باشرت القوات المسلحة الملكية بداية الأسبوع الجاري، الاثنين 8 أبريل، تنفيذ مناورة عسكرية وُصفت ببالضخمة عند الحدود الجزائرية لأجل اختبار مدى جاهزية الوحدات القتالية بمختلف فئاتها. وتشارك في هذه المناورة التي تحمل اسم "صاغرو" وحدات برية وجوية وتقام تمارينها التي تحاكي مواجهات حقيقية بالذخيرة الحية بين منطقتي تاغونيت بإقليم زاكورة وفم زكيد بإقليم طاطا أي عند الخط الحدودي مع الجزائر الواقع في الجنوب الشرقي للمغرب.
ولم يكن اختيار اسم "صاغرو" إلا لدلالة ما قد يكون الغرض منها تحفيز أفراد القوات المسلحة أو تمرير رسالة إلى الخارج.
هذا الجبل الذي تحمل المناورة اسمه يقع في الجهة ذاتها أي درعة تافيلالت وبالتحديد في إقليم تنغير ويصل ارتفاعه إلى 2592 متر.
وارتبط جبل صاغرو بمعركة بطولية خاضها أبطال الجنوب الشرقي ضد قوات المستعمر الفرنسي التي استعصت عليها هذه المنطقة.
كانت فرنسا الطامعة في استكمال السيطرة على أهم مناطق المغرب ترغب في اختراق قلاع قبائل آيت عطا الصامدة، وحاولت عسكريا لكنها فشلت فطلبت التفاوض وإنهاء مرحلة السلاح.
وعلى إثر تكبدها لخسائر فادحة، وجهت القيادة العسكرية الفرنسية رسالة إلى مسلحي القبائل يعرضون السلام ويعبرون عن رغبتهم في تجميد المواجهة المسلحة، لكن عسو أوبسلام قائدهم آنذاك كان رده أقوى مما يعتقدون، فقد قال لهم : "عليكم بالمجيء إلى هنا للبحث عن الجواب."
اختار عسو أوبسلام التحصّن مع رجاله في جبل صغرو لما توفره تضاريس المكان من حصون طبيعية ولموقعه الاستراتيجي الذي يسمح بالمباغتة والعودة إلى المواقع بسرعة.
ففي يناير 1933 قامت قبائل آيت عطا المصرّة على المواجهة رغم قوة وحجم العتاد العسكري الفرنسي ونهجت حرب العصابات، باغتت عدوها باقتحامات مفاجئة لمواقعه وقطعت عنه طرق الإمداد والتموين، فتطور الوضع في الشهر الموالي حين قام الجنرال كاترو بحشد القوات التي تحت إمرته وكذلك الجنرال جيرو وانطلقت المواجهات المباشرة عبر معارك في مناطق متفرقة بالمنطقة كانت الغلبة فيها لرفاق عسو أوبسلام.
ووصل الصراع المحتدم أخطر مراحله في شهر مارس من سنة 1933 ، عندما لجأت قوات المستعمر إلى استعمال أساليب وحشية هدفها إبادة العنصر العطاوي، وحاصرت المنطقة بمسلحيها ومدنييها لتجويع الجميع وفرض سياسة الأمر الواقع.
قاوم عسو أوبسلام بمعية أبناء القبائل المسلحين ورفض الاستسلام حتى إنهم نجحوا في قتل الجنرال بورنازيل وعدد كبير من الضباط والجنود.
بعد هذه الخسائر الفادحة ثارت ثائرة المستعمر وأصبح كالثور الهائج يضرب بكل أنواع الأسلحة وأشدها فتكا، كما أنه لجأ إلى الغارات الجوية بالطائرات مع إحكام الحصار الذي استمر 22 يوما إلى أن انتهى الأمر بالاتفاق على توقيع هدنة بين الطرفين ثم الجلوس حول طاولة التفاوض.
وانتهت المفاوضات باستسلام المقاومين رغبة منهم في الحفاظ على حيوات من تبقى من الأطفال والنساء العزّل وتم عقد اتفاقية تضمنت عددا من البنود.