✅ اللجنة الوزارية المشتركة تتابع تموين الأسواق والأسعار استعدادًا لشهر رمضان    منظمة العفو الدولية تدعو واشنطن لاعتقال نتنياهو بتهمة ارتكاب جرائم حرب    10 قتلى بإطلاق نار في مدرسة بالسويد    الحالة الجوية ليوم الأربعاء: طقس بارد وتساقطات مطرية وثلجية    اتفاقية الكهرباء بين المغرب وموريتانيا    أخنوش ينوه بالدينامية الجيدة لعدد من الأنشطة الاقتصادية في 2024 مقارنة بالسنوات الماضية    الدورة 17 للملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب تسلط الضوء على الماء واستدامة الفلاحة... فرنسا ضيف شرف    لتحفيز الأنشطة الإنتاجية والمقاولاتية.. أخنوش: أقررنا إصلاحا شاملا لأسعار الضريبة على الشركات بشكل تدريجي    المغرب يصادق على اتفاقية الاعتراف المتبادل برخص السياقة مع إسبانيا وإيطاليا    جماهري يكتب.. الحرب والصحراء: المعقول‭ ‬‮..‬من‭ ‬اللامعقول‭ ‬السياسي‭ ‬عند‭ ‬تبون‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬حواره‮    تهجير الفلسطينيين من أرضهم.. خط أحمر لا يقبل التفاوض أو المساومة    الملك محمد السادس مهنئا أحمد الشرع بمناسبة رئاسته لسوريا: ندعم كل الجهود لتحقيق الأمن والاستقرار في سوريا    الفيدرالية المغربية لناشري الصحف تدعو إلى دعم منصف وعادل للصحافة الجهوية    بدء مفاوضات المرحلة الثانية لوقف إطلاق النار بغزة    أخبار الساحة    اعتقال البطل المغربي بدر هاري في أمستردام    غواتيمالا تجدد التأكيد على التزامها بإقامة علاقات "قوية" مع المغرب    رصاص شرطة خنيفرة يوقف جانح    بعد مغادرتها السجن.. دنيا بطمة تُحدث تغييرات مفاجئة في حياتها    جائزة الحسن الثاني وكأس للا مريم ما فتئتا تستقطبان أبرز لاعبي الغولف العالميين (مسؤول)    أكبر جمعية حقوقية بالمغرب تعلن مساندتها للإضراب العام وترفض التمرير القسري للقوانين    هذا المساء في برنامج "مدارات" : جلسة فكرية وأدبية مع الدكتور أحمد بوحسن    خبراء يؤكدون أن جرعة واحدة من لقاح "بوحمرون" لا تكفي للحماية    جلالة الملك يهنئ الشرع بتوليه رئاسة سوريا    الإصابة تحرم ريال مدريد من خدمات مدافعه النمساوي ألابا    بعد غياب لسنوات.. "الشرقي والغربي" يعيد حنان الابراهيمي إلى التلفزيون    محامي بلجيكي: إصلاح مدونة الأسرة متوازن يثبت قدرة المغرب على التحديث دون التنازل عن قيمه    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    لسعد جردة : سألتقي مسؤولي الرجاء الرياضي لكرة القدم    العصبة تؤكد إجراء مباراة الوداد البيضاوي وحسنية أكادير في موعدها    توقيف عصابة اعتدت على مواطنين بالسلاح الأبيض في أولاد تايمة    أسعار النفط تتراجع بعد موافقة ترامب على تعليق الرسوم الجمركية    الصحة العالمية : إطلاق أول تجربة لقاح ضد إيبولا في أوغندا    الصناعة السينمائية المغربية تحقق أرقامًا قياسية في 2024    بنسعيد يعلن عن تقييد مآثر جديدة    ألباريس: العلاقات الإسبانية المغربية تعيش "أفضل لحظة في التاريخ"    جولة في شوارع الحسيمة بعد أمطار الخير.. وهذه مقاييس التساقطات    متى ‬ستسحب ‬سوريا ‬الجديدة ‬اعترافها ‬بالجمهورية ‬الوهمية ‬؟    آيت بودلال يلتحق بفريق "أميان"    ترامب يجدد دعوته لضم كندا ويعلق الرسوم الجمركية مؤقتًا    العرائش تبرز دور "الأستاذ المبدع"    جولييت بينوش تترأس لجنة التحكيم في "مهرجان كان"    فرنسا.. بايرو ينجح في إقرار الميزانية ويفلت من حجب الثقة    العملاق ‬البريطاني ‬‮"‬ساوند ‬إنرجي"‬ ‬يعد ‬ببداية ‬الإنتاج ‬التجاري ‬للغاز ‬بالمغرب ‬في ‬الخريف ‬المقبل    التقلبات الجوية الحادة تؤثر على الصحة العقلية للمراهقين    تنظيف الأسنان بالخيط الطبي يقلل خطر السكتات الدماغية    عقاقير تخفيض الوزن .. منافع مرغوبة ومخاطر مرصودة    كيوسك الثلاثاء | تكلفة الإيجار بالمغرب أرخص من 118 دولة في العالم    مجلس النواب يصادق على مشروع قانون يتعلق بمدونة الأدوية والصيدلة    التونسي الشابي مدربا جديدا للرجاء البيضاوي خلفا لحفيظ عبد الصادق    رسوم صينية تطال واردات أمريكية    الرباط: تنصيب الأعضاء السبعة الجدد بأكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتقنيات    مطارات المغرب استقبلت نحو 32 مليون مسافر خلال سنة 2024    جامعة شيكاغو تحتضن شيخ الزاوية الكركرية    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاستثمارات المغربية في افريقيا تعبد الطريق لإنجاح "الرؤية الأطلسية" تجاه دول الساحل الافريقي
نشر في الدار يوم 13 - 11 - 2023

في خطاب الذكرى ال48 للمسيرة الخضراء، اعلن الملك محمد السادس، عن انبثاق رؤية جديدة تخدم التنمية في منطقة الساحل الافريقي، بما يسهم في ربط بلدان هذه المنطقة بمياه المحيط الأطلسي، وذلك في خطاب وجهه، مساء اليوم الاثنين، إلى الأمة بمناسبة الذكرى 48 للمسيرة الخضراء.
ويكمن الاطار المرجعي لهذه الرؤية الملكية الجديدة، في كون المغرب، كما أكد على ذلك الجالس على العرش، " بلد يرفل في الاستقرار، ويتمتع بمصداقية، و يعرف جيدا الرهانات والتحديات التي تواجه الدول الإفريقية عموما، والأطلسية على وجه الخصوص، كما أن الباعث وراء اعلان جلالة الملك محمد السادس عن هذه الرؤية، يعزى الى كون الواجهة الأطلسية الإفريقية تعاني من خصاص ملموس في البنيات التحتية والاستثمارات، رغم مستوى مؤهلاتها البشرية، ووفرة مواردها الطبيعية.
ايمان المغرب بضرورة الاسهام في تنمية بلدان الواجهة الأطلسية الافريقية، ليس وليد اليوم، بل يعود في واقع الأمر الى سنوات خلت، و الدليل على ذلك أن المغرب، كما أكد الجالس على العرش، في خطاب اليوم، يشتغل مع أشقائه في إفريقيا، ومع كل شركائه، على إيجاد إجابات عملية وناجعة لمختلف الإشكاليات التي تعاني منها بلدان الواجهة الأطلسية الافريقية، في إطار التعاون الدولي، بدليل سهر المغرب ونيجيريا على اخراج المشروع الاستراتيجي لأنبوب الغاز.
مشروع بأبعاد استراتيجية مهمة، يروم من خلاله المغرب الى تعزيز الاندماج الجهوي والإقلاع الاقتصادي المشترك، وتشجيع دينامية التنمية على الشريط الأطلسي، كما سيشكل، كما شدد على ذلك جلالة الملك في خطاب اليوم، " مصدرا مضمونا لتزويد الدول الأوروبية بالطاقة.
في اطار تعزيز هذه الدينامية التنموية في الواجهة الأطلسية، يأتي اطلاق المغرب لمبادرة إحداث إطار مؤسسي يجمع الدول الإفريقية الأطلسية ال23، بغية توطيد الأمن والاستقرار والازدهار المشترك، والتي عقدت اجتماعاتها في الرباط في دورتين.
وبعيدا عن المقاربتين الأمنية والعسكرية، يؤسس المغرب لمنظور جديد لتنمية بلدان منطقة الساحل الأطلسي، يقوم على التعاون والتنمية المشتركة، واقترح إطلاق مبادرة على المستوى الدولي تهدف إلى تمكين دول الساحل من الولوج إلى المحيط الأطلسي.
غير أن نجاح هذه المبادرة، يؤكد جلالة الملك في خطاب الذكرى ال48 للمسيرة الخضراء، " يبقى رهينا بتأهيل البنيات التحتية لدول الساحل، والعمل على ربطها بشبكات النقل والتواصل بمحيطها الإقليمي، والمغرب مستعد لوضع بنياته التحتية، الطرقية والمينائية والسكك الحديدية، رهن إشارة هذه الدول الشقيقة، إيمانا منا بأن هذه المبادرة ستشكل تحولا جوهريا في اقتصادها، وفي المنطقة كلها"، يؤكد الملك محمد السادس.
الرؤية الملكية لميلاد تنمية حقيقية في بلدان منطقة الساحل الأطلسي، ستكون مقرونة بتأهيل تنموي للمجال الساحلي الوطني، بما فيه الواجهة الأطلسية للصحراء المغربية، وكذا هيكلة هذا الفضاء الجيو-سياسي على المستوى الإفريقي، وذلك حتى تتحول الواجهة الأطلسية إلى فضاء للتواصل الإنساني، والتكامل الاقتصادي، والإشعاع القاري والدولي.
الواجهة الأطلسية للصحراء المغربية ستكون، بمثابة العربة التي ستجر قاطرة التنمية في منطقة الساحل الأطلسي، من خلال رزنامة من المشاريع التنموية التي ستعرفها الصحراء المغربية، عبر استكمال المشاريع الكبرى التي تشهدها الأقاليم الجنوبية، وتوفير الخدمات والبنيات التحتية المرتبطة بالتنمية البشرية والاقتصادية، وكذا تسهيل الربط بين مختلف مكونات الساحل الأطلسي، وتوفير وسائل النقل ومحطات اللوجستيك، بما في ذلك التفكير في تكوين أسطول بحري تجاري وطني، قوي وتنافسي.
كما تشمل هذه المشاريع التنموية المهيكلة، إقامة اقتصاد بحري يساهم في تنمية المنطقة، ويكون في خدمة الساكنة، اقتصاد متكامل قوامه تطوير التنقيب عن الموارد الطبيعية في عرض البحر، ومواصلة الاستثمار في مجالات الصيد البحري، وتحلية مياه البحر لتشجيع الأنشطة الفلاحية، والنهوض بالاقتصاد الأزرق، ودعم الطاقات المتجددة"، كما أكد على ذلك جلالة الملك محمد السادس في خطاب اليوم الاثنين.
في واقع الأمر، أولى المغرب منذ تربع جلالة الملك محمد السادس، على العرش في العام 1999، أهمية قصوى، لإفريقيا جنوب الصحراء، من خلال بلورة رؤية أكثر واقعية تهدف إلى تطوير التعاون جنوب- جنوب، سواء على الصعيد الاقتصادي، المالي، الدبلوماسي، الأمني، العسكري، الديني أو الرياضي.
رؤية واقعية برغماتية أثمرت ارتفاع الاستثمارات المغربية في القارة الإفريقية من 907 ملايين درهم عام 2007 إلى 5.4 مليار درهم عام 2019، وهي الاستثمارات التي تتكون، بشكل أساسي، من استثمارات مباشرة في بلدان إفريقيا جنوب الصحراء، في أكثر من 14 دولة على رأسها كوت ديفوار، وتشاد والسنغال ومدغشقر والكاميرون وموريشيوس.
ويعد المغرب اليوم، المستثمر الأفريقي الأول في القارة، والأرقام تثبت ذلك. أما ما يميز الاستثمارات المغربية في أفريقيا فهو الطابع الاستراتيجي، بحيث أن كل هذه الاستثمارات تندرج في إطار رؤية استراتيجية مُحكمة تم بلورتها منذ عام 2000 والتي تسعى إلى الاستثمار في المجالات الحيوية والاستراتيجية حسب رؤية بعيدة المدى.
وأضاف "أفريقيا اليوم في حاجة إلى تطوير القطاع البنكي لتسهيل ولوج الشركات الصغيرة والمتوسطة للتمويل، كما تحتاج القارة إلى تطوير صناعة الأدوية، وتقوية البنيات التحتية، والكهرباء والسكن، وإلى تحسين المردودية الفلاحية.
و تكمن قوة الاستثمارات المغربية في كون افريقيا اليوم في حاجة إلى تطوير القطاع البنكي لتسهيل ولوج الشركات الصغيرة والمتوسطة للتمويل، كما تحتاج القارة إلى تطوير صناعة الأدوية، وتقوية البنيات التحتية، والكهرباء والسكن، وإلى تحسين المردودية الفلاحية، وهناك قوة الاستثمارات المغربية التي تستجيب لهذه النقائص وتستثمر فيها بهدف تحسين ظروف المواطنين الأفارقة.
وتقوم المقاربة المغربية تجاه بلدان افريقيا جنوب الصحراء، منذ سنوات، على مقاربة "رابح-رابح"، من خلال تكثيف المملكة لتواجدها في عدد من الدول الإفريقية من خلال مضاعفة الاستثمارات والاتفاقيات، كما قام جلالة الملك محمد السادس بسلسلة من الجولات للدفع بمسلسل التعاون الأفريقي إلى الأمام، في إطار المعادلة الاقتصادية رابح – رابح، والتي تنهض على رؤيةٍ استراتيجية، عمادها نسج الشراكات القوية بين المغرب ودول أفريقية، خصوصاً في جناحها الغربي.
ويتطلع المغرب الى قيام تكتل اقتصادي في القارة السمراء، قادر على التفاوض والدفاع على المصالح الحيوية للقارة، كما أن هذه الاستراتيجية المرتبطة بأسلوب حكم جلالة الملك محمد السادس تتأسّس على البحث عن شركاء جدد، في إطار سياسة التعدد التي بات ينتهجها المغرب في علاقاته الاقتصادية والتجارية، على الأصعدة الدولية والقارية والإقليمية.
وعلى عكس بعض الدولة التي تستثمر في ثروات القارة الافريقية بهدف بالاستغلال، يشتغل المغرب مع الدول الأفريقية بمنطق رابح – رابح. بل ويركز على الجانب الاجتماعي، عن طريق خلق فرص شغل للشباب، ودعم الفلاحة وانتاج الطاقات المتجددة.
بلغة الأرقام، زادت الصادرات المغربية إلى القارة الإفريقية بنسبة 11 في المئة في المتوسط السنوي، لتبلغ 21,6 مليار درهم في 2019، أي ما يمثل 7,7 في المائة من إجمالي صادرات المغرب مقابل 3,7 في المائة في عام 2000، وفقا لمعطيات صادرة عن مديرية الدراسات والتوقعات المالية، التابعة لوزارة المالية، وهي الصادرات، المكونة أساسا، من المنتجات شبه المصنعة، والمنتجات الغذائية والمشروبات والتبغ، والمنتجات الاستهلاكية النهائية، ومنتجات المعدات الصناعية الجاهزة ومنتجات الطاقة ومواد التشحيم.
على المستوى الدبلوماسي، توالت زيارة جلالة الملك محمد السادس، منذ توليه العرش، للعديد من الدول الإفريقية، حيث همت في البداية بعض دول غرب إفريقيا كالسنغال، والغابون، ومالي والنيجر، لتمتد إلى بعض دول شرق إفريقيا الأنجلوفونية كرواندا وتنزانيا. وقد اندرجت هذه الزيارات الملكية المتتالية لبعض الدول الإفريقية ضمن دبلوماسية ملكية هجومية يختلط فيها البعد الإشعاعي بالبعدين الاقتصادي والديني
كما أن الزيارات الملكية إلى هذه البلدان الإفريقية، سواء بغرب القارة أو شرقها، كانت بحمولة دينية خالصة، حيث ارتكز التحرك الدبلوماسي لجلالة الملك محمد السادس ليس بوصفه رئيسا لدولة أو ملكا فقط، بل أيضا بصفته أميرا للمؤمنين، وهو ما تمثل في موافقة وزارة الأوقاف قبل الزيارة الملكية لبعض هذه الدول الإفريقية، وبأمر من جلالة الملك، على تأطير ديني للقيمين في كل من تونس وليبيا ومالي، والتي تعاني كلها من الانعكاسات السلبية للتطرف الديني.
كل هذه الاسهامات والتحركات الاقتصادية والدبلوماسية والدينية للمغرب في بلدان افريقيا جنوب الصحراء، بالإضافة الى عودة المغرب الى حظيرة الاتحاد الافريقي في عام 2017، أثمرت إعلان دول إفريقية جديدة اعترافها بمغربية الصحراء وقطع العلاقات مع الانفصاليين، مع اعتبار مقترح الحكم الذاتي واقعيا تحت السيادة الوطنية على الأقاليم الجنوبية، كان آخرها اعلان الصومال، شتنبر الماضي، فتح سفارة لها في الرباط وقنصلية عامة في الداخلة.
افتتاح بلد مثل الصومال لسفارة بالرباط، وقنصلية بالداخلة، مؤشر كبير على نجاح الدبلوماسية المغربية في دك قلاع ميليشيات البوليساريو، في منطقة القرن الإفريقي التي كانت تساند عادة الطرح الانفصالي أو تتوسط المنطقة الرمادية، و هو القرار، الذي يأتي بعد نفي جنوب السودان لأي علاقات مع الكيان الوهمي للبوليساريو مع تثمين روابط التعاون مع المملكة المغربية، مجددة دعم مخطط التسوية الأممية لهذا النزاع.
وفتحت قرابة نصف الدول الأعضاء بالاتحاد الإفريقي، تمثيليات قنصلية في الصحراء المغربية، وشرعت في حماية مصالح رعاياها وخدمتهم من هناك، كما أن كل الدول التي تعترف بسيادة المغرب الكاملة قد وسّعت دائرة عمل تمثيلياتها الدبلوماسية إلى الأقاليم الجنوبية للمملكة.
وعكس ما يعتقده بعض المناوئين للوحدة الترابية للمملكة، يعتبر فتح الدول الافريقية لقنصلياتها بكبرى حواضر الصحراء المغربية، قرارات من دول لها وزنها على الساحة القارية أو الدولية، وليس "مجرد عمليات دبلوماسية ذات بعد تقني محض"؛ وتمثل ضربة موجعة لمناورات النسخة المتحورة من النظام الجزائري الذي يريد العودة بملف الصحراء إلى نقطة 1991 ما قبل القرارات الأممية ونسف جهود المنتظم الدولي، وهي المحاولات التي باءت بالفشل بفضل دبلوماسية ملكية تجمع بين الأبعاد الدبلوماسية والاقتصادية والدينية و الأمنية والعسكرية، وقائمة على مقاربة "رابح-رابح" بما يخدم مصالح القارة الافريقية.
الاستثمارات المغربية في افريقيا تعبد الطريق لإنجاح "الرؤية الأطلسية" تجاه دول الساحل الافريقي
الدار- تحليل
في خطاب الذكرى ال48 للمسيرة الخضراء، اعلن الملك محمد السادس، عن انبثاق رؤية جديدة تخدم التنمية في منطقة الساحل الافريقي، بما يسهم في ربط بلدان هذه المنطقة بمياه المحيط الأطلسي، وذلك في خطاب وجهه، مساء اليوم الاثنين، إلى الأمة بمناسبة الذكرى 48 للمسيرة الخضراء.
ويكمن الاطار المرجعي لهذه الرؤية الملكية الجديدة، في كون المغرب، كما أكد على ذلك الجالس على العرش، " بلد يرفل في الاستقرار، ويتمتع بمصداقية، و يعرف جيدا الرهانات والتحديات التي تواجه الدول الإفريقية عموما، والأطلسية على وجه الخصوص، كما أن الباعث وراء اعلان جلالة الملك محمد السادس عن هذه الرؤية، يعزى الى كون الواجهة الأطلسية الإفريقية تعاني من خصاص ملموس في البنيات التحتية والاستثمارات، رغم مستوى مؤهلاتها البشرية، ووفرة مواردها الطبيعية.
ايمان المغرب بضرورة الاسهام في تنمية بلدان الواجهة الأطلسية الافريقية، ليس وليد اليوم، بل يعود في واقع الأمر الى سنوات خلت، و الدليل على ذلك أن المغرب، كما أكد الجالس على العرش، في خطاب اليوم، يشتغل مع أشقائه في إفريقيا، ومع كل شركائه، على إيجاد إجابات عملية وناجعة لمختلف الإشكاليات التي تعاني منها بلدان الواجهة الأطلسية الافريقية، في إطار التعاون الدولي، بدليل سهر المغرب ونيجيريا على اخراج المشروع الاستراتيجي لأنبوب الغاز.
مشروع بأبعاد استراتيجية مهمة، يروم من خلاله المغرب الى تعزيز الاندماج الجهوي والإقلاع الاقتصادي المشترك، وتشجيع دينامية التنمية على الشريط الأطلسي، كما سيشكل، كما شدد على ذلك جلالة الملك في خطاب اليوم، " مصدرا مضمونا لتزويد الدول الأوروبية بالطاقة.
في اطار تعزيز هذه الدينامية التنموية في الواجهة الأطلسية، يأتي اطلاق المغرب لمبادرة إحداث إطار مؤسسي يجمع الدول الإفريقية الأطلسية ال23، بغية توطيد الأمن والاستقرار والازدهار المشترك، والتي عقدت اجتماعاتها في الرباط في دورتين.
وبعيدا عن المقاربتين الأمنية والعسكرية، يؤسس المغرب لمنظور جديد لتنمية بلدان منطقة الساحل الأطلسي، يقوم على التعاون والتنمية المشتركة، واقترح إطلاق مبادرة على المستوى الدولي تهدف إلى تمكين دول الساحل من الولوج إلى المحيط الأطلسي.
غير أن نجاح هذه المبادرة، يؤكد جلالة الملك في خطاب الذكرى ال48 للمسيرة الخضراء، " يبقى رهينا بتأهيل البنيات التحتية لدول الساحل، والعمل على ربطها بشبكات النقل والتواصل بمحيطها الإقليمي، والمغرب مستعد لوضع بنياته التحتية، الطرقية والمينائية والسكك الحديدية، رهن إشارة هذه الدول الشقيقة، إيمانا منا بأن هذه المبادرة ستشكل تحولا جوهريا في اقتصادها، وفي المنطقة كلها"، يؤكد الملك محمد السادس.
الرؤية الملكية لميلاد تنمية حقيقية في بلدان منطقة الساحل الأطلسي، ستكون مقرونة بتأهيل تنموي للمجال الساحلي الوطني، بما فيه الواجهة الأطلسية للصحراء المغربية، وكذا هيكلة هذا الفضاء الجيو-سياسي على المستوى الإفريقي، وذلك حتى تتحول الواجهة الأطلسية إلى فضاء للتواصل الإنساني، والتكامل الاقتصادي، والإشعاع القاري والدولي.
الواجهة الأطلسية للصحراء المغربية ستكون، بمثابة العربة التي ستجر قاطرة التنمية في منطقة الساحل الأطلسي، من خلال رزنامة من المشاريع التنموية التي ستعرفها الصحراء المغربية، عبر استكمال المشاريع الكبرى التي تشهدها الأقاليم الجنوبية، وتوفير الخدمات والبنيات التحتية المرتبطة بالتنمية البشرية والاقتصادية، وكذا تسهيل الربط بين مختلف مكونات الساحل الأطلسي، وتوفير وسائل النقل ومحطات اللوجستيك، بما في ذلك التفكير في تكوين أسطول بحري تجاري وطني، قوي وتنافسي.
كما تشمل هذه المشاريع التنموية المهيكلة، إقامة اقتصاد بحري يساهم في تنمية المنطقة، ويكون في خدمة الساكنة، اقتصاد متكامل قوامه تطوير التنقيب عن الموارد الطبيعية في عرض البحر، ومواصلة الاستثمار في مجالات الصيد البحري، وتحلية مياه البحر لتشجيع الأنشطة الفلاحية، والنهوض بالاقتصاد الأزرق، ودعم الطاقات المتجددة"، كما أكد على ذلك جلالة الملك محمد السادس في خطاب اليوم الاثنين.
في واقع الأمر، أولى المغرب منذ تربع جلالة الملك محمد السادس، على العرش في العام 1999، أهمية قصوى، لإفريقيا جنوب الصحراء، من خلال بلورة رؤية أكثر واقعية تهدف إلى تطوير التعاون جنوب- جنوب، سواء على الصعيد الاقتصادي، المالي، الدبلوماسي، الأمني، العسكري، الديني أو الرياضي.
رؤية واقعية برغماتية أثمرت ارتفاع الاستثمارات المغربية في القارة الإفريقية من 907 ملايين درهم عام 2007 إلى 5.4 مليار درهم عام 2019، وهي الاستثمارات التي تتكون، بشكل أساسي، من استثمارات مباشرة في بلدان إفريقيا جنوب الصحراء، في أكثر من 14 دولة على رأسها كوت ديفوار، وتشاد والسنغال ومدغشقر والكاميرون وموريشيوس.
ويعد المغرب اليوم، المستثمر الأفريقي الأول في القارة، والأرقام تثبت ذلك. أما ما يميز الاستثمارات المغربية في أفريقيا فهو الطابع الاستراتيجي، بحيث أن كل هذه الاستثمارات تندرج في إطار رؤية استراتيجية مُحكمة تم بلورتها منذ عام 2000 والتي تسعى إلى الاستثمار في المجالات الحيوية والاستراتيجية حسب رؤية بعيدة المدى.
وأضاف "أفريقيا اليوم في حاجة إلى تطوير القطاع البنكي لتسهيل ولوج الشركات الصغيرة والمتوسطة للتمويل، كما تحتاج القارة إلى تطوير صناعة الأدوية، وتقوية البنيات التحتية، والكهرباء والسكن، وإلى تحسين المردودية الفلاحية.
و تكمن قوة الاستثمارات المغربية في كون افريقيا اليوم في حاجة إلى تطوير القطاع البنكي لتسهيل ولوج الشركات الصغيرة والمتوسطة للتمويل، كما تحتاج القارة إلى تطوير صناعة الأدوية، وتقوية البنيات التحتية، والكهرباء والسكن، وإلى تحسين المردودية الفلاحية، وهناك قوة الاستثمارات المغربية التي تستجيب لهذه النقائص وتستثمر فيها بهدف تحسين ظروف المواطنين الأفارقة.
وتقوم المقاربة المغربية تجاه بلدان افريقيا جنوب الصحراء، منذ سنوات، على مقاربة "رابح-رابح"، من خلال تكثيف المملكة لتواجدها في عدد من الدول الإفريقية من خلال مضاعفة الاستثمارات والاتفاقيات، كما قام جلالة الملك محمد السادس بسلسلة من الجولات للدفع بمسلسل التعاون الأفريقي إلى الأمام، في إطار المعادلة الاقتصادية رابح – رابح، والتي تنهض على رؤيةٍ استراتيجية، عمادها نسج الشراكات القوية بين المغرب ودول أفريقية، خصوصاً في جناحها الغربي.
ويتطلع المغرب الى قيام تكتل اقتصادي في القارة السمراء، قادر على التفاوض والدفاع على المصالح الحيوية للقارة، كما أن هذه الاستراتيجية المرتبطة بأسلوب حكم جلالة الملك محمد السادس تتأسّس على البحث عن شركاء جدد، في إطار سياسة التعدد التي بات ينتهجها المغرب في علاقاته الاقتصادية والتجارية، على الأصعدة الدولية والقارية والإقليمية.
وعلى عكس بعض الدولة التي تستثمر في ثروات القارة الافريقية بهدف بالاستغلال، يشتغل المغرب مع الدول الأفريقية بمنطق رابح – رابح. بل ويركز على الجانب الاجتماعي، عن طريق خلق فرص شغل للشباب، ودعم الفلاحة وانتاج الطاقات المتجددة.
بلغة الأرقام، زادت الصادرات المغربية إلى القارة الإفريقية بنسبة 11 في المئة في المتوسط السنوي، لتبلغ 21,6 مليار درهم في 2019، أي ما يمثل 7,7 في المائة من إجمالي صادرات المغرب مقابل 3,7 في المائة في عام 2000، وفقا لمعطيات صادرة عن مديرية الدراسات والتوقعات المالية، التابعة لوزارة المالية، وهي الصادرات، المكونة أساسا، من المنتجات شبه المصنعة، والمنتجات الغذائية والمشروبات والتبغ، والمنتجات الاستهلاكية النهائية، ومنتجات المعدات الصناعية الجاهزة ومنتجات الطاقة ومواد التشحيم.
على المستوى الدبلوماسي، توالت زيارة جلالة الملك محمد السادس، منذ توليه العرش، للعديد من الدول الإفريقية، حيث همت في البداية بعض دول غرب إفريقيا كالسنغال، والغابون، ومالي والنيجر، لتمتد إلى بعض دول شرق إفريقيا الأنجلوفونية كرواندا وتنزانيا. وقد اندرجت هذه الزيارات الملكية المتتالية لبعض الدول الإفريقية ضمن دبلوماسية ملكية هجومية يختلط فيها البعد الإشعاعي بالبعدين الاقتصادي والديني
كما أن الزيارات الملكية إلى هذه البلدان الإفريقية، سواء بغرب القارة أو شرقها، كانت بحمولة دينية خالصة، حيث ارتكز التحرك الدبلوماسي لجلالة الملك محمد السادس ليس بوصفه رئيسا لدولة أو ملكا فقط، بل أيضا بصفته أميرا للمؤمنين، وهو ما تمثل في موافقة وزارة الأوقاف قبل الزيارة الملكية لبعض هذه الدول الإفريقية، وبأمر من جلالة الملك، على تأطير ديني للقيمين في كل من تونس وليبيا ومالي، والتي تعاني كلها من الانعكاسات السلبية للتطرف الديني.
كل هذه الاسهامات والتحركات الاقتصادية والدبلوماسية والدينية للمغرب في بلدان افريقيا جنوب الصحراء، بالإضافة الى عودة المغرب الى حظيرة الاتحاد الافريقي في عام 2017، أثمرت إعلان دول إفريقية جديدة اعترافها بمغربية الصحراء وقطع العلاقات مع الانفصاليين، مع اعتبار مقترح الحكم الذاتي واقعيا تحت السيادة الوطنية على الأقاليم الجنوبية، كان آخرها اعلان الصومال، شتنبر الماضي، فتح سفارة لها في الرباط وقنصلية عامة في الداخلة.
افتتاح بلد مثل الصومال لسفارة بالرباط، وقنصلية بالداخلة، مؤشر كبير على نجاح الدبلوماسية المغربية في دك قلاع ميليشيات البوليساريو، في منطقة القرن الإفريقي التي كانت تساند عادة الطرح الانفصالي أو تتوسط المنطقة الرمادية، و هو القرار، الذي يأتي بعد نفي جنوب السودان لأي علاقات مع الكيان الوهمي للبوليساريو مع تثمين روابط التعاون مع المملكة المغربية، مجددة دعم مخطط التسوية الأممية لهذا النزاع.
وفتحت قرابة نصف الدول الأعضاء بالاتحاد الإفريقي، تمثيليات قنصلية في الصحراء المغربية، وشرعت في حماية مصالح رعاياها وخدمتهم من هناك، كما أن كل الدول التي تعترف بسيادة المغرب الكاملة قد وسّعت دائرة عمل تمثيلياتها الدبلوماسية إلى الأقاليم الجنوبية للمملكة.
وعكس ما يعتقده بعض المناوئين للوحدة الترابية للمملكة، يعتبر فتح الدول الافريقية لقنصلياتها بكبرى حواضر الصحراء المغربية، قرارات من دول لها وزنها على الساحة القارية أو الدولية، وليس "مجرد عمليات دبلوماسية ذات بعد تقني محض"؛ وتمثل ضربة موجعة لمناورات النسخة المتحورة من النظام الجزائري الذي يريد العودة بملف الصحراء إلى نقطة 1991 ما قبل القرارات الأممية ونسف جهود المنتظم الدولي، وهي المحاولات التي باءت بالفشل بفضل دبلوماسية ملكية تجمع بين الأبعاد الدبلوماسية والاقتصادية والدينية و الأمنية والعسكرية، وقائمة على مقاربة "رابح-رابح" بما يخدم مصالح القارة الافريقية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.