هزيمة مدوية جديدة مني بها النظام العسكري الجزائري، بعد أن فشل في لي ذراع اسبانيا، بعد موقفها القاضي بالإشادة بمبادرة الحكم الذاتي، و الذي كان موضوع بلاغ للديوان الملكي، في مارس 2022. ومنذ اعلان اسبانيا عن هذا الموقف، وتغليبها للعلاقات الثنائية مع المغرب على حساب مناورات الجزائر، و جبهة " البوليساريو" الانفصالية، لم يتوانى كابرانات قصر المرادية في الضغط بكل الوسائل بغية دفع مدريد الى تغيير موقفها من الصحراء المغربية، غير أن الجارة الشمالية للمملكة استوعبت بأن المغرب يجعل من الصحراء "النظارة" التي ينظر بها الى عمق الشراكات الناجعة، لتبقي بذلك على موقفها ثابتا. الخطوة الجزائرية بسحب السفير من مدريد للتشاور، بعد موقف اسبانيا من الصحراء المغربية، لم تبث في واقع الأمر الفزع في نفوس الحاكمين باسبانيا، الذين تربطهم مع المغرب "خارطة طريق" واضحة المعالم يجري تنزيل بنودها على كافة الأصعدة، بحسب ما تم الاتفاق عليه في الإعلان الثنائي للبلدين. خلال الانتخابات التشريعية والنيابية الأخيرة في الجارة الايبيرية، كان النظام العسكري الجزائري، و الكيان الوهمي، يعولان على فوز زعيم اليمين، فايخوو، من أجل تغيير موقف مدريد من مخطط الحكم الذاتي، غير أن الرياح جرت بما لا تشتهي سفن عصابات تندوف، وداعميهم في الجزائر، حيث يسير بيدرو سانشيز، نحو تولي رئاسة الحكومة لولاية جديدة، وما يعنيه من بقاء الموقف الاسباني التاريخي الداعم للمقترح الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية. كما أن ما يشي بفشل صعاليك تندوف، والداعمين لهم في الجزائر في تغيير موقف مدريد من مبادرة الحكم الذاتي، هو حصول اتفاق بين بيدرو سانشيز، و زعمية تحالف "سومار"، "يولاندا دياز"، وهو ما جعل "دياز" تدير ظهرها للبوليساريو، و تتخلى عن وعودها الانتخابية من تغيير موقف مدريد من الصحراء. أما هذا الفشل الذريع من "البوليساريو"، وحاضنتهم النظام العسكري الجزائري، في دفع مدريد الى تغيير موقفها من مبادرة الحكم الذاتي، لم يجد الرئيس عبد المجيد تبون، بدا من التأشير على تعيين عبد الفتاح دغموم، سفيرا جديدا الجزائر في مدريد، خلفا ل"سعيد موسي"، الذي جرى استدعاؤه في 19 مارس 2022 بأمر من الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، وذلك كرد فعل على إعلان حكومة سانشيز دعم مقترح الحكم الذاتي في الصحراء تحت السيادة المغربية. قرار الرئيس تبون، يأتي في وقت يسير فيه رئيس الوزراء المكلف، بيدرو سانشيز، نحو جمع الأغلبية اللازمة للحصول على الثقة البرلمانية، حيث أعلن سانشيز، باعتباره رئيس الوزراء المكلف وزعيم الحزب الاشتراكي العمالي، ويولاندا دياث، النائبة الثانية لرئيس الوزراء في حكومة تصريف الأعمال الحالية، بصفتها زعيمة تحالف "سومار" اليساري، توصلهما لاتفاق من أجل تشكيل حكومة ائتلافية جديدة، في انتظار نيل ثقة البرلمان. بخلاف ما تعتقده الجزائر من أن قرار مدريد الإشادة بمبادرة الحكم الذاتي، مجرد "قرار سريالي"، أو " لحظي"، فان هذا القرار في واقع الأمر، مؤطر أولا ببلاغ للديوان الملكي، وما يعنيه ذلك من قرار سيادي لإسبانيا، وثانيا كونه قرار مؤطر ب"خارطة طريق" للمستقبل، قائمة على أساس "الاحترام المتبادل" و "الثقة". الجزائر وهي تعين سفيرا جديدا لها في مدريد بعد فشل ذريع في تغيير موقفها من الصحراء، تناست أن الدبلوماسية المغربية أضحت أكثر نجاعة، وواقعية في اقناع البلدان الصديقة بوجاهة الطرح المغربي في قضية الصحراء، وهو الطرح الذي يكتسب اليوم المزيد من التأييد في المنتظم الدولي والأممي.