رغم كل شيء، فإن الجزائر جارتنا الأزلية، ورغم كل الموبقات ضد مبادئ الجوار، فالمغاربة يتمنون لها كل الخير، عساها تفهم يوما بأن مبادئ حسن الجوار تقتضي، على الأقل، رفع الإذاية عن أسس حسن الجوار، ومن أبسطها إيقاف دعم كيان وهمي يسمي نفسه "الجمهورية الصحراوية"، وهي جمهورية تمتد بين كثبتي رمل. لكن مع اعتناق مبدأ الإذاية، فإن الجارة الشرقية لا تجد مناصا من الاعتراف بأن المغرب استطاع في ظرف وجيز أن يحقق ما لم تستطع الجزائر تحقيقه في عقود، وفي كثير من المناسبات "تنزلق" ألسن المسؤولين الجزائريين باعترافات لم يكونوا يقصدونها صريحة واضحة، لكنها تأتي كذلك رغم أنف اللسان. من خلال الإنجازات الاقتصادية للمغرب يبدو ظاهريا أن الإخوة الجزائريين ينظرون إلى المغرب من منطق الغيرة الإيجابية، التي نرجو ألا تتحول إلى حسد، فعندما أنشئ الميناء المتوسطي فإن ألسن الجيران لهجت كثيرا بنعمه الكبيرة، لذلك ارتفعت الأصوات هناك تطالب بإنشاء ميناء مشابه يمكنه أن يسحب البساط من ميناء طنجة. وعندما بدأ المغرب استقطاب رؤوس الأموال الأجنبية في مجال صناعة السيارات، فإن الأصوات في الجارة ارتفعت مجددا تطالب بتشجيع شركات السيارات للتوجه نحو الجزائر، لكنت المثير هو أن الكلام يتجدد باستمرار حول "سحب البساط"، وليس عن المنافسة الشريفة التي يمكن أن تكون في صالح البلدين والشعبين الجارين. وعندما بدأ الحديث في المغرب عن محاولة جديدة لاستضافة مونديال كرة القدم لسنة 2030، فإن الجزائر، التي لم تتقدم من قبل للترشح لهذه التظاهرة العالمية، أبدت رغبتها في الترشح، ولو بتعاون مع بلدان أخرى، وهي رغبة تشي بأن ما يدور في أدمغة الجيران، أو مسؤوليهم على الأرجح، يتجاوز مبدأ المنافسة الشريفة إلى منافسة "قشور الموز". في كثير من القضايا الأخرى لم يبد المغرب مهتما كثيرا بهذه الرغبة الجامحة من طرف الجيران في "سحب البساط"، فقد كان بإمكانهم أن يتوفروا على بساطهم الخاص من دون محاولة سحبه من جيرانهم، فالمغرب خلق لنفسه بساطه الخاص ولم يسحبه من أحد، وهو بساط سيستمر في التمدد على مر السنين، ولا أحد يمتلك القدر على سحبه منه.