كان لافتا خلال مشاركة الملك محمد السادس رفقة ولي العهد الأمير مولاي الحسن، بفرنسا نهاية الأسبوع الماضي، لتخليد الذكرى المئوية لهدنة 11 نونبر 1918، والتي أنهت الحرب العالمية الأولى، (كان لافتا) جلوسه في الصف الأمامي مع كبار رؤساء العالم على غرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، إضافة إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، علما أن رؤساء دول عريقة جلسوا في الصف الخلفي، يتقدمهم العاهل الإسباني فيليبي السادس، مما جعل ملك المغرب يخطف الأضواء سواء بحضوره الوازن أو بلباسه المختلف والمتميز، بعدما اختار أن يحضر بسلهام مخزني وعمامة سلطانية. وفي هذا الصدد، يقول الباحث محمد شقير إن الوضع المتقدم الذي حظي به الملك بروتوكوليا مرتبط أساسا بالدولة المضيفة وبعلاقة الملك محمد السادس بالرئيس الفرنسي ماكرون، حيث لعبت العلاقة بين الزعيمين السياسيين دورا كبيرا في تخصيص الصف الأول لملك المغرب، وأيضا بالنظر للعلاقات التاريخية التي تجمع بين المغرب وفرنسا، إضافة إلى أن فرنسا بحكم تاريخها السياسي وثقافتها هي قبل كل شيء "جمهورية ملكية"، وبالتالي فيبقى قائما الاحترام المتأصل داخل الجمهورية الفرنسية للأنظمة الملكية، فهي دائما تعطي اعتبارا ووزنا لكل ما هو ملكي وكل ما يرتبط بالأبهة.
ويبدو أن الأمر ليس بالجديد على فرنسا، فحتى الجنرال ليوطي عندما حل بالمغرب فقد حافظ على التقاليد السلطانية التي كان يعرفها البلد، وأكثر من ذلك قام ليوطي بدعم هذه التقاليد ولم يقض عليها، عكس ما حدث في الجزائر وتونس في حكم "الباي".
الملك محمد السادس كان متميزا أيضا على مستوى اللباس، ففي الوقت الذي اختار رؤساء الدول الحضور بلباسهم الرسمي الاعتيادي، اختار الملك أن يحضر بسلهام وعمامة سلطانية، ويقول شقير إن "شعور الملك أنه ضيف متميز جعله يختار لباسا تقليديا أو سلطانيا مخزنيا، وهو اللباس الذي ظل المغرب حريصا عليه منذ عهد السعديين، وهو لباس العمامة الذي يتضمن شارة خضراء تضم شعار المملكة، إضافة إلى السلهام الذي يعتبر لباسا خاصا بالسلاطين".
فظهور الملك بذلك اللباس لم يكن مسألة عفوية، بحسب شقير، بل نتيجة تهييء خاص لمن يشتغلون في البروتوكول الملكي، وهذا ما فرض على ترامب مصافحة الملك بطريقة خاصة، ومن المؤكد أن الأمور كانت مهيأة لها من الناحية البروتوكولية، في هندسة ترتيب الرؤساء، ولذلك حظي محمد السادس بمكانة بارزة وسط كل الشخصيات الوازنة داخل الهرمية السياسية العالمية، فتواجده بالقرب من ترامب وميركل وبوتين وماكرون كان في إطار ترتيب بروتوكولي خاص، ويؤكد أيضا أن بروتوكول البلد المضيف هيأ هذا السيناريو بشكل مسبق بهذا الشكل مركزا على المكانة الخاصة للملك، بحكم العلاقات الثنائية وطبيعة البروتوكول المخزني، وهو ما أعطى للملك مكانة بروتوكولية وسط كبار رؤساء العالم.