استغلت أكاديمية المملكة المغربية صدور الديوان الشعري العاشر لفن الملحون، وهو العمل المندرج في إطار مشروع تشتغل عليه الأكاديمية يحمل اسم "موسوعة الملحون"، لتنظيم يوم دراسي في موضوع "لغة الملحون" يجمع أبرز الأكاديميين والباحثين والفنانين. وشكلت الأكاديمية هيئة مكونة من 50 باحثا في مجال الملحون للاضطلاع بمهمة جمع وتخزين كبرى الأعمال لكبار أساتذة الملحون الذين بصموا بإسهاماتهم هذا الفن المغربي العريق، في إطار مشروع "موسوعة الملحون" الذي يعرف مساهمة شيوخ ومنشدين وشعراء مغاربة، قصد إيصال هذا الفن إلى الأجيال المقبلة. عبد الجليل الحجمري، أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة المغربية، أكد أن تناول سؤال لغة الملحون في خضم النقاش حول لغة التدريس يتجاوز سقف ما هو بلاغي، لافتا إلى أن الأكاديمية بصدد مدارسة إمكانية التقديم بطلب لدى اليونيسكو لتسجيل فن الملحون تراثا عالميا لا ماديا. وأبرز المتحدث أن اليوم الدراسي المنعقد على مستوى الأكاديمية يأتي تمهيدا للأمسية الاحتفالية يوم 24 ماي، احتفاء بصدور الديوان العاشر لفن الملحون للشاعر أحمد سُهوم، الذي سيتم تكريمه خلال الأمسية ذاتها، موضحا أن الأكاديمية انتقلت من البحث والتوثيق والنشر إلى الاشتغال الفني. وأضاف المُتحدث أن هذا الأسبوع الاحتفالي يأتي في إطار الجمع بين المنتوج الأدبي وآليات الإبداع المتجددة الكفيلة بالانتشار المؤثر والدائم، لافتا إلى أن الأكاديمية تعتمد على مدى التفاعل الإيجابي لكل المعنيين بالملحون توثيقا وبحثا وإبداعا وإنتاجا. من جهته، أوضح عباس الجراري، رئيس لجنة الملحون بالأكاديمية، أن فن الملحون في بدايته كان عبارة عن قصائد مكتوبة تحولت على امتداد خمسة قرون إلى فن موسيقي، لافتا إلى كونها تطورت واكتسبت الجديد واتسعت أشكالها وبدأت تلحن وتنشد وتغنى. من جهته، تطرَّق منير البصكري عضو لجنة الملحون الوطنية، لماهية لُغة الملحون واصفا الفن ب "الحي الذي يكشف أصالة الشعب المغربي في قوالبه التقليدية"، لافتا إلى أن منطلق فن الملحون كان من صحراء تافيلالت وارتبط بالمغربي البسيط ولهجته القريبة للفصحى. وأبرز رئيس شعبة العلوم الإنسانية بكلية آسفي أن من أبرز مُميِّزات فن الملحون اللغة، بما فيها من طاقات واحتكاك بالواقع الاجتماعي، في مزيج بين العامية المغربية وبين الفصحى العربية، لافتا إلى أن القصائد تنظم من لدن شُعراء يَستندون على قاموس اللغة العربية الفصيحة؛ ما يمنح لغة القصائد المغناة نسَقا لغويا جديدا أسماها الباحث "لغة وسطى أو لغة ثالثة"، وفق تعبيره. ومن المزمع تكريم شيخ من شيوخ الملحون المعاصرين الحاج أحمد سهوم، الذي يعد رائدا لتراث الأدب الشعبي، باعتباره شاعرا وباحثا ومنشدا، فضلا عن تقديم عرض "فرجة نزهة الخاطر بصدور الديوان العاشر" يعرف مشاركة شعراء ومنشدين وموسيقيين وممثلين تقدم خلالها مقتطفات من دواوين الملحون التي أصدرتها الأكاديمية بأداءات موسيقية متنوعة وتشخيصات مسرحية.