يحاول النظام العسكري الجزائري بكل الطرق افتعال جبهات متعددة في مناوراته المقيتة ضد المغرب بهدف إشعال فتيل حرب في المنطقة، وذلك بعدما صمت المملكة آذانها عن الاستفزازات العقيمة للعصابة الحاكمة في الجارة الشرقية. وتعرف البنية النفسية للأنظمة الاستبدادية الديكتاتورية في العالم بكونها تجنح نحو افتعال جبهات، وأزمات بشتى الطرق والوسائل بغية الهاء شعوبها عن مطالبهم الحقيقية في الكرامة الاجتماعية وحقوق الانسان، وهو الأمر الذي ينطبق تماما على النظام العسكري الجزائري، الذي جرب جميع الوصفات بغية جر المملكة المغربية الى ساحة ردود الفعل، غير أن المغرب فطن لحيلة جنرالات قصر "المرادية"، وقرر عدم الاكتراث لمناورتهم البئيسة التي حولت الجزائر الى أضحوكة أمام المنتظم الدولي. ودفع الحراك الشعبي القوي، الذي تعرفه الجزائر، بالعصابة الحاكمة الى تجريب وصفات مختلفة لعلها تسعفهم في امتصاص احتقان شعب مقهور، حيث قاموا ببعض التغييرات الدستورية في دستور 2016، يضمنون من خلالها بقاءهم في السلطة بصورة أو بأخرى، واحتفاظهم بكل مفاتيح الدولة، وعدم تسليمها لمن يريده الشعب الجزائري أن يمثله، غير أن هذه التغييرات لم تجدي نفعا أمام شعب جزائري أصبح واعيا تمام الوعي بأن الوعود الكاذبة ليست سوى مساحيق تجميل لديمقراطية الواجهة المزيفة. النظام العسكري الجزائري استقدم رئيسا صوريا جديدا اسمه عبد المجيد تبون، في محاولة لإيهام الشعب بأنه الممسك بتلابيب السلطة والحكم في البلاد، وكأن العقيدة العسكرية للكبرانات، لم تستوعب بعد درس العشرية السوداء، وبأن الشعب الجزائري، لا يريد استبدالا للأشخاص وتغييرا في النصوص القانونية، وإنما يريد إصلاحا جذريا على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والحقوقي، علاوة على رحيل العصابة كما يسميها الحراك السلمي الشرعي، الذي مازالت تداعياته تخيم على البلاد، وتسود مراتبها في التصنيفات الدولية التي تعنى بحقوق الانسان. وما يذكي عقيدة العداء لدى كبرانات النظام العسكري الجزائري، هو حقدهم الدفين على المغرب، وتقدمه في مختلف المجالات الحقوقية والاقتصادية، فضلا عن إجماع المغاربة قاطبة حول المؤسسة الملكية بكل شرعيتها الدينية والتاريخية و الدستورية، والشعبية، وهو ما لم يتحقق في الجزائر، التي تفتقد فيه العصابة الحاكمة لشرعية الحكم. كما أن الخيار الذي اختاره المغرب منذ اعتلاء جلالة الملك محمد السادس العرش سنة 1999، والمتمثل في طي حقبة سنوات الرصاص، عبر تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة، وإقرار دستور 2011 الضامن للحقوق والحريات، وإطلاق مشاريع تنموية في شتى المجالات، هو الذي أعمى بصيرة نظام عسكري جزائري يوجه كل اهتمامه اليوم الى المغرب، ويحاول استفزازه بشتى الطرق. ومقابل هذا العداء الدفين من طرف كبرانات قصر "المرادية" تجاه المملكة المغربية، ظلت مواقف جلالة الملك محمد السادس على الدوام، وفية لواجب الجوار، والأخوة، ومعبرة عن اليد الممدودة للجزائر في غير ما مرة، كان أبرزها خطاب الذكرى الثانية والعشرين لتوليه العرش، الذي وصف فيه جلالة الملك الجزائر بتوأم المغرب، والشريك التاريخي في الكفاح ضد المستعمر، فما كان من العسكر إلا أن أطلق أبواقه في محاولة بائسة لإظهار انتصار وهمي له على المملكة. العصابة المستبدة الحاكمة في الجزائر أفقدتها رزانة وتعقل وحكمة المغرب ملكا وشعبا، الصواب لتقدم على قرار قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، وهو ما ردت عليه المملكة في الخطاب الموالي لخطاب ذكرى تقلد جلالة الملك العرش، حيث أعرب جلالته في خطاب الذكرى الثامنة والستين لثورة الملك والشعب، أن المغرب يتعرض لمكائد ومؤامرات من جهات معادية له، لم يذكرها بالاسم ولكنها واضحة للجميع ولا تخرج عن الجزائر وجنوب أفريقيا، ومن يدور في فلكها من منظمات تقتات على الاسترزاق بالمنظومة الكونية لحقوق الانسان والحريات، وتحاول الاستثمار فيها لمهاجمة المغرب. ما ذكرته الرئاسة الجزائرية في بيان نشر اليوم الأربعاء، من مقتل ثلاثة من مواطنيها الاثنين الماضي، في قصف نسب إلى المغرب واستهدف شاحنات تقوم برحلات بين موريتانياوالجزائر، يعتبر آخر مناورات العصابة الحاكمة في الجزائر، التي تحاول بكل الطرق جر المنطقة نحو المجهول، وإعاقة مسار التنمية في البلدان المغاربية، وإدخالها الى نفق مسدود، أمام أنظار المنتظم الدولي، الذي أصبح لا يكترث كثيرا لعصابة عسكرية حاكمة تتخذ من الدعاية التضليلية، وسيلة للتغطية على قمع الشعب الجزائري والبقاء في السلطة.