أكد المشاركون في الملتقى الإعلامي العربي في دورته ال17، أن الاعلام العربي يجد نفسه اليوم أمام اختبار حاسم، في ظل التحولات المذهلة التي طرأت على الممارسة الإعلامية وخاصة في ضوء بروز الإعلام الرقمي، وتزايد أعداد مستخدمي منصات وشبكات التواصل الاجتماعي مقابل تراجع واضح لما يسمى بالإعلام التقليدي. وأبرزوا خلال أشغال الملتقى المنظم عن بعد بالكويت بتعاون مع جامعة الدول العربية، ضرورة الانفتاح على أنجح تجارب الانتقال الرقمي، وأفضل نماذج التطوير الإعلامي باستشراف أنماط مهنية خلاقة في إطار ضوابط حرية الرأي والتعبير ضمن بنية تشريعية ملائمة لمسايرة تطور صناعة الإعلام، وتشجيع الاستثمار في الحقل الإعلامي وصقل المهارات التكنولوجية للمهنيين، من أجل الارتقاء بمؤسسات الإعلام العربية ومزاولة المهنة وفق نظم ومعايير محكمة تدبيرا وإنتاجا وتسويقا، بعيدا عن سلوكيات الانكفاء واستهلاك أخبار الآخر. وأكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، على ضرورة مواصلة الجهد الإعلامي العربي في نقل الصوت الفلسطيني والعربي، من أجل كسب الرأي العام الدولي لصالح القضية الفلسطينية العادلة، وألا تترك الساحة أبدا لرواية زائفة يعرضها الطرف المحتل. وأشار إلى أن الأحداث الأخيرة في القدسوغزة والضفة الغربية، برهنت أهمية العمل الإعلامي بكافة صوره وتنوع منصاته، في التصدي للدعاية المضادة، وكشف الوجه الحقيقي للاحتلال الإسرائيلي. وأبرز أبو الغيط أن المرحلة الحالية تستوجب استثمارا أكبر في صناعة محتوى عربي على الإنترنت، باللغات المختلفة الأجنبية ذات التأثير الواسع، فضلا عن اللغات ذات الصلة بقضايا الأمة العربية، بهدف الوصول لعقل الآخر والتأثير فيه ، والدفاع عن صورة العربي وقضاياه. من جهته، قال أحمد رشيد خطابي، الأمين العام المساعد المشرف على قطاع الإعلام والاتصال بجامعة الدول العربية، إن تزايد أعداد مستخدمي منصات وشبكات التواصل الاجتماعي مقابل تراجع واضح لما يسمى بالإعلام التقليدي يطرح بعمق تساؤلات حول مستقبل المهنة، مضيفا أن هذا التحول غير المسبوق زادت وتيرته مع تفشي جائحة "كورونا" التي عكست تداعياتها ضرورة الإسراع بتحقيق الانتقال الرقمي. وتابع "من هنا، فنحن مطالبون على النطاق العربي بالعمل على كسب رهانات هذا التحول لاعتبارات ذات أبعاد متعددة اجتماعية واقتصادية وتربوية وثقافية عبر مسايرة التطور التكنولوجي، وترسيخ دمقرطة الحق في الإعلام والاتصال، في نطاق ضوابط قانونية لحماية الفضاء الإعلامي من خطابات الإسفاف والتشهير بالأفراد والجماعات، والأخطر من ذلك، من الحمولات المحرضة على العدمية والتطرف والكراهية المهددة لقيم التماسك الاجتماعي والمقومات السيادية والوطنية". كما أكد على ضرورة إثراء المحتوى الإعلامي للمؤسسات الإعلامية العربية بجعل مضامينه أكثر عمقا وتنافسية واحترافية، مع الأخذ بالاعتبار أن الطابع الآني لتدفق المعلومات والمعطيات عبر الاعلام الرقمي لا يمكن أن يكون على حساب قواعد نقل الخبر بأمانة ومهنية وموضوعية ومصداقية، وذلك بمبررات السرعة وتحقيق السبق الصحفي. من جانبه، دعا وزير الإعلام البحريني، علي الرميحي، الإعلام الرسمي بإظهار النخب وإتاحة الفرص لهم لوضع الحلول المناسبة، مؤكدا على الحاجة إلى التأثير وليس الانتشار الإعلامي. وقال إن "التأثير الإعلامي يحتاج إلى عمل احترافي، وعملية إخفاء أي معلومة ليس في صالحنا، ونحتاج إلى شفافية وعمل دؤوب وشاق حتى نصل إلى التأثير". وشددت باقي المداخلات على أن من شأن دعم البرامج ذات الصلة بالتحول الرقمي، بصرف النظر عن التفاوتات القائمة بين البلدان العربية، تعبيد الطريق للتعامل الواثق مع التحديات الإعلامية، والاستغلال الأمثل لما يتيحه من فرص واعدة، في أفق إرساء إعلام عربي أكثر تأثيرا في الدفاع عن القضايا العربية . كما أكدت على الحاجة الملحة لتعبئة قدرات مختلف المكونات والأجهزة الاعلامية العربية، بما فيها شبكات التواصل الاجتماعي، في اعطاء زخم دولي قوي، في هذا الظرف بالذات، لصدارة القضية الفلسطينية المشروعة على المستويات الدبلوماسية والسياسية والحقوقية والإنسانية إثر الاعتداءات الآثمة على قطاع غزة والضفة الغربية والانتهاكات الجسيمة في القدس وخاصة في محيط المسجد الاقصى المبارك . وتميز الملتقى، الذي نظم على مدي يومين، بمشاركة عدد من وزراء الإعلام العرب وأصحاب المؤسسات الإعلامية العربية المختلفة وكبار المسؤولين فيها، إضافة إلى نخبة من الإعلاميين والكتاب والصحفيين والمذيعين والفنانين، وأكاديميين وأساتذة الإعلام، وطلبة كليات الإعلام في الجامعات العربية المختلفة، وعدد من الجهات الخاصة والحكومية. المصدر: الدار– وم ع