المهزلة التي حدثت في مطار الجزائر العاصمة اليوم بعد احتجاز أعضاء بعثة فريق نهضة بركان بسبب خارطة المغرب التي تظهر وسط القميص الرسمي للنادي تؤكد مستوى الرعب والهلع الذي أضحى يعيش فيه نظام الكابرانات بعد كلّ الهزائم والصفعات والانكسارات التي حدثت له على مختلف الساحات الدبلوماسية والسياسية الإقليمية والدولية. لم يجد هذا النظام خصما يستعرض عليه العضلات غير بعثة نادٍ رياضي حلّ بالجزائر للمشاركة في مباراة الذهاب الخاصة بمسابقة كأس الكونفدرالية الإفريقية. ما حدث في مطار الجزائر دليل جديد على أنّ هذا النظام فقد البوصلة ولم يعد قادرا على التمييز بين ما هو رياضي وإنساني وبين الحسابات السياسية والعداء التاريخي. إنها فضحية غير مسبوقة بكل المقاييس. لم يسبق لنادٍ كروي في العالم أن تعرّض إلى الاحتجاز في المطار ورُفض دخوله إلى البلد المستقبل بسبب طبيعة القميص الذي يرتديه لاعبوه. لم تفعلها حتّى إسرائيل عندما سافر نادي فلسطين الشيلي لمواجهة المنتخب الفلسطيني ومرّ أعضاء بعثته عبر الأراضي والمطارات التي تسيطر عليها السلطات الإسرائيلية. ما حدث اليوم لا يمكن وصفه إلّا بالجنون الكابراني الممزوج برعب غير مسبوق من الحقيقة الساطعة التي مفادها أن قضية الصحراء المغربية طُويت إلى الأبد لصالح البلد الأم والأصل، وأن الصحراء التحمت بنصفها الآخر منذ زمن طويل ولم يَجْن النظام العسكري المجنون غير غبار تندوف الذي تَذُرّه عليه عربات ومدرّعات عصابة بن بطوش المموّلة من أموال الشعب الجزائري. كسبنا صحراءنا منذ زمن طويل وأطلقنا فيها مسيرة تنمية هائلة، وكسبت الجزائر عار الكيد التاريخي للوحدة المغاربية، وعار الكراهية والحقد، وعار الغباء المركّب الذي يسكن أذهان قادة هذا البلد اللاهثين وراء انتصارات صغيرة من قبيل معركة مطار الجزائر، ليُسكتوا بها صوت الفشل الذي يهزّ كياناتهم كلّ يوم. كم هو هشّ ومرتعش هذا النظام الذي يخشى قميصا رياضيا؟ لقد لعب نادي نهضة بركان مقابلات عدّة في إطار هذه البطولة بعواصم ودول إفريقية عديدة بهذا القميص الذي يحمل خارطة المغرب، ولم يتعرّض في أيّ مباراة من المباريات السابقة لمضايقة أو احتجاز أو حتّى ملاحظة عابرة من مسؤولي هذا البلد أو ذاك. حتّى جاء موعد مباراة اتحاد العاصمة المشؤومة ليتحوّل سفر أعضاء بعثة نهضة بركان مرة أخرى إلى أزمة حقيقية بسبب هذا الغباء المستوطن في عقول مسيّري هذا النظام. لا يوجد قانون أو بند أو لائحة من لوائح الاتحاد الإفريقي تشير إلى ضرورة مراقبة الرموز التي تتضمنها أقصمة الأندية المشاركة في المباريات الإفريقية والتحقّق منها، ثم اتخاذ قرار بشأنها على غرار ما فعلته السلطات الجزائرية. إنه مجرّد حقد وحساسية لا حدود لها من كلّ ما يشير إلى سيادة المغرب ووحدة أراضيه. لكنّ المشكلة أن النظام الذي لم يقدر على فعل شيء في الميدان على أرض الصحراء وسبق له أن تلقى هزائم نكراء في مواجهات سابقة من بينها حرب الرمال الشهيرة، يستقوي اليوم على فريق رياضي وقميص للاعبي كرة القدم. هذه هي انتصارات اللواء الأسير السابق السعيد شنقريحة. ينتصر في معارك الملاعب الرياضية والمطارات والأقمصة والرموز، أما على الصعيد الميداني فهو يعلم أنه إذا سوّلت له نفسه الاقتراب من الحدود فإن دابر هذا النظام الفاشل سيُقطع من جذوره. كان بودّنا أن نُوجّه النصح إلى قيادة هذا النمر الورقي ونطلب منها العودة إلى الرشد ومراعاة حسن الجوار واعتبار الأخوة العربية والأمازيغية والإسلامية. لكنّنا لن نفعل ذلك، هل تعلمون لماذا؟ لأننا ندرك أننا نتعامل مع نظام مخبول يحكمه مجموعة من المأْفونين المستعدّين لتوريط بلاد بأكملها في معارك من هذا النوع أقلّ ما يمكن أن يقال عنها أنّه مسخرة حقيقية. واصلوا أيها المجانين حُمقكم الأزلي لأنّكم فعلا أصبحتم موضوع تسلية وترفيه وضحك لا ينتهي. مع نظام كهذا لن تستطيع فعلا أن "تغمض عينيك" لأنّ نوادره وطرائفه لا تكاد تنقضي حتّى تبدأ من جديد. وللتذكير فقط إن غداً يوم 20 أبريل لناظره قريب، يوم جديد في تاريخ الدولة القبائلية. وللحديث بقية.