منذ العام 2017 شرعت وكالة الاستخبارات الأمريكية المعروفة اختصارا ب CIA في نشر مجموعة من الوثائق الحساسة حول النزاع في منطقة الصحراء المغربية، بداية بالصراع المغربي الاسباني وكواليس المسيرة الخضراء مرورا بالصراع المغربي الجزائري، وصولا إلى الحرب الطاحنة التي استمرت ل 16 سنة بين المغرب و جبهة "البوليساريو" المدعومة من طرف مجموعة من الدول ذات التوجه الاشتراكي منها دول افريقية و لاتينية (1975 - 1991). وآخر هذه الوثائق التي تم الكشف عنها مؤخرا، و يمكن أن نجدها في الموقع الرسمي ل CIA على شبكة الانترنيت، و التي أصبحت اليوم متاحة للعموم، مراسلة تعود تفاصيلها إلى العام 1979، و هي السنة التي توافق استرجاع المغرب لوادي الذهب، الذي يوافق 14 غشت من العام 1979، وتقول أن القوات المسلحة الملكية المغربية كادت أن تخسر الحرب لولا المساعدة التي تلقاها المغرب من طرف الولاياتالمتحدةالأمريكية و فرنسا و إسبانيا و المملكة العربية السعودية.
من المؤكد أن فرنسا هي أكبر دولة تدعم المغرب في مشكل الصحراء، و هذا يتضح اليوم بجلاء في اشهارها لحق الفيتو في مجلس الأمن في كل مرة تمس فيه مصالح المغرب، كما أن فرنسا تقف إلى جانب الرباط لمصالحها الاقتصادية وعلاقاتها العسكرية مع المغرب، ولعملهما في القارة الإفريقية، وتقول الوثيقة الأمريكية إن "فرنسا ضربت بنيرانها البوليساريو لحماية مصالحها في موريتانيا في صيف 1977، وفي مايو 1978 إثر اختطاف ستة رهائن لها في الزويرات. وهذه العمليات المحدودة والدفاعية ضد البوليساريو، جاءت بفعل دعم المغرب لاقتراح باريس القاضي بإنشاء قوة إفريقية".
ومن الطبيعي، أن يبقى الدعم العسكري الفرنسي للمغرب سريا، أما بالنسبة لمدريد، ففي إطار التوازن بين المغرب والجزائر، فهي تدفع وحدها ثمن الاتفاق الثلاثي الخاص بالصحراء في نونبر 1975، حين نادت في العام 1976، باستفتاء تحت رعاية الأممالمتحدة.
وتتعلق المصالح القوية لأمن إسبانيا، وبشكل وثيق، بالصراع بين المغرب والجزائر، وتخوفت مدريد من مسيرة خضراء تجاه مدينتي سبتة ومليلية، ودعمت الجزائر حركات انفصالية، وهو ما لم يسهل التعاون بين الإسبان والجزائريين.
لكن مدريد أصبحت حليفة قوية للموقف الأمريكي، منذ منتصف الثمانينات، بعد تحالف الحسن الثاني والقذافي، وعرضت التعاون العسكري مع إدارة ريغان، فيما أوقف الحسن الثاني منذ 1963، القواعد الجوية الأمريكية في المملكة، وأوقف في 1978 تسهيلات الاتصال البحري في القنيطرة.
وما إن عادت العلاقات إلى مجاريها بين واشنطنوالرباط، حتى رست سفن نووية في الموانئ المغربية، وتحولت المملكة إلى أهم منطقة للتدريب، وثاني منطقة بالنسبة للأمريكيين بعد ألمانيا، و"سور" أمام الشيوعيين.
وانتهى الوضع إلى مشاركة إسبانيا في مساهمة المغرب لتأمين جبل طارق، واستقرت المساعدات الأمريكية والغربية نحو المملكة، لكن أي طرف من الأطراف لم يدعم الحرب الشاملة بين المغرب والجزائر، بعد أن مثل الجانبان طرفي الحرب الباردة، فانتقل ملف الصحراء إلى مجلس الأمن، بعد فشل إقليمي في الوصول إلى حل.