أعطت الحكومة المغربية اليوم موافقتها على تعيين عبد الحميد عبداوي ، كسفير مفوض فوق العادة للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية لدى المملكة المغربية، حسب ما أورده اليوم الخميس بيان لوزارة الشؤون الخارجية. وكان الرئيس المؤقت للجزائر عبد القادر بن صالح بعد تعيينه من قبل البرلمان أجرى حركة تغييرات واسعة في السلك الدبلوماسي بتعيين سفراء وقناصلة في عدة بلدان من بينها المغرب.
و كان بن صالح أنهى مهام السفير الأسبق في المغرب محمد صلاح دمبري قبل أشهر وعيّن مكانه عبد العزيز بن علي الشريف المعروف بعدائه للمغرب.
وشكل السفير الأسبق دمبري قناة اتصال عاطلة بين الجارين المغاربيين، إذ مباشرة بعد دعوة الملك النظام الجزائري إلى خلق "آلية حوار بين البلدين"، تباحث وزير الشؤون الخارجية والتعاون ناصر بوريطة مع السفير بهذا الشأن وذلك"بعد عدة مبادرات، رسمية وغير رسمية، تم القيام بها، دون جدوى، على مدى عشرة أيام، قصد ربط الاتصال مع السلطات الجزائرية على مستوى وزاري"، بحسب ما ذكر بلاغ وزاري يومئذ كان مؤشر اعلى أن السلطات الجزائرية لم تكن تريد اذابة جبل الجليد بين البلدين في ظل التطورات الإقليمية.
وعرفت العلاقات الثنائية المغربية الجزائرية مطبات كثيرة منذ عقود، بدءا بحرب الرمال مرورا بتأسيس البوليساريو ودعمها عدة وعددا، لتدخل في حرب مع المغرب منذ منتضف السبعينات ، كان من اضرارها الجانبية لمؤلمة طرد الاف الأسر المغربية من الجزائر . العلاقات الثنائية بين البلدين عادت الى طبيعتها على عهد الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد نهاية الثمانينات قبل أن تأتي حادثة تفجير فندق أسني بمراكش سنة 1994 وتعيد الخلاف الى نقطة الصفر، بعدما كشفت التحقيقات ضلوع عناصر فرنسية من اصول جزائرية مغربية في التفجيرات ، زاد تأكيدها اعترافات كريم مولاي ضابط المخابرات السابق .
آخر المعارك الدبلوماسية بين البلدين وليس أخيرا، عندما قرر المغرب العودة للاتحاد الأفريقي في 2017 ، حيث اصطفت الجارة الشرقية لخصوم الوحدة الترابية للمملكة وعلى رأسهم جنوب أفريقيا وزمبابوي وجيشت في الكواليس للتصويت ضد المغرب ، غير انها فشلت وتمكن المغرب من العودة لمقعده بالاتحاد الأفريقي بشكل رسمي في30 يناير من لعام 2017 وهي العودة التي سبقتها الكثير من التحركات الدبلوماسية والاقتصادية في القارة على مدى سنوات.
وبعدها بأشهر خرج وزير الخارجية عبد القادر مساهل بتصريحت مستفزة وغير مسؤولة في نونبر من العام ذاته تجاه المغرب يتهمه فيها بتبييض الأموال في القارة السمراء.
تصريحات مساهل لم تكن الأخيرة فقد اعقبتها تصريحات أخرى لسياسيين ومسؤولين جزائريين وهي تصريحات تعامل معها المغرب بهدوء، مع احترام تام لقيم الأخوة والجيرة ، لعل تجليها كان بارزا في عناق الوزير المغربي ناصر بوريطة لمساهل في مطلع 2018. وزاد المغرب فاجأ الجيران عندما دعا الملك محمد السادس في خطاب ألقاه في نونبر من العام الماضي بمناسبة الذكرى ال43 ل"المسيرة الخضراء"، الجزائر إلى إعادة فتح الحدود المغلقة بين البلدين ، واقترح إنشاء آلية سياسية مشتركة للحوار والتشاور.
وأكد الملك في الخطاب ذاته انفتاح المملكة على المقترحات والمبادرات التي تتقدم بها الجزائر بهدف تجاوز الجمود في العلاقات بينهما.
لكن بعد كل هذا كان يأتي تعيين السفراء مخالفا لرغبة الشعبين الجزائري والمغربي، التي تجلت بعد فوز لاجزائر بكأس الأمم حيث حجت جموع مغربية للحدود لتهنة الأشقاء، بهذا الإنجاز صوتا وصورة حيث رايات الجزائر على مرمى حجر من نظيراتها المغربية .. وهو تقارب بين لا تخطئه عين المراقب غير ان الجزائر تدفع خلال سنوات الأخيرة ببعض دبلوماسييها المناوئين للمغرب لغرض في نفس يعقوب لعل ابرزهم السفير السابق عبد العزيز بن علي الشريف.
فهل ينجح عبد الحميد عبداوي القادم من الكويت في تبديد سوء الفهم الكبير بين البلدين الجارين ام يبقى الوضع على ما هو عليه ؟. سؤال كبير و الأيام المقبلة وحدها كفيلة بالإجابة عنه.