممارسة ضغط سياسي على الأممالمتحدة من أجل منح هذه الحركة الجديدة موقعًا رسميًا في مسار التسوية، عوض الاستمرار في دعم أطراف تستهلك المساعدات الدولية دون تقديم أي حلول حقيقية. ويبدو أن هذا الطرح يجد صداه لدى تيارات أمريكية تطالب بإصلاح جذري لطريقة إدارة النزاع في الصحراء، خاصة في ظل التوجه نحو تقليص النفقات المرتبطة ببعثة المينورسو، ووقف ما تسميه "الهدر الممنهج" للمساعدات الموجهة لمناطق النزاع، والتي — بحسب روبين — "تُستغل لترسيخ الأوضاع القائمة ودعم أجندات لا تخدم السلم، بل تؤجج النزاع وتُبقي على بيئة خصبة للتطرف". بهذا، تفتح هذه الدعوات بابًا جديدًا للنقاش حول مستقبل النزاع المفتعل في الصحراء المغربية، وتضع الأممالمتحدة أمام مسؤولية مراجعة نهجها، في ضوء المستجدات الإقليمية والدولية، والتحولات في مواقف القوى الكبرى تجاه طبيعة الأطراف الفاعلة والشرعية في هذا الملف الشائك.