السُّعار الذي سيطر على نظام الكابرانات وإعلامه المأجور في أعقاب التوقيع بين المغرب والإمارات العربية المتحدة على مجموعة من اتفاقيات ومذكرات التعاون مؤخرا يفضح تناقضات هذا النظام ومفارقاته الصارخة. من جهة يدّعي الكابرانات في المنتديات القومية حرصهم على تعزيز التقارب العربي والتعاون بين دول المنطقة ومن جهة أخرى تشعر العصابة بتهديد وخوف كبير من أيّ مشروع تعاون مغربي عربي ولا سيّما عندما يتعلق الأمر بالتعاون مع دول الخليج العربي. الانتقادات الحادة التي وجهتها صحافة الكابرانات للتعاون المغربي الإماراتي تؤكد بالملموس هذا التوجه المرَضي الذي يسيطر على مفاصل هذا النظام وصناع القرار فيها. نحن نتحدث هنا عن اتفاق شراكة استراتيجية يربط بين بلدين شقيقين وذوَيْ سيادة تجمعهما علاقات تاريخية معروفة للجميع، وتدفع شراكتهما الجديدة نحو تعزيز أواصر العمل العربي المشترك وتقوي الحضور العربي لا سيما في القارة الإفريقية. ما المزعج إذاً في هذا النوع من الاتفاقات؟ مشاريع الاستثمار في البنيات التحتية سواء داخل المغرب أو في محيطه الإفريقي لا تمثل أبدا أيّ تهديد لأيّ طرف أو جهة. الكيان الوحيد الذي لم يستسغ هذه الإنجازات المشتركة هو نظام الكابرانات مرة أخرى. لقد عكست هذه الانتقادات في الحقيقة شعور العجز والفشل الذي يتملك هذا النظام عندما يرى عياناً الفرق بين الإنجاز والانتظار. من حق المغرب بشراكة مع أصدقائه وأشقائه العرب أن ينفتح على محيطه الإفريقي الاستراتيجي من خلال استثمارات مشتركة، ولعلّ انخراط دولة الإمارات العربية المتحدة في تمويل مشروع أنبوب الغاز الرابط بين نيجيريا والمغرب سيمثل نجاحا من النجاحات المتعددة الأطراف، التي ستُفيد دول منطقة الساحل والصحراء وغرب إفريقيا، وتحلّ الكثير من أزماتها، لا سيّما الطاقية. نحن نعلم أن نظام الكابرانات يحاول يائسا منافسة المغرب في هذا المشروع من خلال إطلاق مشروع أنبوب موازٍ يربط بين نيجيرياوالجزائر، لكن من المفروض أن يكون لكل مجتهد نصيب والمنافسة الشريفة أمر مشروع في مثل هذه الرؤى الاستراتيجية الكبرى، بدلا من توزيع التهم الجاهزة ومحاولة تبرير الفشل. في الحقيقة هذه هي مشكلة نظام الكابرانات. عندما يكتشف هؤلاء فشلهم متأخرين ويستفيقون على تقدم الآخرين وتوجههم الطَّموح نحو المستقبل لا يجدون ما يبررون به فشلهم وتعثرهم غير توجيه الانتقادات التي لا أساس لها. ولعلّ غضب الكابرانات من إنجازات العلاقات المغربية الإماراتية محاولة لتبرير هذا الفشل والتغطية على العجز عن تحقيق فرص التنمية الاقتصادية والاستثمار وتحويل البلاد إلى إطار جاذب لرؤوس الأموال العربية والأجنبية. ليس من السهل أبدا أن تستقطب أيّ دولة استثمارات بهذا الحجم الذي اتفق عليه المغرب والإمارات إلا إذا كانت تمتلك أرضية شاملة لكل مقومات الجاذبية في ميادين المال والأعمال. لنفترض أن الجزائر عبّرت عن رغبتها في توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم مماثلة مع بلد عربي أو أجنبي: فما هي الفرص التي يمكن أن تقدمها؟ هذا هو السؤال الأهم الذي ينبغي لنظام الكابرانات طرحه بدلا من التشويش الإعلامي اليائس. لقد كان من الممكن أن تكون الجزائر نفسها بلدا شريكا للمغرب في تنفيذ برامج الاستثمار ومشاريع التنمية وأوراش البنيات التحتية لو كانت خاضعة لنظام سياسي واعٍ ورزين ومدرك لتحديات الواقع والمستقبل. كان من الممكن أن يحقق التكامل الاقتصادي والتجاري بين المغرب والجزائر مستويات تاريخية من النمو والتطور والمنافع المشتركة لو كان في الجزائر نظام سياسي متّزن وحريص على المصلحة الوطنية والقومية، العربية والإسلامية. لكن عندما تسيطر عقلية العسكر على بلد بحجم الجزائر وثروتها فلا تنتظر غير ردود الأفعال الحاقدة والمتشنجة والسلبية كهذه التي تصدر اليوم على خلفية الشراكة الاستراتيجية الجديدة بين المغرب والإمارات.