لا زالت العديد من المراكز الدولية ذات الاختصاص الجيوستراتيجي تخوض في موضوع العلاقة المتميزة التي تربط جبهة البوليساريو و تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، وكذا دور النظام العسكري في الجزائر في تنظيم تلك العلاقة و تسطير قواعد اللعبة التي يجب أن تخضع لها. هكذا طلعت العديد من الدراسات من مراكز مختلفة من سويسرا و إيطاليا و اسبانيا و فرنسا و بريطانيا و كندا و كذلك الولاياتالمتحدةالأمريكية، لتتفق كلها على مدى الخطورة التي صار يشكلها ذلك التحالف الإرهابي بين الجبهة و القاعدة، على الاستقرار في منطقة الشمال الإفريقي خصوصا، وعلى العالم عموما. آخر تلك الدراسات جاءت على لسان”شارل سامبرو” من مركز الدراسات الجيوستراتيجية بباريس، حين قال ” أن البوليساريو و تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، تنظيمان إرهابيان خرجا من نفس الرحم، رحم النظام الجزائري”. و أضاف” بأن هذا التنظيمين، و إن اختلفا في الحيثيات، فإن الهدف لديهما يبقى واحدا: خلق حالة من الفوضى و عدم الاستقرار في الشمال الإفريقي، حيث يكون المستفيد الأول منها هو النظام الذي صنعهما”. هذه أمور فعلا لم تعد تخفى على أحد، وكلما تورط النظام الجزائري أكثر، كلما أنفضح دوره فيها أكثر و أكثر. لم تكن أحداث العيون هي الوحيدة التي كشفت المستور عن الرؤوس الثلاثة للإرهاب في المنطقة، ولكنها قد كانت الأعنف، فجاءت أيضا الأدل و الأوضح. كما ستطلع علينا أيضا أحداث تونس، من دون شك بأشياء حول تورط هذا النظام الفاسد في حالات الانفلات الأمني في تونس، سعيا وراء دفع الجيش في هذا البلد للسيطرة على الحياة السياسية، و سرقة الثورة من أهلها، كما سرقت الشرعية في الجزائر من قبل قد يعتقد الكثير بأن النظام في الجزائر يسعى جديا لقيام دولة صحراوية في جنوب المملكة المغربية، غير أن الحقيقة تكمن في عكس ذلك. لو كان حكام قصر المرادية ، من زمن الهواري بومدين لغاية زمن بوتفليقة يخامرهم أدنى شك بأن المغاربة قد يمكنهم التخلي عن الصحراء، لكانوا قد اختلقوا قضية أخرى غيرها يغيضون بها المغاربة. تشبث النظام في الجزائر بقضيته الوهمية، يأتي من كونها القضية التي لن تعرف طريقها إلى الحل سريعا، وبالطبع كل زيادة في عمر الصراع هي زيادة في عمر النظام. لابد إذن لهذا النظام من صراعات إقليمية يتحجج بها من أجل السيطرة على رقاب الشعب الجزائري و سرقة أمواله وقوت يومه، كما أنه لابد له من حرب لا باردة و لا ملهبة يستنزف بها قدرات الجار المغربي، محاولة منه تعطيل مسيرته التنموية و بناء دولة يسود فيها القانون، وليس النياشين العسكرية كما هو الحال عندنا. نفس الأهداف التي يتوخاها النظام الفاسد، من خلال افتعال قضية الصحراء، يتوخاها أيضا من صنعه لتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، وهي ملخصة في مجملها فيما يلي: * استمرار حالة الطوارئ المفروضة على الشعب الجزائري مند 1962 * استمرار جبهة التحرير الوطني في التربع على عرش الجزائر، * استنزاف خيرات البلد و تحويلها لجيوب الانتهازيين و المرتزقة و اللصوص بدل التنمية، * بعث حالة من الرعب و الخوف من الآخر لدى المواطن الجزائري، * تصدير الفتنة لدول الجوار و تمويلها قصد خلق حالة من عدم الأمن كما هو الحال داخل الجزائر، * العمل بكل جد و كد من أجل إعاقة مسيرة التنمية، و الانفتاح الديمقراطي بشتى الطرق و الوسائل داخل بلدان الجوار، وخاصة في تونس و المغرب، * الضغط على الدول التي تعاكس نهج النظام الجزائري عن طريق استهداف رعاياها في الشمال الإفريقي و دول الساحل، عن طريق تنظيم القاعدة، كما هو الحال بالنسبة للرعايا الفرنسيين على الخصوص. هكذا يتحرك النظام الفاسد داخل الجزائر، و في محيطها، جاعلا من المصالح الذاتية لطاقمه، المحور الرئيسي الذي يجب أن تدور بسببه و من أجله كل الأمور في الجزائر أولا، و في الجوار ثانيا، ضاربا عرض الحائط المصالح العليا للوطن، و التي حددها شهداء الثورة الجزائرية في وحدة الوطن ألمغاربي و وحدة شعوبه و توحد مصالحهم. الصويرة نيوز: جمال احمد