النظام الجزائري، الذي لطالما حاول أن يظهر بمظهر القوة الإقليمية المستقلة، يواجه اليوم تحديات متعددة على الساحة الدولية تكشف عن تذبذب في سياساته الخارجية وضعف في اتخاذ المواقف الحاسمة. في خطوة جديدة تعكس هذا الارتباك، أعلنت السفارة الجزائرية في أنقرة عن قرارها بعدم دعوة ممثلين عن وحدات حماية الشعب الكردية (YPG) وحزب العمال الكردستاني (PKK) إلى مؤتمر عُقد في تندوف هذا الأسبوع، ما أثار العديد من التساؤلات حول موقف الجزائر الحقيقي من القضايا الكردية في المنطقة. الجزائر، التي كانت ذات يوم تروج أنها رمز للنضال ضد الاستعمار، تجد نفسها اليوم في موقف حرج أمام تركيا، الدولة ذات الطموحات الكبرى في الشرق الأوسط. هذا القرار الذي يعكس انحياز الجزائر إلى مواقف بعض القوى الإقليمية، يعكس في الواقع تراجعًا في استقلالية السياسة الخارجية للبلاد. فمن جهة، يسعى النظام الجزائري للحفاظ على علاقاته مع تركيا، إلا أن موقفه من القضية الكردية يظهر هشاشة هذه العلاقات وغياب رؤية استراتيجية واضحة. النظام الجزائري الذي كان يتفاخر دائمًا بسيادته واستقلاليته، يتضح اليوم أنه لا يزال أسيرًا لتوازنات إقليمية ضيقة، ولا يبدو قادرًا على اتخاذ قرارات تُظهر قدرة حقيقية على المناورة في الساحة الدولية. فعلى الرغم من ثرواته الطبيعية الضخمة، لا يزال الاقتصاد الجزائري يعاني من تبعية غير مبررة لأسواق الطاقة، وفي نفس الوقت، تواصل الحكومة الجزائرية إخفاء عيوبها السياسية عبر قرارات دبلوماسية غير مدروسة تعكس ضعفًا في إدارة العلاقات الدولية.