منذ اللحظات الأولى لوقوع الزلزال المدمر الذي ضرب إقليمالحوز و الأقاليم المجاورة، نزل جلالة الملك محمد السادس بكل ثقله الرمزي، و شرعيته التاريخية و الدينية و الدستورية، ليجسد بشكل عملي مفهوم "الجدية"، الذي تطرق إليه جلالة الملك في الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى الرابعة والعشرين لخطاب العرش. مباشرة بعد الزلزال، اعطى جلالة الملك، القائد الأعلى ورئیس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكیة، تعليماته السامية قصد نشر القوات المسلحة الملكیة، بشكل مستعجل، وسائل بشریة ولوجیستیة مھمة، جویة وبریة، وكذا وحدات تدخل متخصصة مكونة من فرق للبحث والإنقاذ، ومستشفى طبي جراحي میداني. كما تقرر، أیضا، بتعليمات ملكية سامية الإعلان عن حداد وطني لمدة ثلاثة أیام، مع تنكیس الأعلام الوطنیة فوق جمیع المباني العمومیة، إلى جانب إعطاء الجالس على العرش بصفته أمیرا للمؤمنین تعلیماته السامیة لوزیر الأوقاف والشؤون الإسلامیة لأداء صلاة الغائب، بمجموع مساجد المملكة ترحما على أرواح ضحایا هذه الكارثة الطبیعیة. لقد أعطى الجالس على العرش القدوة في أجرأة "الجدية"، من خلال ترؤوسه يوم السبت 9 شتنبر الجاري، جلسة عمل خصصت لبحث الوضع في أعقاب الزلزال المؤلم، الذي وقع يوم الجمعة 8 شتنبر، والذي خلف خسائر بشریة كبيرة ومادیة في العديد من جھات المملكة. هذه الجلسة اثمرت إجراءات عملية ملموسة؛ من خلال اصدار جلالة الملك تعليماته السامية من أجل الاحداث الفوري للجنة بین وزاریة مكلفة بوضع برنامج استعجالي لإعادة تأهیل وتقدیم الدعم لإعادة بناء المنازل المدمرة على مستوى المناطق المتضررة في أقرب الآجال، وكذا التكفل بالأشخاص في وضعیة صعبة، خصوصا الیتامى والأشخاص في وضعیة هشة. كما تجسدت "الجدية" الملكية من خلال إصدار جلالة الملك تعليماته السامية من أجل التكفل الفوري بكافة الأشخاص بدون مأوى جراء الزلزال، لاسيما في ما يرتبط بالإيواء والتغذية وكافة الاحتياجات الأساسية، إلى جانب تشجیع الفاعلین الاقتصادیین بھدف الاستئناف الفوري للأنشطة على مستوى المناطق المعنیة. و كعادة جلالة الملك في الأزمات، أعطى جلالته تعليماته قصد فتح حساب خاص لدى الخزینة وبنك المغرب بھدف تلقي المساهمات التطوعیة التضامنیة للمواطنین والھیئات الخاصة والعمومیة، داعيا، كذلك إلى التعبئة الشاملة لمؤسسة محمد الخامس للتضامن، بجمیع مكوناتھا، من أجل تقدیم الدعم ومواكبة المواطنین في المناطق المتضررة، وكذا تشكيل احتياطات ومخزون للحاجيات الأولية (أدوية، خيام، أسرة، مواد غذائية ..) على مستوى كل جهة من المملكة من أجل مواجهة كل أشكال الكوارث. التدرج في تعاطي المغرب مع أزمة زلزال الحوز، كان حازما، حيث عاد جلالة الملك محمد السادس لترؤوس اجتماع عمل ثاني؛ تمخض، أيضا عن إجراءات عملية ملموسة، حيث خصص الاجتماع لتفعيل البرنامج الاستعجالي لإعادة إيواء المتضررين والتكفل بالفئات الأكثر تضررا من زلزال الحوز، والذي كان موضوع تعليمات ملكية خلال جلسة العمل التي ترأسها جلالة الملك يوم 9 شتنبر 2023. وحماية للساكنة من تداعيات الزلزال، شملت التعليمات الملكية السامية مبادرات استعجالية للإيواء المؤقت وخصوصا من خلال صيغ إيواء ملائمة في عين المكان وفي بنيات مقاومة للبرد وللاضطرابات الجوية، أو في فضاءات استقبال مهيأة وتتوفر على كل المرافق الضرورية، كما تقرر منح الدولة مساعدة استعجالية بقيمة 30000 درهم للأسر المعنية. كما أعطى جلالة الملك تعليماته السامية قصد تقديم مساعدة مالية مباشرة بقيمة 140 ألف درهم للمساكن التي انهارت بشكل تام، و80 ألف درهم لتغطية أشغال إعادة تأهيل المساكن التي انهارت جزئيا. و استمرارا للعناية التي ما فتىء جلالة الملك يوليها للطفولة، أعطى جلالته تعليماته السامية بالتكفل الفوري بالأطفال اليتامى الذين فقدوا أسرهم وأضحوا بدون موارد، ومنحهم صفة مكفولي الأمة، كما أعطى أوامره للحكومة من أجل اعتماد مسطرة المصادقة على مشروع القانون اللازم لهذا الغرض، وذلك في أقرب الآجال. و الهدف هو انتشال هؤلاء الأطفال من هذه المحنة وحمايتهم من جميع المخاطر وجميع أشكال الهشاشة التي قد يتعرضون لها للأسف بعد هذه الكارثة الطبيعية. هي إذن دروس في "الجدية" كان جلالة الملك محمد السادس، أول من يجسدها على أرض الواقع، اتخذته باقي المصالح العسكرية و المدنية قدوة فانخرطت هي الأخرى في تنزيل الرؤية الملكية لمفهوم "الجدية"؛ الذي تحدث عنه جلالة الملك في خطاب العرش الأخير. يتأكد إذن أن مفوم "الجدية" الذي تكرر في الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش، أربعة عشرة مرة (14 مرة)، هو "ليس شعارا فارغا، أو مجرد قيمة صورية، وإنما هو مفهوم متكامل، يشمل مجموعة من المبادئ العملية والقيم الإنسانية."، حسب منطوق نص الخطاب، بل كلما "كانت الجدية حافزنا، كلما نجحنا في تجاوز الصعوبات، ورفع التحديات".