يجلس ساعات أمام المرآة، يضع بعضا من كريم الأساس التي تستعمله زوجته، لعل الكدمات الزرقاء تختفي قبل ذهابه للعمل. رشيد (اسم مستعار) يبلغ من العمر 42 سنة يؤكد أنه يتعرض للعنف المادي من طرف زوجته "بسبب او بدون سبب تضربني أحيانا لأنني نسيت إحضار شيء من السوق، أو لأنني أرغب في مشاهدة مباراة كرة القدم التي تتزامن مع عرض مسلسلها المفضل..كلها أسباب نتيجتها واحدة الضرب والشتم". ويضيف رشيد في تصريح خاص لموقع "الدار": "قد تبدو القصة مبالغا فيها، لكنها الحقيقة التي تخفيها الجدران.. الكثير منا كيكاكل العصا ومشكلتنا أننا لا نجهر بذلك". ويوضح رشيد أن سبب عدم تبليغ الشرطة هو منصبها الإداري حيث انها تعمل "معهم"وهو ما يزيد الأمر تعقيدا. أما "با يعقوب" (70 سنة) كما يلقبه سكان الحي الذي يقطن فيه بالدارالبيضاء، فيقول أن زوجته التي تصغره بعشر سنوات لم تكن تجرؤ على رفع صوتها أمامه إلا أنها الأن وبعد قطع رجليه بسبب مضاعفات لداء السكري أصبحت تضربه وتعايره بإعاقته". وبكلمات منكسرة، يكشف "با يعقوب" لموقع "الدار" أنه حاول الهروب مرات عدة، إلا أنها كانت تمنعه من ذلك عبر الضرب، وإقفال الباب، وذلك "لتستفيد من "المعاش" الذي يطل في أول كل شهر… لا تهمها العشرة، همها الوحيد هو المال". وفي السياق ذاته، قال رئيس الشبكة المغربية للدفاع عن حقوق الرجال عبد الفتاح بهجاجي، لموقع "الدار"، "إن أعداد الرجال المغاربة المعنفين في تزايد، وان الشبكة ومنذ تأسيسها سنة 2008 استقبلت ما يزيد عن 25 ألف حالة وسنة 2017 تم استقبال 2500 حالة". وخلافا لما هو شائع فالبهجاجي يوضح أن الحالات المعنفة تشمل جميع الفئات من بينهم حاصلون على شهادات دكتوراه واخرين اميين ومن مختلف الفئات العمرية. كما يستطرد المتحدث ذاته: "بتحدثنا عن العنف.. لا نتحدث فقط على العنف كما نعرفه (الضرب أو ما إلى ذلك)، بل هناك عنف اخر يمارس في الكثير من البيوت،عبر الاستيلاء على الممتلكات، أو وثائق العمل أو دفاتر الشيكات أو أوراق عائلية أو الأموال وغيرها وهناك العنف القانوني المتعلق باستغلال الثغرات التشريعية، ما قد يحرم الرجل من رؤية أولاده. كما أن المحاكم لا تراعي الوضع المادي للرجل خلال إقرار النفقة". المختص النفسي الحبيب الغزواني، يؤكد لموقع "الدار" أن عيادات الأطباء النفسيين تستقبل بشكل مستمر رجالا يتعرضون للعنف، و"حتى الأرقام التي تكشفها الجمعيات الناشطة في المجال تؤكد أن الظاهرة موجودة في المجتمع المغربي". وزاد قائلا: "ما يمنع المجتمع المغربي من مواجهة الظاهرة هو "حشومة" التي نكررها كثيرا، والصورة النمطية التي يملكها عدد من الأفراد والتي تشير إلى أن الرجل الذي يتعرض للعنف "ماشي راجل". وختم حديثه: "من نتائج العنف، حالات الاكتئاب الكثيرة والتي تؤدي إلى الانتحار أحيانا، وهو ما أصبحنا نسمع عنه في الآونة الأخيرة بشكل مفزع، لذلك أعتقد أنه حان الوقت لمواجهة خبايا الظاهرة".