الحرب مستمرة على تماثيل الرموز العنصرية عبر التاريخ، داخل الولاياتالمتحدةالأمريكية وخارجها، بعد مقتل المواطن الأمريكي الأسود، جورج فلويد، الذي أشعل موته احتجاجات عنيفة وغير مسبوقة عبر أرجاء العالم. وبعد أن انتقم آلاف المتظاهرين من تماثيل شخصيات تاريخية شهيرة، في أمريكا وأوربا، عرفت بتاريخها العنصري، أو عبر تجارتها في الرقيق، وصل الأمر هذه المرة إلى رموز تعتبر نموذجا لانعدام التسامح والتنكيل بالمختلفين في الرأي والديانة، مثل الملكة الإسبانية، إيزابيل الكاثوليكية، التي لها تاريخ رهيب في التنكيل بالأندلسيين مباشرة بعد سقوط غرناطة سنة 1492. ومن الصدف المثيرة، أن المتظاهرين الأمريكيين الذين أزالوا مؤخرا تماثيل المستكشف كريستوف كولومب، قرروا عدم التوقف عنده، بل ويرومون أيضا إزالة تمثال الملكة إيزابيلا، والتي يوجد في نيويورك نصب تذكاري لها هي وكولومب عندما كان يطالبها بتمويل حملته "الاستكشافية" عبر العالم. الأمريكيون الناقمون على العنصرية، رأوا في التقاء كولومب وإيزابيلا نذير شؤم تاريخي كبير، أدى إلى ما عرفته أمريكا من موجة عبودية رهيبة، وإبادة غير مسبوقة للسكان الأصليين الهنود الحمر، مباشرة بعد أن باركت الملكة حملة كولومب. لكن المتظاهرين الغاضبين لم يكونوا في حاجة للخروج إلى الشارع لتحطيم تمثال إيزابيلا وكولومب، حيث خرجت بلدية ولاية كاليفورنيا، حيث يوجد التمثالان، وقررت إزالتهما لكونهما "يرمزان إلى حقبة سيئة ومليئة بالأحقاد"، وفق تعبير قرار البلدية. لكن هذه "الطيبوبة" المبالغ فيها لبلدية كاليفورنيا، قد تكون مجرد براغماتية ميكيافلية، هدفها حماية مبنى الكابيتول الثمين، حيث يوجد التمثالان، وهو المبنى الذي يضم تحفا تاريخية ثمينة، والتي من الممكن أن تتعرض للإتلاف في حال اقتحم المتظاهرون الغاضبون المبنى. يذكر أن إيزابيلا الكاثوليكية، تعتبر الأم الروحية لمحاكم التفتيش الرهيبة التي عرفتها الأندلس مباشرة بعد سقوط غرناطة، حيث نكلت بالأندلسيين وأجبرتهم على تغيير معتقداتهم وعاداتهم ولباسهم وكل ما يتعلق بحياتهم اليومية، وفي النهاية كان مصيرهم الطرد نحو مختلف أصقاع العالم.