تضع التطورات التي تعرفها العلاقات بين المغرب والجزائر، مستقبل الصراع بين البلدين على شفى شبح حرب في المنطقة. ويعزى هذا التكهن الى أن 12 جنرالا من يتحكمون في دواليب السلطة في النظام العسكري الجزائري، يعتبرون مجموعة من الضباط الفاسدين "ضباط فرنسا و تلامذتهم"، والذين لطخت أيديهم بدماء الشعب الجزائري في العشرية السوداء، كما تورطوا و في مختلف أنواع الجرائم و نهب ثروات البلاد، مقدراتها، و العمالة للخارج و تغذية الإنفصال في صحراء المغرب. وهي معطيات تضعهم في موقع قد يدفعهم الى اتخاذ أية مواقف تصعيدية تدخل المنطقة في نفق مسدود، على اعتبار أن العسكر هم الجهة الآمرة و الناهية في الجزائر. كما أن الغليان الذي يعرفه الشارع الجزائري في ظل استمرار "الحراك الشعبي"، وتفاقم الأزمات الاقتصادية و الاجتماعية بالبلاد، قد يدفع هؤلاء الضباط الفاسدين، و الأقلية الحاكمة من عسكر قصر "المرادية" إلى التفكير في طوق للنجاة من مفرمة الشعب، ناهيك عن ضغوطات المنظمات الحقوقية الدولية، التي تلمح في تقاريرها الى أوضاع حقوقية في الجزائر، تصفها التقارير ب"القاتمة". وعلاوة على الاحتقان الاجتماعي، و الوضع الحقوقي المتدهور، تعيش الجزائر أوضاعا اقتصادية سيئة للغاية، اذ فقدت في سبع سنوات 200 مليار دولار من إحتياطي العملة الصعبة و لم يتبقى سوى 12 مليار في خزينة الدولة، وهو المبلغ الذين لن يغطي حتى وارداتها من المواد الغذائية الأساسية و الصحية، علاوة على الأزمات التي أصابت قطاع الصناعة بعد إعتقال غالبية رجال الأعمال الموالين لبوتفليقة و القايد صالح، كما أن أسعار البترول و الغاز لا تزال منخفضة، و هو ما يحرم الجزائر من عائدات مالية ضخمة لم تحسن إستخدامها في السابق. ويتوقع مراقبون أن تشهد الجزائر أوضاعا خطيرة خلال الأشهر القليلة القادمة، قد تعصف برؤوس كبيرة داخل النظام العسكري الجزائري، أينعت وحان قطافها، بسبب توجه الشعب الجزائري الى إستعمال العنف بحثا عن لقمة العيش، وانعدام السيولة المالية الكافية لدفع مرتبات الموظفين والمستخدمين، وهو ما ينذر بأوضاع سياسية واقتصادية واجتماعية لا عهد للبلاد بها منذ سنوات. ويعمل النظام العسكري الجزائري، من خلال12 جنرالا المتواجدين في عين العاصفة، و المتحكمين في دواليب القرار السياسي بالبلاد، على الهاء الشعب الجزائري عن مطالبه الحقيقية من خلال "حرب تصريحات" مع المغرب حول قضية الصحراء المغربية، ومحاولة تصوير المملكة في أعين شعب مقهور على أنها "عدو" ويجب التكتل لمواجهتها، وهو ما تفطن له الشعب الجزائري، الذي يطالب اليوم بابعاده من نزاع هو بغنى عنه، و لايرتبط أبدا بمعيشه اليومي، و أوضاعه الاجتماعية والاقتصادية المقلقة. لكل المعطيات السالفة الذكر، يبدو أن النظام العسكري الجزائري، الذي حول الرئيس عبد المجيد تبون الى "دمية" ينفث من خلالها سم الكراهية والعداء تجاه المغرب، ووحدته الترابية، يمهد لحرب مع المغرب، الذي يبقى مستعدا لكل السيناريوهات، مدعوما بدبلوماسيته القوية، و حلفائه، التي يحاول من خلالها قص أجنحة نظام عسكري جزائري، تسكنه عقدة نقص وعداء تاريخية تجاه المغرب، ووحدته الترابية.