أصدرت أكاديمية المملكة المغربية حديثا، دليلا توثيقيا لأنشطتها ومشاريعها المنفذة خلال الفترة (2015-2021)، والمتضمنة لمرحلة الانطلاقة المنفتحة بانشغالاتها الوطنية على القضايا الإنسانية المسترشدة بالتوجيهات الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس. وجاء في تقديم مقررد أكاديمية المملكة المغربية، مصطفى الزباخ، للدليل، الذي يقع في 318 صفحة، أن هذه الوثيقة تتوقف عند مرحلتين متميزتين في مسار أكاديمية المملكة المغربية، تتمثل أولها في مرحلة الانطلاقة الجديدة، انطلقت بتعيين السيد عبد الجليل لحجمري، أمين السر الدائم للأكاديمية سنة 2015، والتي تميزت بتفعيل أنشطة الأكاديمية بما يتناغم مع أهداف دستور 2011. وبحسب الزباخ، فقد شهدت أكاديمية المملكة المغربية خلال هذه المرحلة تنوعا في أنشطتها وتحديثا في آليات تنفيذها بما يشمل مختلف المجالات المعرفية ويرتقي بها إلى مستوى الجودة التكنولوجية والإعلامية والتنظيمية. كما انفتحت أنشطتها على التجارب الثقافية والتنموية الدولية، والخبرات العلمية في المناطق الإفريقية والغربية والآسيوية والعربية. وتم خلال هذه المرحلة كذلك تنظيم برامج وطنية مهمة، مثل مشروع تراث الملحون والابتكار وقضايا العصر، وكرسي الآداب والفنون الإفريقية، ومشروع الطلبة الدكاترة بالجامعات المغربية، وجائزة المنتج الثقافي في الموسوعات الرقمية العالمية، وغيرها. أما المرحلة الثانية، فهي "مرحلة الهيكلة الجديدة" التي تميزت بالانفتاح على مستجدات العصر وحوار الثقافات والحضارات والديانات. وصدر في هذه المرحلة ظهير شريف جديد (فبراير 2021) متعلق بإعادة تنظيم أكاديمية المملكة المغربية، بإلحاق "المعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب" بالأكاديمية، وإحداث "الهيأة الأكاديمية العليا للترجمة"، و"المعهد الأكاديمي للفنون". وارتكزت أنشطة الأكاديمية خلال هذه المرحلة، حسب المصدر ذاته، على تعزيز مقومات البناء الهوياتي المغربي، من خلال العناية بغنى روافده الإفريقية، المتمثلة في إصدارات الأكاديمية حول دورتها "إفريقيا أفقا للتفكير"، والأندلسية التي أصدرت حولها بحوثا ودراسات منها كتاب "نوبة الاستهلال: تاريخ، تدين وتحليل"، وكتاب "الدليل البيبليوغرافي للموسيقى في الغرب الإسلامي". وفي مكوناته العربية الإسلامية والعبرية،عقدت ندوات منها "تجليات الغيرية في الثقافة العربية"، و"حاييم الزعفراني"، و"المدينة في العالم الاسلامي". كما تم إبراز المقومات الوطنية والحسانية، حيث عقدت الأكاديمية وأصدرت في الشعر النسائي الحساني كتاب "التبراع". وفي عنايتها بالتراث الفني للملحون، أصدرت الأكاديمية أحد عشر ديوانا ونظمت للتعريف بأشغاله احتفاليات ملحونية إغناء للتراث الفني المغربي. كما شهدت مرحلة الهيكلة الجديدة للأكاديمية ابتكار مشاريع فكرية تروم الارتقاء بالقدرات الوطنية والفكرية والمعلوماتية الجامعية والمدنية الشابة، مثل مشروع تعزيز الطاقات البحثية الفكرية والمنهجية، في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية للطلبة الدكاترة في الجامعات المغربية. وفي هذا الإطار، استعرض الدليل التوثيقي مختلف الأنشطة العلمية والأكاديمية التي نظمتها أكاديمية المملكة المغربية خلال فترة (2015-2021)، انطلاقا من سلسلة الدورات الثقافية، والندوات والأيام الدراسية والملتقيات، التي سلطت الضوء على القدرات البحثية في مختلف الميادين الفكرية. كما اشتمل الدليل على مجموعة مختارة من المحاضرات التي احتضنتها الأكاديمية، سلطت الضوء على المستجدات المعرفية والتحديات الفكرية والإيديولوجية للألفية الثالثة، من خلال مواضيع متعلقة بقضايا الذكاء الاصطناعي والترجمة والهوية والحداثة تستأثر باهتمام المفكرين المعاصرين من المغرب وخارجه. بالإضافة إلى شق آخر متعلق بعدد من الاحتفاليات والعروض الفنية للتراث الموسيقي العالمي، التي نظمتها الأكاديمية، وعرفت بالإشعاع التاريخي والفني لدى الأجيال الجديدة. كما اشتمل الدليل على مساهمات الأكاديمية المتمثلة في "إشعاع إفريقيا من العاصمة"، تعزيزا للروابط التاريخية والثقافة بين المغرب والقارة الإفريقية، من خلال تنظيم المائدة المستديرة حول موضوع "البحث العلمي الخاص بإفريقيا"، وكذا مساهمتها في البرنامج العلمي لقمة المناخ "كوب 22″، من خلال سلسلة من الأنشطة العلمية في هذا الإطار. بالإضافة إلى ذلك، يتضمن الدليل التوثيقي تقديما لجملة من الجوائز والتكريمات التي استحدثتها أكاديمية المملكة المغربية لتكريس ثقافة الاعتراف وتكريم الشخصيات المرموقة والأعمال العلمية والفكرية المتميزة، والاحتفاء والوجوه الفكرية البارزة على الساحة الوطنية والعربية والأجنبية. كما تضمن الدليل تعريفا بإصدارات الأكاديمية، من مؤلفات ودواوين تعالج قضايا وإشكاليات معاصرة، وتواكب الانشغالات المغربية والدولية الكبرى، كقضية البيئة والتراث الإسلامي والحوار والتاريخ المغربي والإفريقي والأدب الشعبي، وغيرها من المواضيع التي تستأثر باهتمام الرأي العام. وأشار الدليل إلى شق خاص بمبادرات أكاديمية المملكة المغربية الرامية إلى دعم الجهود الثقافية وتشجيع البحوث العلمية المهتمة بتطوير الإبداع الأدبي والبحث التاريخي، فضلا عن مجموعة من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي وقعتها الاكاديمية خلال هذه الفترة، والهادفة إلى تعزيز جسور التعاون بين مختلف المؤسسات والمنظمات في الميادين الثقافية والتربوية والحضارية. وعلاوة على ذلك، توقف الدليل التوثيقي كذلك عند جملة من الزيارات التي احتضنتها الأكاديمية لشخصيات دولية من مجالات متعددة، تعزيزا منها للدور المهم للثقافة والدبلوماسية الموازية لنشر ثقافة التسامح والحوار وتعزيز المقاربات العلمية الحداثية في القضايا الإنسانية. المصدر: الدار-وم ع