يوما بعد يوم، يتضح حجم الخبث والقبح اللذان يتصف بهما النظام الجزائري الجبان، وحدثا بعد حدث، يتأكد للجميع مدى مستوى الغل ومنسوب الحسد، اللذان يسريان، حتى النخاع، في كيان هذا النظام اللعين؛ فكلمتان يتيمتان من سفير المغرب لدى الأممالمتحدة كانتا كافيتين لإيقاظ القمقم الخبيث من سباته، وإخراج الأفعى السامة من جحرها؛ إلا أن ذلك لن يضر المغرب شيئا مثلما لم يضره كيد نصف قرن. أجمل شيء في النظام الجزائري، إن كان فيه شيء جميل، أنه وَفِيٌّ في جميع المجالات لمستوى الرداءة التي يوصف بها، فلا تكون رداءته في مجال أدنى من رداءته في مجال آخر، كما أنه ثابت على موقف الخبث الذي يقيس به الأشياء ويزن به الأمور، حيث إن سماحة المغرب، وتساهله، وتسامحه، وتغاضيه عن كل الشرور التي ما فتئ نظام العار يكيلُها له بالليل والنهار وعلى مدى عقود، لم تكن بالنسبة له مناسبة سانحة لمراجعة مواقفه، أو التخلص من نوازع الشر المتأصلة فيه، كما أنها لم تكن كافية لإيقاف الأفعى السامة التي تجري في عروقه. إن وفاء النظام الجزائري لهذه الرداءة وهذا الانحطاط من جعل وزارته في الخارجية تصوغ بيانا ركِيكَ الأسلوب، هجين المعنى والمبنى، تافه الشكل والمضمون؛ بيان يدعو للسخرية والاشمئزاز أكثر من أي شيء آخر، بيان أشبه ما يكون بفصول البرنامج المثير "من سيربح المليون؟"؛ وإلا ما معنى أن يطالب البيان المعتوه دولة كاملة السيادة كالمغرب، بموقف نهائي من تقرير مصير شعب لَقْبَايل المجيد الذي يئن تحت وطأة الاستعمار الغاشم؟ إذا كانت الجزائر مع حق تقرير مصير الشعوب المستضعفة، وتتبجح بذلك حتى تبلغ أعناقها عنان السماء، فلماذا تَلُم المغرب إذا ما اقتنع في يوم من الأيام بمبادئها "العظيمة"؟ ولماذا تُنْكر عليه إن هو سار على درب أخلاقها "الرفيعة"، والتي استوحتها من تضحيات مليون ونصف مليون شهيد؟ من الواجب أن نَذْكر بأن تَجَمُّعا من بضعة آلاف شخص لا يُعد شعبا صحراويا؛ إنما هو جمهور حاشد في ملعب كرة قدم حضر ليشجع فريقه المفضل؛ أما إذا كان ولا بد أن نطلق عليه اسم "شعب"؛ فمن الإنصاف إذن أن نطلق على منطقة لَقْبايل، التي تضم عشرة ملايين مواطن، الإمبراطورية لَقْبَايْلِية العظيمة.