في أكثر الصور دلالة على الجراح المتخمة، التي لم ولن تندمل، التي أصيبت بها جبهة البوليساريو الإنفصالية، يواصل زعيم الجبهة، إبراهيم غالي، الصمت و التواري عن الأنظار مباشرة بعد العملية العسكرية الناجحة للجيش المغربي بالمنطقة العازلة الكركرات. ويرى مراقبون لتطورات قضية الصحراء المغربية في الأشهر الأخيرة، خصوصا بعد عملية الكركرات، واعتراف أمريكا بمغربية الصحراء، أن غياب إبراهيم غالي عن المشهد الاعلامي، وهو الذي اعتاد الخروج بتصريحات إعلامية لمهاحمة المغرب، يؤكد بالملوس أن الكيان الوهمي في طريقه للزوال و الاندحار نهائيا، وأن اخر المسامير دقت في نعش الجبهة الانفصالية. وفضل إبراهيم غالي الدفع بمساعديه للادلاء بتصريحات إعلامية على الخروج شخصيا، حيث يتولى مهمة التصريح لوسائل الإعلام، كل من أبي بشرايا البشير، ممثل الجبهة في أوربا، وحمادة سلمى الداف، الناطق الرسمي بإسم الحكومة، وكذا بشير مصطفى سيد، الوزير المستشار لدى رئاسة الجمهورية الوهمية. واللافت للإنتباه أيضا أن هناك تناقضات في التصريحات بين المسؤولين الذين يفترض أنهم ينتمون إلى نفس التنظيم الانفصالي، وكلها مؤشرات على حجم الأزمة الداخلية المتازنة التي يعيشها تنظيم إبراهيم غالي بعدما تجاوزاته الأحداث، وفوجىء بالسرعة القياسية التي تسير بها عربة الدبلوماسية المغربية، التي تجر وراءها قاطرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في أقاليمنا الجنوبية. ولم يكن يخطر ببال إبراهيم غالي، الذي يجيد جيدا بيع الأحلام و الأوهام للمحتجزين في المخيمات، أن تقدم الولاياتالمتحدةالأمريكية على خطوة تاريخية بعثرت أوراق الجبهة نهائيا، ووضعت حدا لاطروحاتها الانفصالية المتجاوزة قاريا وامميا، و دوليا، وهو الذي كان يستصغر إقدام بلدان إفريقية على إفتتاح قنصلياتها بكبرى حواضر أقاليمنا الجنوبية. ومقابل صمت قيادات الجبهة الانفصالية، يواصل النظام العسكري الجزائري التحدث بإسمها من خلال فبركة مسرحيات سيئة السيناريو والإخراج لايهام قيادات الجبهة بأن الانتصارات قادمة، متناسيا بأن الجزائر تعيش على صفيح ساخن جراء الأزمة السياسية الداخلية بسبب الوضع الصحي المتردي للرئيس عبد المجيد تبون، الذي سيعود إلى ألمانيا للعلاج تاركا المجال فسيحا لحكم العسكر. ويحاول اللوبي الجزائري في العاصمة واشنطن إقناع شخصيات من الحزب الديمقراطي للترويج لاطروحات الجبهة المتجاوزة لدى الإدارة الأمريكيةالجديدة، رغم أن القرار الأمريكي التاريخي القاضي بالاعتراف بسيادة المغرب الكاملة على أقاليمه الجنوبية، قرار أكدت واشنطن أنه نهائي ولا تراجع بشأنه. وفي هذا الصدد، منحت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، صفحات في 15دجنبر المنصرم لمستشار الأمن القومي، جون بولتون، المعروف بموالاته لجبهة بوليساريو، للترويج لاسطوانة إمكانية تراجع إدارة بايدن عن قرار ترامب، قبل أن تعمد في 10 يناير الجاري إلى إعطاء الفرصة لثلاثة أكاديميين للترويج لذات الاسطوانة المشروخة، وهي لعبة مكشوفة مفضوحة تؤكد أن الجزائر تلعب أوراقا خاسرة هناك في واشنطن، التي اقتنع فيها الساسة بأن الصحراء مغربية، و بأن مبارة الحكم الذاتي، اساس ومنطلق لحل النزاع الإقليمي المصطنع حول قضية الصحراء المغربية.