عن مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي - رام الله صدرت حديثا المجموعة القصصية "أغنية البئر" للكاتب الشاب أنس أبو رحمة. أبطال القصص فتيان انطلقوا في فضاء اللغة يبحثون عن ذواتهم, وأرواحهم, وأسمائهم ليعرفونها, ويلونونها بماء الدهشة, والرغبة, وألوان قوس قزح, مع إنصراف كل منهم إلى غناءه الخاص صانعين في إتحاد الأغنية جوقة من أحلام ورؤى وأهازيج فتيان مبثوثين على مدى الكتاب يروون للشمس والحصيرة والغيم قصص حبهم وجنونهم وصخبهم وما يهجسون من فوضى وزنابق وأحلام. قصص عن السلاحف والجنود والله, وعن الفتى الذي أحب بنت الحدّاد, والصندوق الذي لا يحوي بداخله غير الهواء, وعن الفتى الذي يخربش على أسوار مدينته عشقه للوركا وللمعري ولبنت الجارة. قصص تنضح بالنار,والقمح, والغزالات. تخللت القصص رسومات للفنانة الشابة لبنى طه. أنس أبو رحمة, كاتب شاب من فلسطين, يكتب الشعر والقصة, وله العديد من الإصدارات, منها "البحث عن القمر, 2010. من الكتاب: مرايا منذ أول الليل وهو يعدّ النجوم، ولد شقي اسمه أحمد. وقف على شرفة بيته: واحد، اثنان، عشرة، ألف وتسعمائة وخمسة وسبعون. أخطأ في العد.عاود من جديد: واحد، اثنان، عشرة، ألف وثمانمائة وثلاثة وثلاثون. أخطأ من جديد. بعد محاولات كثيرة، توقف عن العد. قال بصوت عال: " أنتِ واحد، أيتها النجوم. أنتِ نجم واحد، لكنّ السماء مرايا" لوحتان كان يرسم بالفحم على جدران المخيم. وحينما دخل الجنود, ظلّ يرسم. قبل أن يدخل الجنود رسم أولادا يلعبون الكرة. وبعد أن خرج الجنود رسم أولادا يلعبون الكرة. اللوحة الثانية، عدد الأولاد فيها أقل. حاجز وقف على الحاجز.على الحاجز جنود. وكي يصل إلى القدس لا بد أن يمرّ عبر الحاجز. وكي يمر، لا بدّ أن يرضى الجنود. وإلى الآن لم يرض الجنود. قرر ألا يعود من حيث أتى. فكر، قال لنفسه: أصعدُ إلى أعلى. وصعد. صعد. سار صوب الله. وفي الطريق لم يجد حواجز. وفي الطريق لم يجد جنودا. أغنية البئر قال الراعي للبئر:"هل بداخلك جنيات؟, اخرج لي واحدة ". رد البئر: "هل بداخلك جنيات؟, اخرج لي واحدة". الطفل والحصان بكى الطفل الصغير حينما رأى الحصان: أبي اشترِ لي واحدا، اشترِ لي واحدا مثله، كي أركبه وأسبق الريح، كي يصير صديقي وأصير صديقه، كي أغسل له غرّته في الليل، وفي الصباح أطعمه شوكولاته. الحصان صهل الحصان حينما رأى الولد. صهل الولد حينما رأى الحصان. والحصان والولد: يحبان البراح. يحبان الهواء. يحبان الركض. يحبان الصهيل. يحبان الله. يحبان الجبل. يحبان فيروز، ويحبان التفاح أيضا. سارة سارة في الحقل تزرع القمح مع أمها. شادي في الدّكان يبيع القماش مع أبيه. تركت سارة الحقل. ترك شادي الدكان. سار كلٌ منهما إلى الخلاء كي يتنفس بعمق. وفي الخلاء رأت سارة شادي. وفي الخلاء صارا يزرعان القمح. غولة قالت له أمه : نم وإلا خرجت الغولة لك. لم ينم كي يرى الغولة. ولمَّا لم تظهر، نادى بصوت عال: "أيتها الغولة أخرجي إلي، أخرجي أيتها الغولة، أريد أن أراكِ، أريد أن أصدّق أمي". حكاية رأى شبح البحر, من أعلى الجبل. كان بعيدا. وهو: لا يستطيع أن يزور البحر، لأن الجنود يمنعونه من ذلك. وهو لم يزر البحر في حياته. وهو يحبّ الماء كثيرا. وهو, زعق من أعلى الجبل: "يا بحر، تعالَ عندنا, يا بحر، في غرفتي سريران، وقطة أيضا، وشوكولاته"