أكد مسؤولون حكوميون وخبراء خلال جلسة موضوعاتية نظمت اليوم الثلاثاء بمجلس المستشارين في إطار أشغال المنتدى البرلماني الدولي السابع للعدالة الاجتماعية، على محورية الرأسمال البشري في ورش تعميم الحماية الاجتماعية. وأجمع المتدخلون، خلال الجلسة التي ناقشت موضوع "تعميم الخدمات الصحية والحماية والاجتماعية" على أن الحماية الاجتماعية من أهم الآليات والضروريات لتأمين الرأسمال البشري وبناء مجتمع متماسك ينعم أفراده بتكافؤ الفرص، مبرزين أهمية القضايا التي يتناولها هذا المنتدى البرلماني الدولي الذي ينظمه مجلس المستشارين تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، وفي كلمة له بالمناسبة، استعرض وزير الصحة والحماية الاجتماعية، خالد آيت الطالب مكتسبات المنظومة الصحية لتعزيز العدالة الاجتماعية والمجالية، مشيرا إلى بعض المؤشرات المتعلقة بارتفاع أمل الحياة عند الولادة الذي سجل زيادة بحوالي 30 سنة في غضون نصف قرن، إلى جانب انخفاض معدل الخصوبة من 7 خلال الستينيات إلى 2,4 حاليا. كما سج ل السيد آيت الطالب في الكلمة التي قد متها بالنيابة عنه وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، عواطف حيار، انخفاض نسبة وفيات الأمهات بنسبة 78 في المائة، وكذا نسبة وفيات الأطفال دون سنة الخامسة ب 71 في المائة، مؤكدا أن المغرب يسير بخطى ثابتة نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بوفيات الأمهات ووفيات الأطفال الأقل من خمس سنوات. وأضاف الوزير أن نسبة الولادات بالمؤسسات الصحية شهدت ارتفاعا بنسبة 55 في المائة وهو ما اعتبره مؤشرا إيجابيا، إلى جانب مؤشر نسبة الأطفال الذين تم تحصينهم ضد أمراض الطفولة، ومؤشر استكمال اللقاح، الذي "يجب الاشتغال عليه بشكل أكبر". وبعدما أشار إلى مكتسبات تعزيز الخدمات الصحية الأولية والبرامج والخدمات الوقائية، إلى جانب التكفل بالأمراض المزمنة، وتعزيز الولوج الى الأدوية واللقاحات والمستلزمات الطبية، أكد الوزير على أهداف تعميم الحماية الاجتماعية باعتبارها أولوية وطنية ومسؤولية مشتركة، من خلال تيسير الولوج إلى الخدمات الصحية وتحسين جودتها، مع ضمان توزيع متكافئ ومنصف لعرض العلاجات والتوطين الترابي للعرض الصحي بالقطاع العام وتحسين حكامته. من جهتها، أبرزت وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، عواطف حيار، أن الحماية الاجتماعية أداة مهمة لصون التماسك الاجتماعي ومحاربة الهشاشة وتعزيز العدالة المجالية والاجتماعية، ومنع المخاطر في مختلف مراحل حياة الفرد المرتبطة بتدهور الحالة الصحية أو الإعاقة أو المرض أو البطالة والشيخوخة وحوادث الشغل والأمراض المهنية، م نوهة إلى أن الأزمة الصحية التي أفرزتها جائحة كورونا "منحت الفرصة لبلدان العالم لبناء أنظمة حماية اجتماعية أكثر تكيفا ومرونة واعتماد مقاربة استشرافية فيما يتصل بتدبير المخاطر". وبعدما ذك ر ت بالخطوط العريضة لورش الحماية الاجتماعية، قالت المسؤولة الحكومية إن الوزارة نهجت، تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية ومساهمة في تنزيل التزامات البرنامج الحكومي المتعلقة بتدعيم ركائز الدولة الاجتماعية، مقاربة تشاركية ودامجة من خلال الانفتاح على الفاعلين الترابيين لتنزيل البرامج التي تستهدف الفئات في وضعية صعبة في محطات عديدة أبزرها إطلاق الوزارة في دجنبر 2021 مشاورات وطنية موسعة هم ت كل الجهات. وأضاف السيدة حيار أن هذه المشاورات مكنت الوزارة من بلورة استراتيجية جديدة "جسر نحو تنمية اجتماعية دامجة ومبتكرة ومستدامة" تتوخى بلورة رؤية جديدة لتدخلات القطب الاجتماعي تراهن على تقوية الرابط الاجتماعي وضمان الكرامة وتحقيق المساواة وتعزيز قدرات الأسر والأفراد على الصمود وتؤسس لهندسة اجتماعية جديدة من خلال إطلاق، ولأول مرة، الشباك الاجتماعي الرقمي الموحد جسر المعتم د على القرب والرقمنة والاستدامة وتوفير حاضنات اجتماعية لإدماج الفئات الهشة وفق مسارات اجتماعية دامجة. وشد دت على أن الوزارة تعمل إلى جانب مكونات القطب الاجتماعي على اقتراح أجوبة وفق مقاربات مبتكرة لتنزيل ومواكبة ورش الحماية الاجتماعية وضمان تحقيق أقصى قدر للأثر على المواطنين ومنها، على سبيل المثال لا الحصر، تطوير المساعدة الاجتماعية ومحاربة مظاهر الفقر والتهميش والاستثمار في الرأسمال البشري. من جانبه، أكد المدير العام لصندوق الإيداع والتدبير، خالد سفير، أن هذه المؤسسية تبذل جهودا لمواكبة التطور الحاصل في ميدان الحماية الاجتماعية بالمغرب الذي "يعتبر جزءا هاما من نشاطها وساهمت عبره في خلق وتطوير أنظمة ذات أبعاد اجتماعية كبيرة على المستوى الوطني،"، موضحا أن نشاط الصندوق يرتكز في هذا المجال على الخدمات المقدمة من طرف النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد والصندوق الوطني للتقاعد والتأمين كمؤسستين عمومتين أسن د المشر ع للصندوق مهمة تسييرهما. وأشار السيد سفير إلى أن صندوق الإيداع والتدبير مك ن عبر هاتين المؤسستين من مواكبة الدولة في تنزيل السياسات المتعلقة بالحماية الاجتماعية، ومن بينها توسيع التغطية في مجال التقاعد لتشمل فئات مستخدمي المؤسسات العمومية وكذا المستخدمين المؤقتين بالدولة والجماعات الترابية عبر خلق النظام الجماعي لرواتب التقاعد سنة 1978، مضيفا أن النظام ذاته شهد إلى غاية 2021 الإدماج الكلي لما يناهز 22 صندوقا داخليا للتقاعد تابع لمختلف المؤسسات العمومية بالمملكة مما ساهم في تقليص المتدخلين في مجال التقاعد، وهو ما اعتبره "مرحلة مهمة في ورش إصلاح التقاعد بالمغرب". في السياق ذاته، أبرز السيد سفير أن الصندوق واكب السياسات العمومية في الحماية عبر تسيير مجموعة من البرامج الاجتماعية على غرار صندوق التكافل العائلي فيما يتعلق بتسيير التعويضات الممنوحة للنساء المطلقات والمتخلى عنهن، وصناديق العمل التي تهدف إلى منح إيرادات تكميلية لفائدة ضحايا حوادث الشغل والأمراض المهنية، والدعم المباشر لفائدة الأرامل الحاضنات للأطفال في سنة التمدرس وبرنامج تيسير الذي "تشر ف الصندوق بتولي تدبيره مؤخرا بمقتضى اتفاقية مبرمة مع وزارة التربية الوطنية"، لتشجيع الأطفال على التمدرس والقضاء على الهدر المدرسي. من جانبه، سل ط الخبير الدولي في الاقتصاد والحماية الاجتماعية والتدقيق، خالد بنعلي، الضوء على العلاقة بين العدالة الصحية والحكامة الجي دة، موردا في هذا الإطار أن الرهانات المطروحة على مشروع الحماية الاجتماعية ترتكز أساسا على تقليص نسبة التحملات المباشرة للأسر في المصاريف الطبية، التمويل وديمومة التوازنات، توفير بشكل عادل للخدمات الأساسية إلى جانب معطى جودة الخدمات. ولربح هذه الرهانات، اعتبر الخبير أنه من المهم تنزيل الترسانة القانونية بشكل كامل، أي مختلف النصوص التشريعية والتطبيقية المتعلقة بالحماية الاجتماعية، إعداد دراسات الجدوى المصاحبة لمشاريع القوانين والنصوص، واحترام الأحكام والمقتضيات القانونية، لافتا في هذا السياق إلى تدبير نظام "راميد"، ومراجعة التعريفة المرجعية الوطنية، إلى جانب التوازن بني أنظمة التدبير على مستوى القطاعين العام والخاص. وضمن الرهانات، على المستوى المالي، أشار الخبير ذاته إلى تمويل الشق التضامني، وتمويل المنظومة الصحية عبر عصرنة وتثمين الخدمات التي يقدمها المستشفى العمومي، وتنزيل ميثاق الاستثمار والإصلاح الضريبي، وتحقيق معدلات نمو تمكن من تمويل منظومة الصحة. وتتواصل أشغال المنتدى البرلماني الدولي السابع للعدالة الاجتماعية الذي ينظم بشراكة مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي تحت شعار "الرأسمال البشري: رافعة أساسية للعدالة الاجتماعية"، من خلال جلسات موضوعاتيه يشارك فيها مسؤولون حكوميون وبرلمانيون وأكاديميون وخبراء، إلى جانب ممثلي العديد من الهيئات المهنية والمنظمات الدولية. وتناقش هذه الجلسات مواضيع "تعميم الخدمات الصحية الجيدة والحماية الاجتماعية، و"رهانات تجويد منظومة التربية والتعليم" و "تثمين الموارد البشرية في الأوساط المهنية: رافعة لتعزيز الرفاه الاقتصادي والاجتماعي للجميع" و "التنوع الثقافي ورهانات بناء مجتمع منفتح ومتماسك". الدار: و م ع