في يوم ميلاد محمود درويش 13 مارس رؤية وأرى دم النهار من كوّة الكون يسيل صابغا جلبابك الأبيض يا أمي بحمر الزنبقات وأرى عيون النائحات ترنو الى بدر يحدق في المذابح صامتا ماذا يقول ؟! وعيونهن تفتش السموات والأرض عن المأوى وعن رب سيرسل نجدة من عنده فمتى الوصول ؟ وأرى العذارى المريمات يحملن أطفالا مضرجة يرفعن قربانا الى الليل الوبيل فعلى أي سحاب سيهبط للصغار ملاكهم كي يحمل الروح الى الله الرحيم فتنام آمنة بحضنه مطمئنة وأرى كهولا تحمل الأموات في الصدر النحيل وتسير من دهر الى دهر تتمتم : أرضنا تبقى ونبقى فوقها أو تحتها مثلما يبقى الرفات ، فلا رحيل الروح تهفو للمروج وللمدى فيخونها جسد كليل وأرى الجباه تشققت وبراعم الظمأ التي نبتت بأيديهم مبللة بدم الهديل هذا حمام ما أرى ؟ أم أنه غصن يلوِّح في السماء به القتيل؟ أم أنه جسدي يحلق في الحرائق ثم يهوي عاريا مشتعلا فتضيء جمرته بقارعة السبيل صبِّي عليَّ الماء يا أمي واحتضنيني وجففي قلبي بمنديل ظمأ وأري رؤوسا أينعت وبراعم الظمأ التي نبتت مبللة بدم الهديل هذا حمام ما أري؟ أم انه غصن يلوح في السماء به القتيل؟ لاصوت يعلو فوق صوتي فأنا رفيف جناحك المجروح ياأبتي وموال المواويل وأنا طفل فلسطين الجميل وانا الذي يبكي وينهض كي يصلي متوضئا من دمع روحه دمعك المسفوك ياروح قليل! ومعمدا أنهض ممسوحا بزيت القدس والعبق العتيق من الجليل وأنا الذي يمشي ووردة قلبه ظمأي أما ماء بدجلة يرويني؟ أما بالنيل؟! حجر ماكان يرجع لي في كل ليل طائر الأمل الضئيل فسحرته حجرا ورميته في وجه من قاموا علي من العسكر ورأيت منهم ماردا يعلو قليلا ثم يهوي مثل تمثال تكسر وأنا الوحيد الحي فوق هذي الارض كل من حولي تماثيل موت أمسكت شمسا في يميني والبدر في عينيك ياأمي وفي فجر حرمت بصيصه وحرمت أشرعة الاصيل وحرمت هذا الدر في وجه الصبية وهي راقدة بعرس المستحيل ودم الورود بصدرها جمر علي ناري كانت ستكبركي تعانقني واكبر كي أظلل فوقها فتجيء منها آيتي وصغاري لكنها مثلي ممددة قتيلة حبها ويلفها سعف النخيل ما أبرد البدر المسجي في جواري! للارض عرس قائم سأغيب عنه تزوجي غيري اذن فأنا السماء حبيبتي ودياري لا وجه يعلو فوق وجهي انني القنديل في سقف هذا الكون والنجم الدليل سأدلهم كي يقبلوا لمزاري وأنا طفل فلسطين الجميل لاصوت يعلو فوق صوتي سأقول: ما أبلغ موتي هذه الارض ستصغي لحواري. قيامة نوحي قليلا موت طفلك ياجميلة نوحي ولكن لا تطيلي ها دمي يروي فؤاد الارض كي تنمو خميلة اني أميل عليك يا أرض فميلي واعيديني الي حضنك كي أغفو لساعات قليلة أوطويلة ثم أصحو قائلا: حي أنا مامت يا أرض فقولي ============= فرانسوا باسيلي